الفنان محمد ملياني لـ"المساء":

معرضي دعوة للاعتناء بالأمهات والطبيعة

معرضي دعوة للاعتناء بالأمهات والطبيعة
  • 897
 لطيفة داريب لطيفة داريب

رحلت والدته وتركت خلفها الكثير من الذكريات وفي مقدمتها ابتسامتها الدائمة وحبها الكبير لبستانها، فخلدها بمعرض للفنون التشكيلية أبرز فيه قوة التفاؤل في تحقيق المستحيل وجمال الطبيعة التي أبدع الله في صنعها، وقدم لهذا المعرض الذي يدوم إلى غاية الرابع من شهر أوت المقبل برواق عائشة حداد، عنوان: "تكريم لأمي، ابتسامة وطبيعة". هو الفنان محمد ملياني الذي التقت به "المساء" على هامش معرضه التشكيلي بعد غياب لـ28 سنة، فكان هذا الموضوع:

«حافظوا على والداتكم، اعتنوا بهن قبل فوات الوقت، هن عماد الأسرة وروحها التي لا تنضب"، هن رسالة الفنان محمد ملياني، التي يقدمها عبر معرضه هذا الذي يقدم فيه لوحات زيتية ومائية، رغم تخصصه في الفنون التطبيقية والفنون الإسلامية، وهو المتخرج الأول في دفعته سنة 1987 بالمدرسة الوطنية للفنون الجميلة، إضافة إلى دراسته الزخرفة الإسلامية بإسبانيا.

الفنان قال لـ«المساء"، إنه عاد إلى الرسم الزيتي والمائي بعد غياب دام 28 سنة، مشيرا إلى رغبته في تقديم معرضه هذا بهاتين التقنيتين وكذا اعتماده على أسلوبيّ الواقعي والانطباعي لكي يكون اقرب إلى الجمهور الذي يبحث عن الرسائل المباشرة، خاصة أنه يبتغي وبكل قوة التأكيد على قدرة الابتسامة في تغيير الكثير، كيف لا وهي التي تضيء حياتنا وتدفعنا إلى التسلح بالتفاؤل والمضي قدما بدون هوادة، مضيفا أن للطبيعة أيضا نصيب في معرضه، كيف لا وهي التي شكلت قلب اهتمامات والدته الراحلة.

ويعود تلميذ مصطفى بن دباغ إلى الابتسامة التي قال إنها كانت تحتل مكانة كبيرة في حياة الجزائريين، رغم كل المآسي التي مروا بها، ليتحسر على شبه غيابها عن حياتنا اليومية في زمن أصبحت العصبية، عنوان لها، كما دعا الجزائريين إلى الاهتمام بالأجداد الذين يملكون الحكمة والنظرة الثاقبة للحياة، خاصة أن نسبتهم قليلة مقارنة بفئة الشباب.

هل سيتوقف الفنان عن رسم اللوحات الزيتية والمائية بعد أن غادرها لمدة تفوق 28 سنة؟ "لا"، ويضيف: "عودتي هذه، لها طعم رائع، أريد مواصلة هذا المشوار والمضي في هذا الطريق الذي تخليت عنه بحجة غياب الوقت، باعتبار أنني مدرّس الفنون الجميلة بمتوسطة ببلدية حسين داي".

صدر للفنان كتاب "المعجم الكافي لشد عضد الحرفي" وهو أول كتاب صدر بعد الاستقلال حول الزخرفة الإسلامية، قدم فيه حوارات مع أعمدة الفن في الجزائر، مثل مصطفى بن دباغ الذي قال إنه تعلم عنه الكثير خاصة من ناحية أخلاقه، ويعد هذا الكتاب مرجعا للفنانين والباحثين، وتحصل محمد بفضله على النجمة الذهبية الدولية في النوعية في جنيف سنة 2000.

اختار الفنان أن يقدم عدة لوحات عن الابتسامة، من يبينها رسمة لشيخ بوسني راقت له فرسمها لتحقق نجاحا كبيرا على الفايسبوك بعد أو وضعها طلبته على شبكة التواصل الاجتماعي، كما رسم ابتسامات صريحة لأناس يضحكون للحياة ولا يبالون بمشاغلها، كما لم يهتم بتقديم تفاصيل الوجه أو حتى تقديمه بشكل جميل، بل كل ما همه هو إبراز الابتسامة علها تكون معدية لكل من يقف أمام لوحة من لوحات الفنان.

رسم الفنان لوحات: "ابتسامة طفل"، "ابتسامة إفريقية"، "ابتسامة شباب"، "ابتسامة كهل"، كما رسم عدة لوحات عن الطبيعة مستعملا بكثرة اللون الأزرق الذي يعشقه، فها هي لوحة "زرقة البحر الأبدية"،  حيث تتلاطم الأمواج بشكل فني، حينما لا يشعرك هذا الهيجان بضيق بل يضفي عليك السكينة، لوحة أخرى لا ندرك إن كانت زرقتها سماء أو بحر. كما رسم الفنان لوحة "حمام ملوان" التي رسمها مثل سابقاتها بالأسلوب الانطباعي، وأضفى عليها اللون الأخضر، وفي هذا قال بأنه يطلب من أبنائه التقاط صور لمناظر طبيعية، ومنه يرسمها.

ولم يترك الفنان حبه الكبير للفنون الإسلامية، فرسم ثلاث لوحات، واحدة مزج فيها الزخرفة برسمة عن مسجد، أما الثانية ففعل نفس الشيء، ولكن هذه المرة حول "الحسون" والثالثة من الحجم الكبير الذي تخصص فيه الفنان وقدم لها عنوان: "الأشكال الهندسية المتماثلة".

كما استعمل الفنان أيضا تقنية الفن المائي، مثل لوحة "امرأة ترقية"، ورسم مواضيع أخرى عن القصبة والفروسية والفنون والتراث والتقليدية.

وسبق للفنان القيام بمعرض لبعض تلامذته بالمؤسسة المدرسية والذين تتراوح أعمارهم بين 11 و15 سنة، بالمركز الثقافي مصطفة كاتب، وفي هذا يقول: "اتصلت ببعض أولياء طلبتي وطلبت منهم تشجيعهم لالتحاق بمقاعد مدارس الفنون الجميلة، ومنه مواصلة الدراسة إلى غاية الحصول على الدكتوراة في سن قد لا يتجاوز 27 سنة، وهكذا سيجدون عملا في مصالح وزارة الثقافة، كما أذكر أن الفنان وأستاذي دينيس مارتيناز أعجب بهذا المعرض".

في المقابل، شارك الفنان في تكريم الفنانين بن شريفي وسكندر من خلال أعمال في الفنون التطبيقية، ليؤكد أنه يسعى إلى تعليم الأطفال التقنيات البسيطة، كما دعا إلى فتح مدارس لتعليم الفنون والحرف.a