تحتضنه المكتبة الرئيسية للمطالعة بالوادي

ملتقى حول "التراث الثقافي المخطوط"

ملتقى  حول "التراث الثقافي المخطوط"
  • 521
لطيفة داريب لطيفة داريب

«التراث الثقافي المخطوط، أهميته وسبل حمايته من الكوارث والمخاطر والأزمات"، هو عنوان الملتقى الوطني العلمي الذي تنظمه المكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية "المجاهد الدكتور محمد الطاهر العدواني" لولاية الوادي والمركز الوطني للمخطوطات، بالتنسيق مع كلية العلوم الاجتماعية والإنسانية لجامعة الوادي، يومي 13 و14ماي الجاري.

جاء في ديباجة الملتقى، أن المخطوطات تعتبر واحدة من أهم الثروات الإنسانية، وأحد مصادر النتاج الفكري الذي خلفته الأمة العربية الإسلامية، وهي بمثابة وثائق أثرية حضارية موروثة من السلف، فالمخطوط بذلك، لا يعدو عن كونه وعاء فكريا يحوي معالم تراث الأمة وأصوله عبر الأجيال، ويحفظه من كل تزييف أو تحريف أو تشويه، كما أنه انعكاس لتطور حركة التدوين والتأليف في مختلف المجالات، وما وصلت إليه من تطور عبر مختلف العصور.

ولأهمية المخطوط البالغة، أضحت مسألة العناية به وطرق الحفاظ عليه من المسائل التي اهتم بها الباحثون والعلماء والتقنيون، على اختلاف تخصصاتهم، قديما وحديثا، ومن جهة أخرى، تفرغ باحثون آخرون لمسألة إخراج تلك الكنوز إلى النور، ونفض الغبار عنها، وإيصالها للمهتمين من خلال دراسات التحقيق، فحافظوا بذلك على ذاكرة الأمة، وربطوا أجيال اليوم بماضيهم.

ولا شك في أن الجزائر باعتبارها بلدا عريق الحضارة، تليد التاريخ، تنام على خزان هام من المخطوطات في مختلف التخصصات، لاسيما ما يتعلق بالمعارف الإنسانية، غير أن عملية تحقيق تلك المخطوطات من قبل الباحثين لا يمكن لها أن تغطي ولو بنسبة قليلة، الكم الهائل لعدد المخطوطات المتناثرة هنا وهناك، بين رفوف المكتبات الخاصة والعامة الشعبية والرسمية، وخاصة منها مخطوطات الزوايا والمدارس القديمة والمساجد العتيقة ومخطوطات العائلات العريقة، التي تقطن الحواضر العلمية الكبرى، كالجزائر وتلمسان وبجاية وقسنطينة وتوات وغيرها.

لهذا، فإن هذا التراث الضخم والثمين أصبح مع مرور الزمن، أكثر عرضة للفناء أو التلف أو الضياع، نتيجة أسباب عديدة، منها الطبيعية، كالرطوبة والحرارة الشديدة والغبار والتعرض لبعض الحشرات الضارة أو الفيضانات والزلازل والعواصف وغيرها، ومنها البشرية، كالإهمال والسرقة وسوء الحفظ وغير ذلك.

إن حدوث الكوارث والمخاطر والأزمات والحروب ونحوها، يهدد التراث المخطوط ويعرضه للإتلاف والضياع، ناهيك عن عمليات السرقة المنظمة التي يتعرض لها التراث المخطوط في الجزائر من قبل الغزاة، والذين تحطمت آمالهم على صخرة الصمود والنضال والمقاومة، ولم يبق لهم غير النهب والسرقة والإفساد في الأرض، كدليل على ذلك، ما قام به الاستدمار الفرنسي من نهب المخطوطات وسرقتها طيلة فترة احتلاله، ثم إقدامه عشية الاستقلال على إحراق مكتبة الجامعة المركزية ونهب مخطوطاتها، وكل تلك المخطوطات أصبحت في أيدي المستشرقين الذين عكفوا على استخراج كنوزها، بغية الاستفادة منها من خلال فهم العقل العربي عموما، واستغلال إنجازاته الحضارية، ثم الوصول إلى فهم طرق تفكيره ومن ثم التحكم فيه.

وعلى ضوء ذلك، يطرح هذا الملتقى الإشكال التالي "فيم يتمثل التراث الثقافي المخطوط في الجزائر وأين تكمن أهميته؟ وما هي المخاطر والكوارث التي تهدده؟ وما الآليات والسبل الكفيلة لحمايته؟"، أما المحاور الأساسية للملتقى فهي "أهمية التراث الثقافي المخطوط ودوره في الحفاظ على تاريخ الوطن وهويته"، وكذا "التراث الثقافي المخطوط في ظل الكوارث والمخاطر (مفاهيم ومصطلحات عامة. المخاطر الطبيعية والكوارث الإنسانية والأزمات السياسية التي تهدد التراث الثقافي المخطوط)"، بالإضافة إلى محور "آليات حماية وحفظ التراث الثقافي المخطوط من مختلف المخاطر والكوارث ودورها في الحفاظ على التراث المخطوط".

بالمقابل، حُددت الأهداف العلمية للملتقى، في التأكيد على أهمية التراث الثقافي المخطوط، باعتباره ثروة وطنية وجب الحفاظ عليها، التعريف بالمخاطر والكوارث التي تهدد التراث الثقافي المخطوط. طرح الآليات والسبل التي ترمي إلى حماية التراث الثقافي المخطوط من هذه المخاطر والكوارث الطبيعية والإنسانية، اكتساب المعارف وتبادل الخبرات بين المؤسسات الثقافية والعلمية المهتمة بمجال حفظ التراث الثقافي المخطوط. والتعرف على التقنيات الحديثة في مجال إدارة وتسيير الكوارث، وكيفية التعامل معها من خلال عرض للتجارب.