في أجواء طبعتها نفحات التاريخ وروح الوفاء
نشاطات ثقافية متنوعة في بونة

- 149

نظمت المكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية "بركات سليمان" بعنابة، مساء أول أمس، فعالية ثقافية ثرية، تخليدًا للذكرى المزدوجة ليوم المجاهد (20 أوت 1955 /1956)، بالتنسيق مع مديرية المجاهدين وذوي الحقوق، تحت إشراف مديرية الثقافة والفنون لولاية عنابة، في أجواء طبعتها نفحات التاريخ وروح الوفاء لتضحيات الشهداء والمجاهدين.
اتسم الحدث بطابع ثقافي وتوثيقي بامتياز، حيث احتضنت أروقة المكتبة، معرضًا نظمته جمعية هواة جمع الطوابع البريدية لولاية عنابة، ضم مجموعة قيمة من الكتب التاريخية، الوثائق النادرة، الصور الفوتوغرافية والطوابع والمسكوكات التي تؤرخ للثورة التحريرية. كما خُصص ركن معرفي سلط الضوء على هجومات الشمال القسنطيني سنة 1955، ومؤتمر الصومام سنة 1956، باعتبارهما محطتين مفصليتين غيرتا مسار الكفاح المسلح.
وشكلت الندوة العلمية المبرمجة ضمن الفعالية، محطة بارزة في البرنامج، حيث قدم نخبة من الأساتذة والباحثين مداخلات ثرية، على غرار الدكتور بورمضان عبد القادر، الدكتور إدريس لعبيدي خريس (رئيس الجلسة)، الدكتور خالد بوناموس، والأستاذ بوشلوخ محمد فوزي. وقد تناول المتدخلون بالتحليل، أبعاد تلك المحطات النضالية، والدور المحوري لجيش التحرير الوطني في إعادة الزخم للثورة، إلى جانب أهمية مؤتمر الصومام في وضع اللبنات المؤسساتية الأولى لبناء الدولة الجزائرية المستقلة. ولم تخل المناسبة من لمسة إبداعية عصرية، حيث عُرض فيلم قصير بتقنية الذكاء الاصطناعي، من إنتاج جمعية هواة جمع الطوابع البريدية، استحضر مشاهد حية من بطولات المجاهدين، في سرد بصري مؤثر، استلهم صورًا من التضحية والصمود، ما أضفى بُعدا وجدانيًا فنيًا، رسخ حضور الذكرى في وجدان الحاضرين. وفي لحظة وفاء وعرفان، اختُتمت الفعالية بتكريم المجاهد والمؤرخ ابن مدينة عنابة، محمد جندلي، الذي نابته حفيدته السيدة "لندة جندلي" رئيسة جمعية "اليد فاليد". وقد جاء هذا التكريم، عرفانا لإسهاماته الجليلة في التوثيق لذاكرة الثورة ونضاله المستميت من أجل استقلال الوطن.
هكذا جسدت الفعالية مجددا مكانة 20 أوت 1955 /1956، في الوجدان الجزائري، باعتباره موعدا خالدا يستنهض قيم الوطنية، ويجدد الدعوة إلى ترسيخ مبادئ الثورة التحريرية في نفوس الأجيال، حفاظًا على الأمانة التاريخية لعهد الشهداء والمجاهدين.