هي من بين ثلاث لغات رئيسية في العالم

ميهوبي يؤكّد أنّ العربية خارج دائرة الخطر

ميهوبي يؤكّد أنّ العربية خارج دائرة الخطر
  • 684
د. مالك د. مالك
أكّد عز الدين ميهوبي رئيس المجلس الأعلى للغة العربية، أن وضع اللغة العربية خارج دائرة الخطر، معتبرا أنّ ما يحدث هو حالة عابرة في حياة الأمة التي تعيش مرحلة الاستهلاك المادي والقيمي وحالة الانبهار بالآخر، وهو ما جعل الكثير من الشباب العربي يستخدمون اللغة الإنجليزية، لكنه تحدّث عن التأثيرات السلبية لهذه المرحلة، حيث أنّ اللغة الآن لا تشهد تطوّرا، وتطوّرها يتطلّب تطوّرا موازيا في المجتمع، وعندما يكون المجتمع منتجا، فإنّ اللغة تتطوّر من تلقاء نفسها.
قال ميهوبي، يوم الثلاثاء بالعاصمة العمانية مسقط، في محاضرة له برواق "الفكر" في مؤسسة عُمان للصحافة والنشر والإعلان، ضمن الفعاليات التي ينظّمها مركز الدراسات والبحوث بالمؤسّسة حملت عنوان "2100 عالم بلا لغة"، أنّ اللغة العربية ستكون من بين ثلاث لغات رئيسية في العالم خلال السنوات القادمة، وهي بالترتيب؛ اللغة الإنجليزية واللغة العربية واللغة الصينية، معتبرا هذه اللغات مختلفة تماما عن بعضها البعض، سواء من حيث معاجمها أو طريقة كتابتها وشكلها.
ومما يقال حول الخطر الكبير الذي تمرّ به اللغة العربية، اعتبر الأمر مرحلة عادية تمرّ بها كلّ الأمم والشعوب عندما تبدأ في الانبهار بالآخر، مشيرا إلى أنّ الأوروبيين أنفسهم كانوا في مرحلة الدول الأندلسية ينبهرون باللغة العربية ويقلّدون العرب في لغتهم وفي لباسهم وطرائق تفكيرهم حتى جاء عصر الأنوار في أوروبا وسقط العرب، وأضاف أنّ اللغة الإنجليزية ستدخل في صراع مع اللغات التي من جنسها، مثل الفرنسية والإيطالية والألمانية، صراع داخل العائلة الواحدة، وستفوز اللغة الإنجليزية لاعتبارات كثيرة، ربما أهمها أنّها لغة مفتوحة تقبل الآخر بشكل كبير، لكن ليست لغة شكسبير بل لغة بيل غيتس، لغة التقنية الحديثة، وأشار إلى أنّ اللغة الفرنسية ستتقهقر لأنّها لغة مغلقة، أمّا اللغة العربية فباعتبار اختلافها عن اللغة الإنجليزية وعائلاتها القريبة، لغة لها معجمها الثري، وبناء على دراسة علمية، أثبتت أن ما يستخدم من معجم اللغة العربية لا يزيد عن 0.04% فقط.
أمّا اللغة الثالثة وهي اللغة الصينية، فلاعتبارات كثيرة ليس آخرها السكان والانتشار الاقتصادي، لكن الصينيين، وفق ميهوبي، يطوّرون لسان لغتهم بشكل واضح ويطوّرون لغتهم بشكل علمي حتى تلقى رواجا.
وفي المحصلة، فإنّ اللغة الإنجليزية المنتشرة الأولى تكتب من اليسار إلى اليمين واللغة العربية من اليمين إلى اليسار واللغة الصينية من الأعلى إلى الأسفل، وتوقّع الباحث أن يصل عدد المتحدثين باللغة الإنجليزية خلال السنوات القادمة إلى حوالي 500 مليون، فضلا عن الكم الهائل من المسلمين الذين يتعاملون بجزء من اللغة.
وتطرّق المتحدث خلال الندوة لموضوع الأمن اللغوي والحروب الثقافية في العالم المعاصر، حيث أكّد رئيس المجلس الأعلى للغة العربية "أنّ نظرة على واجهة المشهد العالمي يجعلنا نرى الكثير من الصراعات، تنطلق من أمن اللغة وأمن الثقافة، بدليل الصراع الطاحن بين اللغة الإنجليزية واللغة الإسبانية في أمريكا".
وطالب الباحث الدول العربية بتطوير لغتهم من خلال مراكز البحث والإعلام لجعلها قادرة على التكيّف مع الواقع الحالي واقع العولمة، معتبرا أنّ اللغة التي على الجيل أن يتعلّمها اليوم ليست لغة المتنبي وأبي نواس، لكن لغة العصر معتبرا أنّ اللغة العربية تضمّ 12 مليون كلمة، فيما اللغة الفرنسية لا تضم أكثر من 100 ألف كلمة فقط، ودعا إلى أن يتم الاستفادة من جهود وخبرات كلّ البلاد العربية التي عليها أن تمتلك هيئة تعنى باللغة العربية، تفعّل هذه الخبرات لتقديم الأجود والأفضل، مؤكّدا أنّ ما تنتجه اليوم مجامع اللغة العربية لا يراه المجتمع ولا يتماشى معه، لذلك لا بد من تفعيل الأمر على صعيد الجامعات والإعلان ومحيط المجتمع.
وتحدّث ميهوبي عن المقصود بالأمن اللغوي، وقال؛ "هناك نوعان من الأمن؛ الأمن المادي الذي تحرص خلاله كلّ بلد على تأمين الصحة والماء وكل ما يلزم المواطنين، وهناك أمن القيم وأمن الهوية وتحرض خلاله الدول على تأمين لغاتها الوطنية بالقرار السياسي والفعل الثقافي والأدب والدين والتربية والقوانين"، مشيرا إلى أنّ كلّ بلد يسعى إلى وضع لغته في مأمن من تأثير اللغات القاتلة الأخرى. واستعرض الباحث آراء بعض الخبراء الذين يؤكّدون على أنّ أفضل وسيلة لقتل لغة في بلد ما هي تعليم لغة أخرى، لذلك يطلق على اللغة الإنجليزية "قاتلة اللغات"، لأنّها ابتلعت الكثير من اللغات الأخرى.
وأشار إلى ما طرحه هننغتون الذي رأى أنّ هناك أزمة هوية في أمريكا، مطالبا بضرورة استخدام القوة لفرض الثقافة البيضاء وهي الإنجليزية والدين المسيحي، لأنّ بعض التقديرات كانت ترى أنّه خلال 50 سنة يمكن للإسبانية أن تتجاوز اللغة الإنجليزية في أمريكا، وارتفعت أصوات تطالب بجعل اللغة الإنجليزية اللغة الأولى في الولايات المتحدة وهذه سابقة.
وقال ميهوبي؛ إنّ اللغة الفرنسية تعاني كثيرا في الوقت الحالي، لذلك ارتفعت الأصوات محتجة عندما تمت الموافقة لإجراء البحوث العلمية في الجامعات الفرنسية باللغة الإنجليزية، معتبرين القرار خيانة وطعنا في ظهر اللغة الفرنسية.