مصباح واسماعيلي تحاضران بمركز علم البحث في الآثار
معا لأجل حماية التراث الفلسطيني من التهويد
- 433
بغية إحياء التراث الفلسطيني، نظم المركز الوطني للبحث في علم الآثار، نهاية الأسبوع الماضي، محاضرتين قدمتهما الدكتورتان نجمة مصباح وتسعديت اسماعيلي، بالإضافة إلى معرض يضم صورا وكتبا ومطرزات تخص هذه فلسطين الجريحة.
بداية، أكدت مديرة المركز الوطني للبحث في علم الآثار، الأستاذة أمال سلطاني، مساهمة المركز في حماية التراث الفلسطيني، الذي يعاني من حملات طمس وإقصاء من طرف الكيان الصهيوني، ولو بقدر قليل، متمثل في تنظيم محاضرتين ومعرض. لتقدم بعدها الدكتورة تسعديت اسماعيلي مداخلة بعنوان "استغلال الكيان الصهيوني لعلم الآثار، لتحقيق أهدافه الجيوسياسية والإيديولوجية في أرض فلسطين"، قالت فيها، إن تنظيم الكيان الصهيوني لحفريات بفلسطين، مرده البحث عن بقايا أثرية يهودية، قد تشكل دليلا أو شاهدا على وجود تاريخ لليهود في القدس، خاصة المتعلقة بوجود الهيكل الأول أو الثاني، لنسج رواية استعادة بناء الهيكل الثالث المزعوم. وكذا استحداث تاریخ عبري موهوم عبر إدعاء ربط الموجودات الأثرية في الفترة العبرانية بالقدس.
وأضافت الدكتورة، أنه من بين أهداف هذه العمليات، طمس وتدمير الآثار الإسلامية والعربية العريقة التي تشكل الدليل الحقيقي على الحضارة العربية والإسلامية العريقة في القدس، وجلب باقي اليهود إلى الأرض الموعودة وبناء مدينة يهودية تاريخية، تعويضا منهم عن عدم العثور على بقايا وأدلة على الهيكل المزعوم.
أما عن المخاطر المترتبة عن هذه الفعلة، أشارت اسماعيلي إلى التدمير الممنهج للكثير من الآثار الفلسطينية، فوق الأرض وتحتها، بالإضافة إلى هدم طبقات أثرية تمس كل الفترات الإسلامية والعثمانية، وكذا إحداث تشققات وهدم في جدران وأرضيات ومباني المسجد الأقصى، وتحويلها إلى منشآت استيطانية تهويدية تخدم المشروع الصهيوني، حيث باتت الكثير من الأنفاق تحتوي على كنس يهودية ومزارات توراتية تلمودية.
وتابعت المتدخلة، أنه في السنوات الأخيرة، تسببت الحفريات بأضرار كبيرة في هياكل وأساسات المنازل الفلسطينية، خاصة في منطقة سلوان. علاوة على حدوث انهيارات أرضية في قطاع عين الحلوة، مثل انهيار ملاعب ومواقف سيارات وأراض تابعة للكنيسة الأرثوذكسية اليونانية. كما أدت الحفريات العشوائية إلى إلحاق الأضرار بالمباني السكنية في الأحياء المجاورة، ما أدى إلى ترحيل 25 عائلة في 2017.
أما الدكتورة نجمة مصباح، فقد قدمت مداخلة موسومة بـ«التراث الفلسطيني في ظل مخاطر التهويد وطمس الهوية"، أكدت فيها امتلاك الشعب الفلسطيني لحضارة عريقة وتراث فني كبير، يدل على هويته الثقافية والسياسية في آن واحد، من حقه الاعتزاز بها. وأضافت أن هذا التراث لعب دورا هاما في تعميق الشعور بالانتماء إلى الوطن والتاريخ للفلسطينيين، ليقوم اليهود بمحاولات طمسه وتعتيمه، عبر ممارسات تهدف إلى تهويده أو إضفاء الصبغة الإسرائيلية على هذا التراث، وكذا إلغاء فلسطينيته وعروبته وإضعافه ومحوه، بهدف خلق صلة بين اليهود والأرض وكسب الاعتراف العالمي بها، ومن جهة أخرى، إضعاف العلاقة بين الشعب الفلسطيني وبين أرضه، بل بترها كليا وقطعيا.
وقدمت مصباح في ورقتها أمثلة عن معالم تاريخية تعرضت للهدم بعد "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر الماضي بغزة، وعددها 200 معلم من بين 325، من بينها المسجد العميري الذي يعود تشييده إلى عهد الخليفة عمر بن الخطاب، وكذا قصر الباشا ومسجد السيد هاشم، وحمام السمرة الذي يقع في حي الزيتون والوحيد المتبقي من الحمامات التاريخية بغزة.
وتحدثت الدكتورة عن الانتهاكات المتواصلة على المسجد الأقصى وقبة الصخرة، والمتحف الفلسطيني الذي تم تحويله إلى متحف صهيوني، لتنتقل في مداخلتها إلى موضوع تعدي الصهيون على الزي التقليدي الفلسطيني وتحويله إلى يهودي، حيث تقوم عارضات أزياء إسرائيليات بارتداء الزي الفلسطيني في مسابقات ملكات الجمال، والإدعاء بأنه زي يهودي، نفس الشيء بالنسبة للأكلات الفلسطينية.
أبعد من ذلك، حتى شجرة الزيتون الموجودة في بيت لحم، تحديدا بقرية ولجة التي يعود عمرها إلى 5500 سنة، لم تسلم من انتهاك الصهاينة، خاصة أنها تعد رمزا من رموز المقاومة، مثل الكوفية، وحتى فاكهة البطيخ، لحملها ألوان العلم الفلسطيني. كما منعت سلطات الاحتلال عبر قانون سنته عام 2005، من زرع نبتة الميرامية، لأنها تساعد على زيادة خصوبة الفلسطينيات. وتطرقت أيضا إلى رموز أخرى لفلسطين، مثل رسمة ناجي العلي "حنظلة"، ومفتاح العودة الذي يمثل الأمل في العودة إلى الديار والمطالبة بالممتلكات المفقودة.
أما عن المعرض المنظم بهذه المناسبة، فقدمت نجمة مصباح للحضور معلومات عنه. ويتشكل من لوحات عن فلسطين، من خلال لوحة عن الخرائط التاريخية لهذا البلد، ولوحات أخرى حول الدمار الذي لحق بالمعالم التاريخية منذ أكتوبر 2023، بالإضافة إلى عرض كتب وأطباق تقليدية ولوحات أخرى عن الألبسة التقليدية ومطرزات جميلة.