الحظيرة الثقافية للأهقار بتمنراست

مساعٍ لتثمين الثروات المتنوعة

مساعٍ لتثمين الثروات المتنوعة
  • 930
ق. ث ق. ث

يقوم الديوان الوطني للحظيرة الثقافية للأهقار بتمنراست، بمساع حثيثة لإقحام كافة الفاعلين المحليين للمساهمة في جهود تثمين الثروات الثقافية المتنوعة التي يزخر بها هذا الفضاء التراثي والثقافي المفتوح على الطبيعة، كما أفاد بذلك مسؤولون بالديوان.   

يرى مدير الحظيرة محمود أمرزاغ في تصريح لوأج، أنه "بات من الضروري" انخراط الفعاليات الجمعوية المحلية في كافة مبادرات حماية محتويات الحظيرة، بما يساعد على تثمينها وضمان استدامتها؛ من خلال العمل جماعيا على مواجهة كافة أشكال الممارسات التي تضر بالممتلكات الثقافية والطبيعية للحظيرة بمختلف أصنافها. ويأتي هذا التوجه، كما أضاف، ضمن أولويات الديوان الوطني للحظيرة الثقافية للأهقار، وهي مساع تكتسي أهمية بالغة؛ على اعتبار أنها تضمن، سيما من خلال مبادرات التحسيس، المساهمة في تكريس شروط حماية ممتلكات الحظيرة. 

إقحام المجتمع المدني حتمية واستراتيجية

وضمن نفس الرؤية، يعتبر، من جهته، عضو جمعية منتدى "أتاكور" للترويج للثقافة والسياحة الصحراوية أمريوض البكاي، أن إقحام المجتمع المدني في مساعي حماية التراث الثقافي، يُعد ‘’حتمية واستراتيجية فعالة، ستساهم، لا محالة، في ضمان حماية هذا التراث من الاندثار، والعمل على ضمان استدامته؛ باعتباره يشكل أحد أهم عوامل بناء الهوية الوطنية’’.

وأشار مدير الحظيرة إلى أن الديوان بادر بإبرام اتفاقيات مع جمعيات ناشطة بالمنطقة، على غرار الاتفاقية مع منتدى "أتاكور"، الذي يساهم، بشكل كبير، في عمليات التحسيس بأهمية القيمة التاريخية والثقافية لمكونات التراث الثقافي بالحظيرة، وضمن جهود حماية الحظيرة الثقافية للأهقار، التي يندرج إنشاؤها ضمن الاستراتيجية الوطنية والعالمية للمحافظة على هذا التراث وتثمينه، أُنجزت بها هياكل للحماية، ورد الاعتبار لأخرى، إلى جانب إقامة مركز للدراسات والوصف التحليلي. واستُحدث أيضا في نفس المسعى، 50 مركزا للحراسة والمراقبة والإسعافات والاستعلامات على مستوى إقليم الحظيرة. كما أُنجزت عدة متاحف مفتوحة على الطبيعة، على غرار "تينهينان" و"تمنغاست" و"عين صالح" و"إدلس" و"مرتوتك". وبُرمجت عملية إنجاز وتهيئة مواقع أخرى، من بينها ‘’تهابورت’’ و’’تيت’’ و’’تقمارت’’.

وإلى جانب ذلك، وُضعت الإشارات الخاصة بالحظيرة. ورُكبت تجهيزات الطاقة الشمسية لفائدة المراكز، التي ستساهم بشكل كبير، في تدعيم العمليات والنشاطات الميدانية، على غرار عمليات الجرد، الذي يُعتبر من أولويات الديوان الوطني للحظيرة الثقافية للأهقار. ويحصي ديوان الحظيرة الثقافية للأهقار 493 عامل بإقليم الحظيرة، من بينهم 62 إطارا و388 عون حفظ، موزعين على 50 مركزا للمراقبة والإغاثة، تغطي، تقريبا، كافة أقاليم الحظيرة. 

جهود لمجابهة الأخطار 

يتعرض التراث الثقافي المنتشر عبر إقليم الحظيرة الثقافية للأهقار، لأخطار تجعله يقع تحت طائلة جملة من التأثيرات التي تلحق به عدة أضرار ناجمة عن عوامل طبيعية أو بشرية. وتُعد الأخطار الطبيعية التي يتعذر استدراكها، قليلة أمام حجم الأضرار التي يتسبب فيها الإنسان، والتي تشكل تهديدات ‘’حقيقية’’ لهذا التراث الثقافي، حسب مسؤول الحظيرة.

ويبرز من بين تلك الأخطار، طرق الاستغلال المفرط للخشب والفحم وجمع النباتات الطبية والعلفية؛ بغية الاتجار بها، إلى جانب عمليات نهب رمال الأودية وما ينجرّ عنه من إتلاف لنباتاتها، والتصرف في حجارة المعالم الجنائزية للعصور القديمة؛ بغية استعمالها في البناء، إلى جانب إنشاء محاجر ومقالع بشكل عشوائي، وما ينجر عن ذلك من خسائر معتبرة في تحطيم التراث. ويشكل استخراج المعادن من المناجم بشكل عشوائي وعدم تنظيم استغلال الأراضي لأغراض الزراعة والقيام بكتابات على الصخور التي تحمل نقوشا أو رسومات قديمة، إلى التسيير "غير العقلاني" للنفايات المنزلية، من التهديدات أيضا التي تواجه التراث الثقافي بهذا الفضاء، حسب مسؤول الحظيرة. وتقع الحظيرة الثقافية للأهقار التي تتربع على مساحة تتجاوز 633.887 كلم مربع، في قلب أكبر صحراء في العالم بإقليم ولاية تمنراست، وهي تزخر بثروات ثقافية وطبيعية هائلة نادرة وهشة، أثرية وثقافية، وحيوانات ونباتات ومناظر ومواقع طبيعية.

رموز تحتاج إلى تفسيرات علمية  

وتكتسي ثروات الحظيرة أهمية ثقافية وتاريخية كبيرة بالنظر إلى خصوصيتها، فضلا عن أنها قِبلة للباحثين المختصين في جميع المجالات وكذا السياح.

ومن بين أهم ما تحتضنه الحظيرة الثقافية للأهقار المواقع الأثرية الكبيرة التي تشهد على قدم وجود الإنسان، والتي تنتشر على شكل بقايا مشكّلة من آثار وأدوات حجرية، استُعملت من طرف الإنسان منذ حوالي 2،5 مليون سنة، إلى جانب الرسوم الصخرية والنقوش التي تنتشر على أسطح الملاجئ والصخور، منها آلاف النقوش والرسوم الحجرية (الفن الصخري) على هيئة تعابير فنية صخرية، تشرح حياة الإنسان آنذاك، والتي حاول فيها التعبير عن محيطه الطبيعي، وتفسيره بواسطة أساطير وأشكال رمزية لازالت تحتاج إلى تفسير علمي ودراسة عميقة. وتُعد الحظيرة الثقافية للأهقار فضاء للأبحاث العلمية في عدة مجالات؛ جيولوجية، وفي علم النباتات وعلم الحيوانات ما قبل التاريخ، والآثار وعلم الاجتماع الثقافي. وضمن اتفاقيات شراكة مبرمة مع الجامعات ومراكز الأبحاث، يشارك إطارات الحظيرة في برامج البحث والمهام العلمية والمراقبة والجرد. وأُنشئت الحظيرة بموجب المرسوم الرئاسي 87/231 المؤرخ في 3 نوفمبر 1987. وأعيد تسميتها بالديوان الوطني للحظيرة الثقافية للأهقار.