بن دعماش وطوايبية يحاضران بالمعهد الوطني العالي للموسيقى

نبذة عن تاريخ الملحون وميزان سفيان

نبذة عن تاريخ الملحون وميزان سفيان
الأستاذ عبد القادر بن دعماش
  • 148
لطيفة داريب لطيفة داريب

تناول الأستاذ عبد القادر بن دعماش في مداخلته التي قدّمها، أوّل أمس، بالمعهد الوطني العالي للموسيقي في إطار فعاليات المهرجان الوطني للموسيقى الأندلسية "الصنعة"، تحوّل النصوص الشعرية من الزجل إلى الملحون، في حين قدّم الأستاذ يوسف طوايبية في محاضرته التي ألقاها بنفس المناسبة، ميزان سفيان وهو أحد الموازين المعتمدة في الفن الأندلسي.

عاد الأستاذ عبد القادر بن دعماش في محاضرته إلى أصول الملحون فقال إنّه يعود إلى فنّ الزجل الذي تخلى عن الكلام الفصيح المعروف في "الموشّح" قديما واحتضن الكلمات الشعبية على يدي عبد المالك بن قزمان وليد قرطبة في القرن الحادي عشر، فأصبح بذلك فنا شعبيا بجدارة، مضيفا أنه حينما وصل إلى الجزائر بعد سقوط قرطبة ومدن أخرى إلى سقوط غرناطة عام 1492، تم تبنيه بكلّ تفاصيله من دون تحليل ودراسة.

وأضاف المحاضر أنّ الفنان بودالي سفير هو من قسّم هذا الزجل في الجزائر عام 1966 إلى ثلاث مدارس، واحدة في الجزائر العاصمة والثانية في تلمسان والثالثة في قسنطينة، وهذا خلال الطبعة الأولى لمهرجان الموسيقى الأندلسية، مشيرا إلى تغني هذا الفن في بداياته بالمواضيع المتعلقة بالحب والنقد الاجتماعي ومشاغل المجتمع من دون التطرّق إلى الدين.

وذكر بن دعماش أنّ قدوم الأندلسيين إلى الجزائر هربا من عمليات الإبادة التي طالتهم في إسبانيا، غيّر من طبوع بعض الفنون في الجزائر، حيث حدث الاحتكاك بينها مثل الاحتكاك بين الزجل وما يسمى بعروض البلد وهو الطابع الذي كان يتغنى به الجزائريون وقد كتب عنه ابن خلدون في مقدّمته. كما تحدّث عن رغبة سيدي بومدين الغوث إيصال رسالته الدينية إلى الشعب من خلال الزجل الذي تحوّل إلى زجل صوفي فالقصيدة الزجلية فالشعر الزجلي ثم الكلام الملحون وبعدها الكلام الموزون ثم الشعر الموزون فالقول وأخيرا الملحون.

وتابع بن دعماش مجدّدا أنّ سيدي لخضر بن خلوف تابع مسيرة سيدي بومدين، وساهم في شعبية هذا النوع من الموسيقى والأغنية، من خلال تنظيم قصائد مدح الرسول صلى الله عليه وسلم والعلماء والأولياء الصالحين. كما كان مثل سيدي بومدين شاعرا ومجاهدا وشارك في تحرير برج مزغران بمستغانم من الاحتلال الإسباني حيث نظّم قصيدة في هذا الموضوع، تناول فيها حيثيات هذه المعركة، وعملية تجنيد الجزائريين من العاصمة إلى مستغانم بعد امتناع ابن خير الدين، حسان باشا عن المشاركة في الحرب بحجة قلة "اليد العاملة" أي أنّه كان يملك فقط 200 إلى 300 من المرتزقة، لينتصر الجزائريون وكان عددهم 20 ألفا على الإسبان، ويتم تحرير مزغران. وأشار المتحدّث إلى أنّ هذا النوع من الشعر يحمل غاية دينية، علما أنّ الجزائريين أطلقوا على القصيدة أسماء مختلفة مثل: الُحلة، تحفة، منظومة، الطرز، نظرا لأهمية الشعر في المجتمع.

من جهته، قدّم الأستاذ يوسف طوايبية محاضرة بعنوان "ميزان سفيان 7/4"، قال فيها إنّ ميزان سفيان معتمد في المدارس الثلاث للموسيقى الأندلسية بالجزائر، أي في الجزائر العاصمة وتلمسان وقسنطينة، نجده في الانقلابات والسلسلات وليس في النوبة، وهو في الأغلب له سبعة أوزان تنقسم في أغلب الأحيان إلى ثلاثة أوزان وأربعة أوزان. كما يطلق عليه عدّة تسميات مثل "العايب" و"الضرب" وغيرهما. وتابع أنّ ميزان سفيان له إطار ريتمي على وزن: فاعلات فاعلات فاعلات أو فاعلات فاعلات فاعل مثلما هو عليه الأمر مع نشيد “قسما”، وينصّ عموما على تصحيح نوتة معزوفة بشكل خاطئ في آخر المقطوعة، أو كما يسمى "الخطفة".

وميزان سفيان، ميزان إيقاعي خفيف وسريع نسبيا مقارنة بموازين أندلسية أخرى أثقل، يُستعمل غالبا في المقاطع التي تتطلّب حركة ونشاطا، سواء في الغناء أو العزف. كما يُعدّ من الموازين التي تُبرز الطابع الراقص والمرح داخل النوبة الأندلسية، حيث يتميّز بسرعة معتدلة إلى سريعة ووضوح النبض الإيقاعي، بالإضافة الى بساطة التركيب. ويُستعمل ميزان سفيان في أجزاء متأخّرة من النوبة أو في قطع مستقلة، قد يرافق أزجالا أو أشعارا خفيفة من حيث المعنى والأسلوب، لكنّه لا يكون ميزانا أساسيا في كلّ نوبة، بل مكمّل يثري التنويع الإيقاعي.