بوعلام رمضاني يقدّم "إبادة غزة" بمكتبة "الاجتهاد"
مرافعة دولية عن قضية عادلة
- 351
استضافت مكتبة "الاجتهاد" بالعاصمة، الكاتب الصحفي بوعلام رمضاني لتقديم كتابه الجديد بعنوان "إبادة غزة... حصاد صحفي جزائري في باريس" عن دار "تدوين للنشر" الأردنية، بالتعاون مع دار "الأمير" الجزائرية. كما وقّع كتابه "محارب ثقافي اسمه جاك لانغ"، وسط حضور نخبوي مميّز، فتح مع المحاضر جملة من قضايا الراهن.
أكّد رمضاني أنّ كتابه الجديد لم تصدر منه سوى نسختين لقراءتهما في هذا الموعد بالجزائر، فيما سينزل الكتاب إلى السوق بعد 5 فيفري 2025، مع حضوره لبيعه بالتوقيع بالجزائر، علما أنّ الكتاب سيترجَم للفرنسية والإنجليزية كما كانت الحال مع كثير من كتبه.
وعن كتابه الجديد قال رمضاني إنّه يتضمّن أربعة حوارات، أغلبها لمفكرين ذوي أصول يهودية لكنّهم سجّلوا مواقف، ورفضوا ما يجري من إبادة للفلسطينيين أكثر من بعض المثقفين العرب، موضحا أنّ عمله يتضمّن أيضا، حوارات مع أسماء جزائرية، وغيرها، ومن كلّ التيارات السياسية والفكرية، مع شهادات بعض الكتّاب، منهم صالح حموري عن الجرائم، منها تلك الحاصلة بالسجون الإسرائيلية خاصة مع النساء والأطفال.
ووصف رمضاني مولوده الجديد هذا قائلا: "إنه كتاب حياتي. وأعتقد أنّه لا يوجد من هو أسعد مني الآن" .
وعن العنوان أكّد أن كلمة "إبادة" ممنوع استعمالها في باريس، وفي فرنسا كلّها. وهناك رقابة ناعمة مسلّطة على كلّ مثقف في هذا المنحى؛ حيث يرسَل له في كلّ لقاء ينظّمه هنا أو هناك، 5 أفراد يناقشونه، ويشوّشون عليه؛ كي يخمدوا صوته. ومع هذا قال رمضاني: " لا توجد مبادئ دون مجازفة "، معلنا عن أنّه لا يوجد كاتب ولا صحفي عربي في باريس كتب ما كتبه في هذا الكتاب عن غزة. وأكّد أن ذلك سيكلفه عقوبة هو مستعد لها تمام الاستعداد، خاصة حينما يترجم "إبادة غزة". وأشار رمضاني إلى أنّه ليس من الصدفة أن يكتب جزائري عن الإبادة، وأن تتم المقارنة بين الاستعمار الفرنسي والإسرائيلي، مؤكّدا أنّ بعض روّاد الفكر والثقافة الفرنسيين في القرن 19، أسّسوا للعنصرية، ودعوا للاحتلال، ولا يختلف خطابهم عن الخطاب الإسرائيلي اليوم. كما أوضح أنّه خصص فصلا من الكتاب لألبير كامو بعنوان "ماذا لو كان حيّا اليوم؟"، مستعرضا مواقفه الإنسانية، ودفاعه عن المظلومين والفقراء، لكنه في نفس اللحظة، اختار أمه فرنسا، وبالتالي لم يكن مناهضا للاستعمار.
ومن ضمن من تحدّث عنهم الكاتب، روني برومان ذو الأصل اليهودي، وهو يساري، ترأّس منظمة "أطباء بلا حدود" لمدة 12 سنة، وهو، اليوم، محاصَر من الإعلام الفرنسي نتيجة مواقفه مما يحدث في غزّة. وغيره من الشخصيات، والمقالات، والحوارات التي جمعها رمضاني طيلة سنة بجهده، وبماله الخاص، كاشفا عن أنّ مداخيل الكتاب ستُمنح لغزة. كما علّق على غلاف الكتاب الذي كتب فيه سامر حيدر المجالي، نصه، إلى جانب صورة للشهيد العربي بن مهيدي. ومن ضمن ما جاء فيه، أنّ ميزة هذا الكتاب تكمن في أنّه يقدّم الحقيقة من داخل المشهد. ويكشف ما آل إليه الواقع الإعلامي والثقافي في فرنسا منذ 7 أكتوبر 2023؛ فقد انحاز أغلب المفكّرين والمثقفين هناك، للطرف المعتدي، وتغاضوا عن الجرائم المنكرة التي يرتكبها الإسرائيليون في غزة يوما بعد يوم وساعة إثر ساعة. والمؤسف، كما جاء في الكتاب، أنّ الانحياز شمل نفرا من المثقفين العرب المقيمين هناك، منهم أسماء كبيرة، آثرت الحفاظ على مكاسبها الشخصية، وارتدّت على أعقابها، تاركة للتاريخ مهمة حسابها على هذا السقوط المريع. وجاء، أيضا، أنّ هذا الكتاب يحمل بعضا من روح الجزائر العظيمة، التي سارت على درب الشوك حتى الوصول إلى افتكاك الحرية والانتصار.
وأثناء النقاش الذي كان مطوّلا، عرض الكاتب بعض أعماله، منها كتابه عن المفكّر الفرنسي أندري ميكال عاشق العربية، الذي عرفه، وصادقه، وحاوره (توفي مؤخرا)، في حين همّشته الأوساط الثقافية الفرنسية، بينما ترك تراثا فكريا وثقافيا زاخرا، من ذلك ترجمته أمهات التراث العربي، وكذا شعر العتاهية، والمتنبي، والسياب، وألف ليلة وليلة، وكتابته هو لقصائد بالعربية.
وبالمناسبة، أمضى رمضاني بمكتبة "الاجتهاد" ، كتابه "محارب ثقافي اسمه جاك لانغ" ، الذي زار غزة. ولازم الثقافة العربية. ومازال يدافع عن معهد العالم العربي بباريس، ويمنع عنه الانهيار. وأغلق أبوابه بسبب تقاعس بعض العرب عن تمويله.
وسألت "المساء" الأستاذ رمضاني عن كلمة "الإبادة" وكيف عُدّت مصطلحا قانونيا جاء بعد الحرب العالمية الثانية لإدانة النازية وجرائمها ضد اليهود فقط، فردّ بأن كل القوانين توضع لخدمة الأقوياء والمنتصرين، لكن حرب غزة لا غبار عليها؛ فالعالم يرى أنها إبادة مكتملة الأركان.