"البربر.. اكتشاف تراث" بالمركز الجامعيّ
ميلر تعيد رسم التراث
- 405
يحتضن المركز الجامعي بالعاصمة إلى غاية 6 نوفمبر الداخل، معرضا بعنوان "البربر اكتشاف تراث" للرسامة والباحثة أوديل كلود ميلر، التي اقترحت نماذج من هذا الفن القديم، لتعطيه روحا جديدة؛ في محاولة لإحيائه، والتحسيس بقيمته الاجتماعية والتاريخية، مع وقفة عرفان للمرأة التي حافظت في صمت، على هذا الميراث.
كتبت الرسامة في مدخل المعرض لافتة، أكدت فيها أنها فكرت منذ سنوات، في إقامة هذا المعرض بفعل إحساس تولَّد داخلها، يحثها على عرض مواهب وحرف نساء مغمورات، كن عبر أجيال يورثن فن الخزف (الطين) لغيرهن، وكذلك الحال مع النسيج والوشم، مشيرة إلى أن هذا التراث في طريقه للاندثار رغم قيمته عند من سبقوا. وعبر سنوات طويلة، استطاعت جمع بعض هذا الكنز الأصيل المثقل بالقرون، والثراء، والرموز المرسومة على دعائم مختلفة. كما إن المعرض تكريم لأعمال أخرى أُنجزت قبلها، وموجودة، أعادت الفنانة رسم بعضها.
واستحضرت الفنانة أعمال مختص الفخاريات جون برنار مورو، الذي اعتمد على أشهر الرموز المنتشرة في منطقة المتوسط؛ من ذلك الخزف في منطقة القبائل، زيادة على اعتماد العارضة على بعض المراجع؛ منها "الوشم جمال وهوية وأنوثة" لأيان أوكرو ولوسيان بروس، وكذا كتاب محند عبادو، وأعمال الفنان صادق. وكذلك شهادة تيراز ريفيار المختص في تراث الأوراس، وكتب علي ماروك وطاهر جاوت، كل ذلك التراث المصوَّر يعاني الإهمال، حسبها، ماعدا في مناطق قليلة، وبالتالي من الواجب توريث هذه المهارات.
المعرض يعيد إنتاج هذا التراث، وهو، أيضا، دعوة للبحث والاكتشاف، مع تكفّل حتميّ بالذاكرة، التي هي جزء من الثقافة الأمازيغية، علما أن بعض معالمها لاتزال قائمة في الأوراس، وفي منطقة القبائل والصحراء، وهي جزء من تاريخ الجزائر العام. كما تضمّن المعرض نماذج لقطع ديكور مزيَّنة بالرسم التقليدي الأمازيغي، الذي مازالت بعض معالمه في النسيج والفخار، وكذا في أدوات الزينة؛ منها المشط مثلا.
وقدّمت الرسامة سلسلة من اللوحات بالأبيض والأسود، أغلبها أشكال هندسية، كانت تُستعمل في الرسم على الفخار، والزرابي، وفي الوشم، يعتمد بعضها على التناظر، والتماثل، والتقابل، والتوازي، وكذلك التركيز على بعض الأشكال بعينها؛ منها المعيّن، والمربع، والمثلث، مع حضور الرموز أيضا، ومنها حروف تيفيناغ، وكذلك رمز "رب البيت" ، و"الجوهرة" التي هي المرأة صاحبة الإحساس الرقيق رغم شقاء الحياة، وثقل المسؤوليات.
وتبقى الرموز مجموعة من العلامات المعروفة بتصاميمها وبأشكالها الهندسية، تعكس خيالا واسعا ومبدعا، وثقافة شعبية زاخرة، جمعت الطبيعة، والتاريخ، والعادات والتقاليد. ومن اللوحات لوحة الثعبان الذي يعني تجدد الحياة، والنحلة كرمز للعمل المتكامل، والحرباء والنخلة في الصحراء. ورمز آخر من بسكرة، وأواني الفخار بمنطقة جميلة.
وفي ركن آخر من المعرض، توالت لوحات الفنان الراحل محند بن عباد. وعنها قالت المشرفة على المعرض السيدة رحاب، إن عائلته هي من حملت بعض لوحاته، التي تتماشى وموضوع المعرض؛ حيث قدّمت لوحات من الحجم الكبير، أغلبها بخلفية بنفسجية، وتشبه الزرابي ذات الألوان الزاهية من برتقالي وأصفر، يتخللها، أحيانا، الأبيض كلون ثانوي.
للإشارة، أكدت السيدة رحاب أن الفنانة أوديل كلود ستكون حاضرة في اختتام المعرض؛ حيث ستنشط لقاء خاصا. وقالت إنها صديقة مكتبة المركز، وهي من اقترحت هذا المعرض، فتم الموافقة عليه، علما أنها إضافة إلى كونها فنانة وباحثة، فهي، أيضا، ناشطة في النشاط الجمعي.