"محكمة الغابة" اليوم بالمسرح الوطنيِّ
مسرحية استثنائية لذوي الاحتياجات الخاصة في عيدهم العالميِّ
- 280
تقدّم جمعية "مفاتيح الجنة" لمتلازمة داون برج بوعريريج، اليوم الثلاثاء، على خشبة المسرح الوطني الجزائري "محيي الدين بشطارزي"، عرضا مسرحيا عنوانه "محكمة الغابة" للمخرج عمار دامة، بمناسبة إحياء اليوم العالمي لذوي الاحتياجات الخاصة، الذي يصادف الثالث من ديسمبر، وبرعاية وزارة التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة.
تُعد مسرحية "محكمة الغابة" عملاً رائداً في مجال الفنون المسرحية. يشارك فيها أبطال من ذوي الاحتياجات الخاصة، استطاعوا من خلال هذا العرض، إظهار قدراتهم الإبداعية العالية في مجال الفن المسرحي. هذا العرض لا يُعدّ، فقط، عرضاً فنيًا، بل هو، أيضاً، إنجاز ثقافي وإنساني، يعكس الجهود المبذولة لدمج هؤلاء الأفراد في الحياة الثقافية والفنية، وإبراز قدراتهم الفائقة، وتحدي المفاهيم النمطية التي قد تكون موجودة عنهم في المجتمع.
"محكمة الغابة" ليست مجرّد عرض مسرحي تقليدي، بل هي ثمرة ورشة تكوينية مكثّفة، استمرت قرابة عام كامل، ولاتزال مستمرة، تحت إشراف الفنان المسرحي المبدع عمار دامة، الذي بذل جهوده لتطوير مهارات المشاركين، وصقل مواهبهم؛ ما ساهم في تقديم هذا العرض الذي يجسّد الجهد والعمل الجماعي لتحقيق أهداف فنية وإنسانية عالية.
وتفتح المسرحية الباب أمام تغيير النظرة التقليدية تجاه الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة؛ إذ تُظهر كيف يمكن الفنَ، خاصة المسرح، أن يكون وسيلة فعّالة لتمكين هؤلاء الأفراد، وتعزيز ثقتهم بأنفسهم. كما تسلّط الضوء على دورهم الإيجابي في المجتمع، وتحفّز على احترامهم وتقديرهم.
وتدور أحداث المسرحية في غابة بعيدة؛ حيث كانت الحيوانات تعيش في تناغم وتعاون، يحرص الجميع فيها على الحفاظ على السلام والوئام. لكن في أحد الأيام ينشب خلاف بين بعض الحيوانات، تحوّل إلى صراع كبير يهدّد استقرار الغابة. شعر زعيم الغابة، الأسد، بالخطر الذي يهدّد المملكة فقرّر دعوة جميع الحيوانات إلى محكمة طارئة. كانت الحكيمة العاقلة، إحدى الشخصيات البارزة في الغابة، هي المستشارة التي ستساعد في حلّ النزاع بطرق عادلة. في ساحة الغابة الكبرى، اجتمعت الحيوانات لبدء المحاكمة والبحث عن أسباب الخلاف وكيفية إعادة السلام إلى الغابة.
من خلال "محكمة الغابة"، يتم تعزيز فكرة الدمج المجتمعي والتعايش بين مختلف فئات المجتمع، إذ تسلّط المسرحية الضوء على أنّ الفن ليس فقط وسيلة للتسلية، بل هو أداة قوية للتواصل الفعّال مع المجتمع، خاصة عندما يتعلّق الأمر بإعطاء الفرصة للأفراد من ذوي الاحتياجات الخاصة لإبراز مواهبهم وإبداعاتهم.
هذا العرض لا يُعدّ، فقط، فرصة فنية للأطفال، بل هو رسالة أمل لجميع الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، مفادها أنّ لديهم القدرة على التأثير والإبداع في جميع المجالات. كما إنّ هذا العمل يُظهر كيف يمكن المسرحَ أن يكون أداة فعّالة لتطوير المهارات الشخصية والفنية؛ ما يسهم في بناء مجتمع أكثر تسامحاً وتفاهماً.
إنّ "محكمة الغابة" هي دعوة للاستمتاع بعرض مسرحي مميّز، يعكس التزاما حقيقياً بتحقيق المساواة والدمج المجتمعي. ويشجّع على تقدير وتفعيل دور الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة في كافة ميادين الحياة.