بمناسبة يوم الفنان

مسرح "بشطارزي" يكرم فرقا من الجنوب

مسرح "بشطارزي" يكرم فرقا من الجنوب
  • 1409
دليلة مالك دليلة مالك

أعلن المسرح الوطني الجزائري "محيي الدين بشطارزي" عن تكريم الفرق المسرحية من الجنوب الجزائري بمناسبة يوم الفنان الوطني، الذي يصادف 8 جوان من كل عام؛ من خلال برمجة خاصة لعروض من الجنوب الجزائري على المنصة الافتراضية بقناة يوتوب الرسمية، بالتفاعل على رابط الموقع www.tna.dz أو على صفحة فايسبوك من 7 إلى 20 جوان الجاري.

حسب المدير الفني للمسرح الوطني جمال قرمي، فإن هذا التكريم عبارة عن التفاتة واعية لما تقدمه جمعيات مسرحية وفرق بالجنوب الجزائري من مواقعها، لذلك ارتأى المسرح الوطني "محيي الدين بشطارزي"، أن يوصل أهم الأعمال المسرحية التابعة لسبع ولايات، إلى منصات المسرح الوطني الإلكترونية، خاصة أن من عادة المسرح تنظيم تظاهرة أيام الجنوب المسرحية في فصل الصيف، وهذا التكريم سيكون في العالم الافتراضي.

وأكد قرمي أن إلى جانب العروض، سيتم بث تصريحات فيديو لفناني الجنوب، وإعطاؤهم الكلمة للحديث عن واقع المسرح في الجنوب الجزائري، وفتح نقاشات حوله. كما سيتم تكريم بعض الأسماء المسرحية، بالإضافة إلى إقامة معرض للصور الفوتوغرافية مختارة من أرشيف المسرح الوطني.

وكشف المدير الفني عن المسرحيات المشاركة، ويتعلق الأمر بمسرحية "هجرو لمكان" لجمعية "صرخة الفن" من تمنراست، و"شكون يسمع لشكون" للجمعية الثقافية رواد الفن والمسرح من بشار، و«نزيف الذاكرة" لفرقة مديرية الخدمات الجامعية من الوادي، و"حكاية منبوذين" لجمعية "صحرا" للمسرح وفنون السمعي البصري من تندوف، و"الكر والفر" لجمعية "إيزلمان" لإحياء التراث الثقافي والصناعات التقليدية  لولاية جانت، وأخيرا "يانمار" للجمعية الثقافية "مؤسسة نجوم التمثيل ميزاب"، من ولاية غرداية.

اليوم الوطني للفنان تم إقراره من قبل الوصاية، وتم اختيار الثامن جوان من كل عام لمصادفته مع تاريخ اغتيال الشهيد الفنان علي معاشي؛ لما تحمل حياته من رمزية وطنية كبيرة؛ فقد ساهم بفنه في الثورة التحريرية، وقدّم أعمالا فنية مهمة.

وأُطلق على جائزة المبدعين الشباب اسم علي معاشي؛ فهو صوت غنى للوطن واستشهد لأجله وخلد اسمه في سجل العظماء، انجذب منذ صغر سنه للقصيدة الشهيرة "مولاة الحايك" لشاعر الملحون محمد بلطرش رئيس التكوين الموسيقي الأندلسي الذي أنشئ في 1929، هذا التكوين توسع بعد 20 سنة ليشمل الفن الشرقي والعصري. كما كانت له مساهمات في الرقص وسكاتشات وعروض مسرحية، وكان تابعا للحركة الوطنية، ويتردد عليه تلاميذ المدارس الحرة الذين كوّنوا فرقا في سنة 1953، وكان رئيس جوقها علي معاشي، والتي كانت تمتع الجمهور في سنوات الحرب بعروض هادفة، أساسها التوعية وإيقاظ الروح الوطنية.

بعدها استقل الفنان علي معاشي بنفسه، وجدد في مجاله؛ حيث وضع لمسته الخاصة، وأدخل النغمة الوهرانية الأصيلة التي أبدع في أدائها بصوته العذب، ونذكر منها "طريق وهران"، و"يا بابور" التي أداها وهو مسافر إلى تونس، و"مولاة الحايك" و"زايرت سيدي خالد" و"تحت السما" و"مازال عليك انخمم" و"الجزائر" و"أنغام الجزائر" المعروفة بلحن أخاذ يصف جمال الجزائر، وهي الأغنية التي أداها بعد "بساط الريح" لفريد الأطرش الذي ذكر كل البلدان العربية وتغنى بسحرها إلا الجزائر، وهذا لكون الشعب الجزائري غضب منه أثناء زيارته إبان الاحتلال، فبعد شكره الجمهور أبدى شكرا خاصا للسلطات الفرنسية على استضافتها له بالجزائر، وهذا ما هيج الحاضرين وأثار ضجة كبيرة في القاعة، وانتفض الجميع ثائرين على فريد الأطرش، فغضب هذا الأخير، وقرر الانتقام على طريقته، لكن نخوة الفنان علي معاشي وغيرته على وطنه جعلته لا يترك ركنا في الجزائر إلا وتغزل به، وهام في سحره في زمن كانت نار الحرب متأججة، فأقلق المستعمر وأوقد نار الحقد والكراهية بداخله، لا لشيء سوى لكونه تغنى بالوطن الذي عشق ترابه حتى النخاع، واستشهد من أجله في الثامن جوان 1958؛ حيث اقتاده العدو الغاشم عبر شوارع مدينة تيارت قبل أن يُعدم في ساحة كارلو سابقا..

بقتل علي معاشي ظنت فرنسا أنها دفنت الفن والثقافة الجزائرية، لكن خسئت وخاب ظنها، وها هو الفنان الشهيد حيّا يُرزق عند ربه، وحيا في ضمير الذاكرة الفنية، ويوم الثامن جوان من كل سنة هو اليوم الوطني للفنان، وهي ذكرى مزدوجة تشهد رحيل رجل عملاق، وبعثه للحياة من جديد من خلال ما تركه من أغان ثورية حماسية رائعة، كلها من إمضاء العندليب الشهيد علي معاشي.