القدس.. لم ترفع أقلامها ولم تجف صحفها
مدينة السماء محفور اسمها في ألواح الأزل
- 198
خُصّصت بـ"فضاء فلسطين"، أوّل أمس، منصة للكاتب الفلسطيني محمد نعيم فرحات للحديث عن "القدس.. مدينة لم ترفع أقلامها ولم تجف صحفها"، وصف فيها هذه المدينة بكلّ تجلياتها الروحية والتاريخية وبأنها خط تلاقي بين السماء والأرض.
أشار المتحدث إلى أنّ القدس ترسم نفسها في الوجدان والتاريخ، فهي لا تقع على نهر، ولا تطلّ على سهل خصيب، وهي ليست موقعا عسكريا حصينا، ولم تقم على طول خطوط التجارة وعرضها، لا في العالم القديم ولا في العالم الحديث، ولا ينطبق عليها أيّ معيار مألوف في تعريف المدن، لكنّها مدينة المعنى الشاسع الممتدّ من السماء إلى الأرض، التي لا تضاهيها أيّ مدينة أخرى في العالم عبر كلّ الأزمنة.
تشكّلت القدس على ضفاف السماء وعند تقاطعات الروحي مع الزمني، وهي آية لم ترفع أقلامها ولم تجف صحفها، كلّ ما فيّها يحيل إلى الأعلى، وكلّ ما في الزمن يحيل إليها، ليضيف "وهي من أبدع الشواهد على الغيب، من يمشي فيها يشعر بأنّه يتصفح بلاط السماء العظيم." كما اعتبر المتحدّث أنّ الانتماء للقدس لا يرتبط بالولادة فيها، فكثيرون هم الذين يشعرون بأنهم من القدس وأنهم يمتلكونها وتتملّكهم دون أن يولدوا فيها، ودون أن يتصفّحوا شوارعها وشرفاتها.
استحضر الكاتب مقولة إدوارد سعيد "إنّ الصراع على المعنى الرمزي هو جزء عميق من الصراع على التاريخ" كما أنّ القدس مذ وجدت هي أرض الصراع الضاري على التاريخ والمعنى الروحي معا، ووقف أيضا عند بعض الرموز الروحية منها المعراج إلى السماء من سيد الخلق، وهذا المعراج، حسبه، كان يمكن أن يكون مباشرة من مكة نحو السماء، لكنّه عرّج على القدس لقيمتها ورمزيتها كأرض مقدّسة وجامعة الأنبياء وهو ما تناوله محمود درويش حينما روى "كيف يقتسم الأنبياء تاريخ المقدس" داخل السور الذي يُسيّج المدينة، وعن لغة تولّدت من "حوار السماء مع القدس".
كما أوضح المتحدّث أنّ القدس وجه من العروبة الثقافية والروحية وعقد الشراكة المتواصل إلى الأبد بين المسيحية الشرقية والإسلام، تخوض اليوم صراع الحق أمام غباء وغطرسة القوّة مستشهدا بفكرة بوزن الطاهر لبيب من تونس حينما قال "إنّ فلسطين هي أخر معاقل العرب التاريخية"، وتحدث الأستاذ فرحات كذلك عن مكانة القدس وفلسطين في الوجدان الجزائري مستحضرا تاريخ سيدي بومدين الغوث.
شهدت هذه المنصة أيضا عدّة تدخلات منها تدخل الدكتور أمينة بلعلى التي قالت إنّ القدس ليست مرثية بل احتفالية تبقى في الأزل وهي قيمة عند كلّ مؤمن لا يزال يحيا بالقيم الفضلى، أما الشاعر الزبير دردوح صاحب ديوان "القدس" مهدى لطوفان الأقصى فقرأ بعضا من شعره قائلا: