مسجد "سيدي بعافو" بورقلة
منارة دينية من التراث الأثري العريق
- 667
يُعد مسجد "سيدي بعافو" منارة دينية، وواحدة من مكونات التراث الأثري العريق الذي يشتهر به القصر العتيق بمدينة ورقلة. ويتيح موقعه الوصول إليه من مختلف جهات المدينة؛ إذ يعود تشييد هذا المعلم الديني العريق، حسب بعض المصادر التاريخية، إلى الحقبة الأولى من انتشار الإسلام بمنطقة شمال إفريقيا، وكان يحمل، آنذاك، اسم "مسجد السلطان"، قبل أن يصبح معروفا باسم مسجد "سيدي بعافو"؛ نسبة إلى ذلك الولي الصالح الذي كان واحدا من أبرز الأئمة به، ويوجد ضريحه، حاليا، بجوار المسجد.
يتربع هذا الصرح الأثري على مساحة إجمالية قوامها 700 متر مربع، منها 650 متر مربع مبنية بمواد محلية، كانت شُيّدت بها سكنات القصر العتيق، وبتوظيف لتقنيات هندسية في غاية الدقة تراعي طبيعة المناخ الصحراوي. وتسببت العوامل الطبيعية بمرور الزمن، في تداعي أساسات المسجد القديم؛ ما استوجب إخضاعه خلال سنوات قديمة، لأشغال التجديد والترميم، لتتواصل تلك الأشغال في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي؛ حيث أُدخلت عليه بعض التعديلات، وعُوّضت صومعته المربعة بأخرى سداسية الشكل، حسب توضيحات مديرية الشؤون الدينية والأوقاف.
وشهد مسجد "سيدي بعافو" بمدينة ورقلة أيضا في تسعينيات القرن الماضي، أشغال ترميم، شملت الصحن، وقاعة الصلاة التي خضعت للتوسيع قصد الرفع من طاقة استيعابها، لاستقبال أعداد إضافية من المصلين. كما تم تدعيمه بقسم لتدريس القرآن الكريم، مثل ما أشير إليه. ويضم المسجد مكتبة بها بعض المطبوعات والوثائق والمخطوطات القديمة التي تتحدث عن نظم تسييره، إضافة إلى تناولها مسائل اجتماعية متنوعة، وأحداثا ذات صلة بنشاط الحياة اليومية للسكان المحليين في عهود قديمة.
وبالإضافة إلى الصلوات الخمس وصلاة الجمعة، فإن هذا المرفق الديني يشهد تنظيم، برسم مختلف المناسبات الدينية، أنشطة متنوعة، في مقدمتها إقامة حلقات تلاوة القرآن الكريم، وترديد القصائد في مدح الرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وسلم، كما جرى شرحه. وظل هذا الجامع الأثري منذ القدم يقوم من خلال الأئمة الذين تعاقبوا عليه، بدوره الريادي؛ سواء من حيث تحفيظ كتاب الله، أو تقديم دروس الوعظ والإرشاد، فضلا عن أدائه أدوارا اجتماعية، ومن بينها إصلاح ذات البين، وتقسيم الميراث، والمساهمة بالتنسيق مع المصالح الإدارية المعنية، في تنظيم الإعانات والمساعدات الموجهة لفائدة المحتاجين والمعوزين، استنادا لما ذكرته مديرية الشؤون الدينية والأوقاف لولاية ورقلة.