ملتقى وطنيّ بمتحف سطيف
مختصون يناقشون "التحركات القبلية والتحولات الديمغرافية في الشرق الجزائريّ"
- 710
أزيد من 20 محاضرة لأساتذة وباحثين في مجال التاريخ وعلم الآثار من مختلف جامعات الوطن، يجري تناولها ومناقشتها في أشغال الملتقى الوطني حول التحركات القبلية والتحولات الديمغرافية في الشرق الجزائري القديم والوسيط، والظروف والمسارات، والانعكاسات، والذي انطلق في سطيف، أمس، بمبادرة من المتحف العمومي الوطني بسطيف، بالتنسيق مع قسم التاريخ والآثار بجامعة “محمد لمين دباغين” (سطيف2)، وفرقة البحث ريف الشرق الجزائري في العصر القديم والوسيط.
بداية، كشفت الدكتورة شادية خلف الله مديرة المتحف العمومي الوطني بسطيف، عن أن منطقة ريف الشرق الجزائري عرفت تعميرا بشريا باكرا، من خلال الانتشار الواسع لمواقع ما قبل التاريخ، التي ارتقت، لاحقا، إلى تنظيمات صغيرة، تحولت إلى تجمعات قبلية، انتهت إلى تشكل أولى الكيانات السياسية كمملكتي الماسيل ونوميديا الموحدة، حيث شهد ريف المنطقة خلال الفترة الرومانية، تحركات قبلية نتيجة السياسات الرومانية، التي استهدفت إخضاع ثم تفكيك القبيلة وتهجيرها، مما أثر على انتشارها الجغرافي، ووعائها الديمغرافي، ما انعكس على الجوانب السياسية من خلال تلك الثورات والتمردات التي عرفتها المنطقة، بالإضافة إلى مجموعة من التأثيرات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية. ويهدف الملتقى، حسب المتحدثة، إلى التعريف بتاريخ ريف منطقة الشرق الجزائري خلال الفترتين القديمة والوسيطة، والاطلاع على أهم الحركات السكانية والتطورات الديمغرافية التي شهدها ريف الشرق الجزائري، بالإضافة إلى الكشف عن أهم العوامل والظروف التي تحكمت في نشاط الحركة السكانية ومساراتها بالشرق الجزائري، وإبراز الانعكاسات التي أفرزتها الحركات السكانية على الصعيد الحضاري.
ويشهد الملتقى مشاركة أزيد من عشرين أستاذا محاضرا يمثلون مختلف مراكز بحث وجامعات الوطن، بتقديمهم محاضرات، تصب كلها في الموضوع، متبوعة بمناقشات من قبل أخصائيين في المجال، تمحورت، أساسا، حول الإطار المفاهيمي والمنهجي، والعمق التاريخي والحضاري لريف الشرق الجزائري، من خلال المصادر الكلاسيكية والأثرية والطبيعة والتضاريس، ودورهما في تحديد مسارات الحركة السكانية في الشرق الجزائري، إلى جانب التحركات القبلية في بلاد المغرب عامة، وفي ريف الشرق الجزائري خلال العصرين القديم والوسيط، والهجرات الخارجية الوافدة، وتأثيرها على حركة وتمركز القبائل بالشرق الجزائري، بالإضافة إلى القبيلة وديمغرافية بلاد المغرب، وقراءات في طبيعة العلاقة ومنحى الصعود والتراجع، والظروف الاقتصادية والثقافية وتأثيرها في التحولات الديموغرافية بريف الشرق الجزائري، والصراعات الدينية والمذهبية، ودورها في نشاط الحركة السكانية.
وعرف اليوم الأول من الملتقى إلقاء 12 محاضرة، من بينها “القبائل القديمة لمنطقة الحضنة، تنقلاتهم الموسمية، أثرها على الجانب الاقتصادي للمنطقة”، للأستاذة سعاد سليماني من جامعة قسنطينة 2، التي أكدت فيها أنها من أهم القبائل القديمة التابعة لمنطقة الحضنة، جاء ذكرها في المصادر الأدبية والنقوش اللاتينية، وقبائل الموسيني التي ورد ذكرها في لوح بوتنجر بين سطيف والحضنة، ثم قبائل البقوانسيس المقيمين، ربما، جنوب نوميديا أو موريتانيا السطايفية بالقرب من شط الحضنة، بالإضافة إلى قبائل أباني وكابراريانساس القاطنة بجبال الكابراري بالحضنة، وقد تكون بجبال أولاد نايل، حيث تنتشر تربية الماعز، في حين استقرت قبائل جدالة بالمناطق الجنوبية لشط الحضنة، واشتهرت جلها بالترحال والرعي والبدو الرحّل، ولعبت دورا اقتصاديا من خلال تعزيز السوق الداخلية للحضنة.
وكشف الأستاذ عبد الحق مسعي من جامعة سطيف 2، عن أن قبائل الجيتول اشتهرت في المغرب القديم بكونها من الرعاة النموذجيين، يتنقلون، بشكل شبه دائم، على طول الأراضي الداخلية من السيرت الأصغر شرقا إلى المحيط الأطلسي غربا. وكان نمط معيشتهم القائم على البداوة والترحال، عائقا عن اندماجهم ضمن منظومة الحكم المركزي للممالك المحلية نوميديا وموريتانيا، لكن رغم ذلك نجد العديد من الإشارات بالمصادر القديمة، لمساهمتهم إلى جانب الملوك المحليين، في حربهم ضد الرومان.
ويُرتقب أن يشهد ثاني أيام الملتقى إلقاء ثماني محاضرات، منها “الهجرة الهلالية إلى بلاد الشرق الجزائري، دوافعها، وآثارها السياسية والاجتماعية (القرن 5/9هـ-11-15م)” للدكتور مرزاق بومداح من المدرسة العليا للأساتذة ببوزريعة، و«السلطة السياسية، ودورها في الاندماج القبلي بمجال المغرب الأوسط، في القرنين الثامن والتاسع الهجريين (14و15م)” للدكتور نبيل شريخي من المدرسة العليا للأساتذة “آسيا جبار” بقسنطينة، على أن تختتم فعاليات الملتقى بمناقشة عامة، وقراءة التوصيات.