آث يني أرض حضارة وتاريخ
مشروع لحماية التراث المبني
- 758
استفادت بلدية آث يني المشكلة من 7 قرى مترامية على سلسلة جرجرة، التي تعد أرض حضارة وتاريخ، وأعطت للثقافة والثورة الجزائرية أسماء بارزة، من مشروع للحفاظ على تراثها، ويكتشف الزائر وهو يسلك الطريق الرئيسي المؤدي إلى وسط بلدية آث يني وكذا جميع القرى التي بنيت على طول هذا الطريق بعد بضع مئات من الأمتار، في مكان يسمى بابا حمزة، تمثال برونز موضوع على قاعدة من الصخور الخام والطبيعية المستخرجة من جبال جرجرة، رجل كتب من خلال عمله الأدبي والأنثروبولوجي، اسمه في مجال الثقافة والهوية الوطنية.
يذكر النصب التذكاري الذي يحمل صورة مولود معمري، ابن قرية توريت ميمون، الزوار أن هذه البلدة الصغيرة التي يزيد عدد سكانها عن 6500 نسمة، والتي تتشبث على ارتفاع 900 متر، انجبت اسما بارزا في الأدب والثقافة والأنثربولوجيا العرقية المتشبثة بهوية الألفية لبلده.
مع ذلك، فإن مؤلف ”الربوة المنسية” ليس الاسم الوحيد الذي تتباهى به آث يني، حيث أنجبت هذه البلدة أيضا رجال فن تجاوزت شهرتهم حدود البلاد، مثل المغنيين إيدير وإبراهيم إزري، والأخصائي في الإسلام والفيلسوف وأستاذ الجامعة وناشط الحوار بين الأديان، محمد أركون. والشهيد الدكتور ندير محمد ومجاهد وضابط في قطاع الصحة بالولاية الثالثة التاريخية مصطفى لليام. كما تعد آث يني تاريخا للفن، من خلال تحويل الفضة إلى مجوهرات مرجانية ترتديها نساء هذه المنطقة اللائي يشتهرن بجمالهن وتصنيع الأدوات والسكاكين والأسلحة النارية، وتزوير العملة النقدية. حول هذا النشاط الأخير ووفقا لشهادات جمعتها ”وأج” بعين المكان، كان حرفيو المنطقة يستنسخون العملة لدفع الضرائب المرتفعة التي كانت تشترطها السلطات التركية أنذاك.
ما زال الشاهد المادي لتزوير العملة النقدية متواجد بقرية آث الأربعاء، ويتعلق الأمر بالمسجد التركي الذي يمكن التعرف عليه من خلال أروقته، وهو معلم معماري لا يستخدم في منطقة القبائل. ويعد هذا المسجد التي عرفت به الجمعية المحلية ”تنمية تامورت” للزوار في أواخر أفريل الفارط، مكانا لإبرام اتفاق ودي بين سكان آث يني وداي الجزائر العاصمة، لوقف صنع العملة النقدية المزيفة التي أغرقت الاقتصاد أنذاك. قال رئيس جمعية التنمية المحلية والتضامن، سنهاج محمد، ”ترتكز هذه الحرف اليدوية بشكل رئيسي في قرية الأربعاء، معقل المجوهرات وكذا بآث لحسن التي اشتهرت بصناعة الحديد والأسلحة”.
مشروع نموذجي للحفاظ على التراث المبني والذاكرة الجماعية
خص هذا التراث المبني والذاكرة الجماعية بمشروع نموذجي للحفاظ على هذا التراث الغني والذاكرة الجماعية التي تنقلها، وفي هذا الصدد، قامت جمعية تنمية تامورت، بالتنسيق مع المنظمة ”إدي المتوسطية” والمجلس الشعبي البلدي، بإطلاق برنامج ”آث يني” منذ بضعة أيام من قريتي ”آث الأربعاء” و«آث لحسن”، مشروعا بعنوان ”آث يني، ذاكرة مشتركة للتراث المحلي”. قام حاملو هذا المشروع بتنظيم أول استطلاع للمواقع التي سيتم حمايتها، بحضور رئيس البلدية اسماعيل دغول ورؤساء لجان هاتين القريتين، وممثلي المجلس الشعبي الولائي ومديرية الثقافة التي تمثلها بوسعد هجيرة وبوعحدون نورة من مصلحة التراث الشريك في عملية تصنيف ”المواقع البارزة”.
