صدور مذكرات المجاهد زرق العين قدّور

معالم من أمجاد الثورة بالونشريس الأشمّ

معالم من أمجاد الثورة بالونشريس الأشمّ
  • القراءات: 387
 مريم. ن مريم. ن

 صدر كتاب "مذكرات المجاهد زرق العين قدّور" للمؤرخ الدكتور لخضر سعيداني، مؤخرا. ويتضمّن بعضا من تاريخ الونشريس بالناحية الأولى من المنطقة الثالثة بالولاية الرابعة. وقد حرص المجاهد زرق العين على تقديم شهاداته الحية، وسيرته الشخصية؛ لتبقى محفوظة لأجيال الغد.

أشار الدكتور سعيداني خلال اتصاله بـ«المساء" ، إلى أنه لم يكن بالإمكان تجاهل رغبة المجاهد الحاج قدور في كتابة سيرته للأجيال وقد ناهز التسعين وثلاث سنوات. كما أوضح الكاتب قائلا: "لقد كان إصراره وقودا لرغبة جامحة انتهت بهذا النص، الذي يحاول أن يضيف ما يمكن إضافته لمشروع تاريخ الونشريس، الذي انطلقنا فيه منذ زمن؛ أطال الله في عمر الحاج قدور، والمجد والخلود للشهداء.
ورأى الدكتور سعيداني هذه الخطوة تجربة مفيدة عاشها أثناء تسجيل شهادة المجاهد زرق العين قدّور المدعو "حميد" ؛ فقد سمحت له بالوقوف على أحداث مهمة في تاريخ الونشريس بالناحية الأولى من المنطقة الثالثة - الولاية الرابعة.
وأكد محدث "المساء" أن زرق العين قدور نشأ كسائر الجزائريين، في بيئة عانت من ويلات السياسة الرهيبة للاستعمار؛ الأمر الذي أدى به للانتقال نحو متيجة للعمل من أجل مساعدة والده. وسرعان ما صمّم على الهجرة نحو فرنسا، وهذا ما سمح له بالوقوف على واقع من نوع خاص عبر معايشة ظروف العمال الجزائريين عن قرب.
كما كانت العودة إلى الجزائر بالنسبة لزرق العين قدّور، إيذانا بمرحلة جديدة، حسب الدكتور سعيداني؛ إذ ستكون فاصلة على المستوى الشخصي؛ فنتيجة للصراع مع حارس الغابة والذي انتهى بالتخلص من هذا الأخير، أصبح "حميد" مطلوبا من السلطة الفرنسية، وهنا أشار المتحدث إلى أن " هذه الظاهرة تمثل نموذجا فريدا مما اصطُلح عليه "عصاة الشرف" ، والتي تعني الخارجين عن قانون السلطة الفرنسية ".
وأوضح الدكتور سعيداني أن تجربة الخروج عن سلطة الاستعمار، سهّلت اندماجا موضوعيا بالنسبة لرجل تحدى حارس الغابة، فكان زرق العين قدّور شاهدا على تشكُّل أولى أفواج جيش التحرير بالمنطقة التي شهدت أولى المعارك في "قرعة موت".
كما إن أغلب العمليات التي رواها "حميد"، كما أضاف المتحدث، كانت ضمن إقليم الناحية الأولى، وصولا إلى مناطق بعيدة نسبيا؛ مثل بني بوعتاب، وبني بودوان؛ فقد عمل في البداية، مسؤولا للمؤونة، ثم مسؤول مركز لوقت قصير، فمحافظا سياسيا، ثم انتقل، أخيرا، للعمل ضمن القسم الثالث بالناحية الأولى، وهذا ما سمح له باكتساب تجربة فريدة على مدار سنوات الثورة؛ فقد عايش الحرب في الجبل كما عايش نظام العمل الفدائي بالمدينة بعد تفكيك الكتائب.
وأكد الدكتور سعيداني أن العمل على تدوين هذه الشهادة كان على فترات مختلفة، مضيفا: "حاولنا من خلالها ترتيب المسار الثوري للرجل من خلال استنباط أكبر قدر من المعلومات. كما أخذنا ببعض التسجيلات السابقة التي دعّمت العمل؛ من أجل تحدي عوامل نسيان السنوات، وملامح الرفقاء في الصور، وتقدُّم الحاج قدور في السن ". كما أوضح: "هذه العوامل وأخرى متعلّقة بالإشكاليات المرتبطة بدور الذاكرة في كتابة التاريخ وطبيعة العلاقة بينهما، لم تقف عائقا أمام حرص الحاج قدور على تدوين مآثره للأجيال القادمة؛ من أجل جزائر المستقبل التي ضحى من أجلها الشهداء، ولسان حاله في ذلك أن ما رواه لا يخصه وحده، بل هو مجد خالد لأولئك الذين خاض معهم شرف الجهاد" .
ورأى المتحدّث أن الشهادة الشفوية كمصدر للتاريخ تُعدّ تعبيرا عن لحظة تطابق بين الواقعة التاريخية ولحظة البوح بها، وهي، بذلك، تحقق خصوصية التاريخ الراهن.
للإشارة، تأتي مذكرات المجاهد زرق العين قدور في إطار جهود الجمعية التاريخية "أصدقاء باب البكّوش" التي يرأسها الدكتور لخضر سعيداني؛ حيث تعمل على ترقية البحث التاريخي والجهد الثوري بمنطقة الونشريس