سؤال المحلية في الرواية" في فضاء "كنفاني"

مناقشة للعلاقة بين الجذور والعالمية

مناقشة للعلاقة بين الجذور والعالمية
  • 102
لطيفة داريب لطيفة داريب

نُظّمت بفضاء فلسطين، ضمن فعاليات الصالون الدولي للكتاب بالجزائر (سيلا 2025)، ندوة أدبية بعنوان "سؤال المحلية في الرواية"، شارك فيها كلّ من محمد رحال من الجزائر، نجوى بن شتوان من ليبيا، منصورة عز الدين من مصر، وأروا مورينو من إسبانيا.

بالمناسبة، قال الأستاذ محمد رحال إنّ المحلية في الكتابة ترتكز على مجموعة من العناصر، هي "اللغة أو اللهجة المحلية، الفضاء المكاني، الشخصيات المحلية، العادات والتقاليد، الأسطورة، التراث، والبعد الإنساني. وأضاف أنّه استخدم جميع هذه العناصر في روايته "أسريسر ذهبو"، وتعني بالحسانية رنين الذهب.

تحكي الرواية قصة سبعة شباب طلبوا من والدتهم الحامل إنجاب طفلة، وإلاّ سيغادرون القرية ويتركونها مع الابن الثامن. واتّفقوا مع الخادمة على أن تلوّح لهم بعصا إذا أنجبت الأم طفلا، وبـملعقة كبيرة إذا أنجبت طفلة. غير أنّ الخادمة أخطأت ولوّحت بالعصا رغم أنّ المولودة كانت أنثى، فغادر الإخوة المكان. وعندما كبرت الفتاة، بدأت تبحث عنهم.

أوضح رحّال أنّه استعمل عناصر المحلية في روايته التي أبرز فيها الحياة البدوية وضوابط العلاقات والتقسيم الاجتماعي في البيئة الحسانية، رغم أنّه استخدم مفردات قليلة من اللغة الحسانية مع شرحها. وأشار إلى أنّ كلّ عمل أدبي ينطلق من بيئته، وهذه الأخيرة لا تُضيّق على الإبداع، بل تغذّيه وتمنحه الصدق الفني، مؤكّدا أنّ الكتابة عن الواقع ليس إعادة له، بل هي مرافقة له بدلالات أدبية وإنسانية.

من جهتها، قالت الكاتبة الليبية نجوى بن شتوان إنّ هناك روايات نجحت نجاحًا كبيرا دون أن تعتمد على بيئة محلية، مثل روايات هاري بوتر ومسرحية "في انتظار غودو" لبيكيت. وأضافت أنّ الأعمال التي تعتمد على البيئة المحلية لا تبقى محلية عندما تنتشر عالميا. كما أوضحت أنّ روايات تُكتب بلغة واحدة، مثل الإسبانية، يمكن أن تحمل بيئات مختلفة، كما هو الحال بين الأدب الإسباني والأدب الأمريكي اللاتيني، لتصبح اللغة في المحلية عنصرا ثانويا.

أما عن خوف الكتّاب من سيطرة الذكاء الاصطناعي، فأشارت بن شتوان إلى تفوّق الإنسان في تناول التفاصيل الدقيقة والبيئة المحلية التي ينطلق منها، بينما قد يستطيع الذكاء الاصطناعي كتابة عمل أدبي، لكن بشكل عام فقط. وتابعت قائلة إنّ كلّ نص أدبي هو محلي في جوهره، وحينما ينتشر عالميا ينشر معه تلك المحلية.

من جانبها، تحدّثت الكاتبة المصرية منصورة عز الدين عن طفولتها حين كانت تقرأ الأدب الروسي والإنجليزي، لتكتشف في كبرها روايات نجيب محفوظ التي رأت فيها عائلتها والبيئة التي تعيش فيها. وأكّدت خطورة القراءة التي تمنح القارئ صورة قد تكون مختلفة عما نراه نحن عن أنفسنا، لذلك يجب أن نقرأ بحذر وبنبرة نقدية حتى لا يحدث استلاب لهويتنا. وأضافت أنّ كلّ كاتب يحمل خصوصية المكان الذي ينتمي إليه، وهي التي توصله إلى العالمية، مؤكّدة أنّ كلّ ما يُكتب بصدق يصل إلى القارئ. والصدق، في رأيها، هو أن يكون الكاتب مخلصا لرؤاه الفنية والجمالية. واستشهدت بالكاتب بورخيس، الذي لا يمكن اعتباره كاتبا محليا لـتأثّره بالتصوّف الإسلامي وكتاب "ألف ليلة وليلة" والأدب الإنجليزي. وأكّدت أنّ الكتّاب الذين ترتبط رؤاهم الفنية بالمحلية سيصلون إلى العالمية إذا كتبوا بصدق.

أما الكاتبة الإسبانية أروا مورينو، فقالت إنها تعلّمت معنى المحلية من قراءاتها للأدب العالمي، معربة عن سعادتها بقدرتها على قراءة أدب أمريكا اللاتينية المكتوب بالإسبانية، الذي يحمل بيئة مختلفة عن الأدب الإسباني. وأوضحت أنّها كتبت روايات تاريخية استخدمت فيها التخييل وجمالية اللغة، مثل روايتها عن عائلة هُجّرت قسرا من إسبانيا وعاشت في ألمانيا الشرقية، حيث واجهت صعوبة في الحفاظ على خصوصية المحلية باختلاف البيئة.