يتم من خلال هذه الخرجات الميدانية - حسب رئيس جمعية تنمية تامورت محمد قمار- ”القيام بجرد للتراث المادي الذي سيكون من الممكن تصنيفه، حيث تم تحديد ثلاثين موقعا هاما في آث يني، بما في ذلك النافورات والمطاحن والقرى والمساجد والمعالم التاريخية الأخرى”.
بالإضافة إلى الحفاظ على التراث المبني، فإن الهدف الآخر لهذا المشروع هو ”دمج هذه الثروة في منظور التسويق الإقليمي والتنمية الاقتصادية المحلية، من خلال خلق أنشطة تضامنية وسياحية بديلة، وعن طريق تنظيم رحلات الاكتشاف”، أضاف السيد قمار. كانت خرجة الاستطلاع والتنقيب بقرية آث الأربعاء فرصة لزيارة جزء من هذا التراث المادي، على غرار المسجد التركي الشهير بالمكان المسمى ”جدي عمارة”، أين عاش رجل صالح وتجماعث ايماعوشن، حيث ينظم رجال القرية تجمعات لاتخاذ قرارات بشأن سكان القرية وخزان المياه، ومحل مجوهرات قديم والمنزل الذي أقام فيه بين سنتي 1913 و1914، عالم الأثنولوجيا الألماني ليو فروبينيوس، في إطار عمله حول المجتمعات الإفريقية.
لا زالت القرية تحافظ على بيوتها الحجرية القديمة، إلى جانب المباني الحديثة التي بدأت في غزو القرية، مساجدها شوارعها الضيقة المغطاة بالثغرات لترصد العدو، أبوابها القديمة من خشب البلوط، وهي عبارة عن بقايا حرفة كانت مزدهرة في المنطقة، هو في حد ذاته موقع يثير الفضول. يهدف مشروع ”آث يني... ذاكرة مشتركة لتراث محلي” إلى رفع مستوى وعي المواطنين للحفاظ على هذا التراث الذي يحمل ذاكرة جماعية، بالإضافة إلى السلطات المختصة بحمايته، كما قال السيد قمار، الذي أعلن عن أنه من المرتقب في إطار هذا المشروع، تنصيب لوحات لتعريف الزوار بهذه المواقع التي تعد جزءا من ذاكرة آث يني.
من بين ما يتضمنه هذا المشروع كذلك، إصدار دليل حول التراث المادي والتاريخي لآث يني، وتنظيم معرض متنقل سيجوب الجزائر وبعض الدول الأجنبية، وإعداد ملفات تصنيف المواقع التي سيتم تحديدها والتأشير عليها كمواقع ومعالم.
دار للسياحة والصناعة التقليدية
من أجل تثمين التراث المحلي
لتثمين هذا التراث الغني، استفادت بلدية آث يني من تسجيل مشروع دار للحرف والسياحة، ستحتضن كذلك متحفا للحلي التقليدية من الفضة والمرجان الخاص بالمنطقة، فضلا عن فضاءات لبيع وورشات صناعة المجوهرات، وفق ما ذكره لـ«واج” رئيس البلدية، الذي أوضح أنه تم مؤخرا إطلاق صفقة لتعيين مؤسسة الإنجاز.
قال السيد دغول بأن مشروع ”آث يني، ذاكرة مشتركة لتراث محلي”، سيسمح ”بإعادة إحياء المواقع والآثار والشخصيات في بلديتنا، ويحيي السياحة في المنطقة”، معلنا في السياق، عن استحداث جولات سياحية حول هذه الآثار على غرار ”جولات راجلة للينابيع والنافورات” و«طرق القرى” التي ستدمج المواقع التي سيتم تصنيفها في إطار هذا المشروع.
يعتبر تكوين خمسة مرشدين سياحيين، في إطار هذا المشروع الذي بادرت به جمعية تنمية تامورت جد هام، باعتبار أن هؤلاء المرشدين المستقبليين سوف يتولون مسؤولية الجولات السياحية، لإطلاع السائحين على المواقع التي يزورونها، مع تزويدهم بالشروح والتفسيرات اللازمة، وفق ما أضافه المتحدث.
❊ ق.ث