عليمة عبدات تقدّم ديوانها الجديد "يدي مقبض حقيبة"
نصوص بصرية تخترق أعماق الكلمات
- 109
مريم. ن
احتضنت مكتبة "شايب دزاير" بالعاصمة، أوّل أمس، أمسية أدبية نشّطتها الشاعرة عليمة عبدات، لتقديم ديوانها الصادر حديثا عن المؤسّسة الوطنية للاتصال، النشر والإشهار "أناب"، بعنوان "يدي مقبض حقيبة" (بالفرنسية) حيث تتفجّر فيه الذكريات والوقائع بلغة شعرية راقية نابضة بالإحساس المرهف وبالكلمة العميقة المعبرة عن روح الإنسانية جمعاء.
شهد اللقاء حضورا ملفتا من جمهور النخبة، وتداول البعض منهم أصدقاء الشاعرة كلزهاري لبتر ونادية صبخي وزفيرة ياسف وغيرهم كثير على قراءة بعض قصائد الديوان بكلّ إحساس وتمكّن، وكذلك فعلت الشاعرة أليمة معلّقة في كلّ مرة على ما تقرأ، سائلة الحضور عن إحساسه وانطباعه لما يقرؤه وما يسمعه، ما خلق أجواء حميمية دافئة وتجاوبا لم ينقطع. نشط الأمسية السيد حسان غراب الذي أشار إلى أنّ الشعر والكلمات لها قوّة سحرية تواجه الإنسان بعمقه الحقيقي وتنزع عنه أيّ قناع قد يخفي وراءه مشاعر أو أفكار وقناعات.
مرافعة شعرية من أجل فلسطين
قالت الشاعرة عليمة إنّه لا يمكنها أن تصدر أيّ ديوان ولا تكون فلسطين حاضرة فيه، كما هو الحال في هذا الديوان الجديد، حيث خصّصت قصيدة عن فلسطين وعن غزة وما يحدث فيها من جرائم، وبالمناسبة قرأ لها الإعلامي تواتي قصيدتها عن فلسطين بعنوان "متشرّدو الكوفيات" تقول:
«من دير ياسين نحو اللامكان، حربة في تجاويف الكلى، أمشي، أمشي، أمشي بخطى مثقلة، أحمل أمتعة الأسلاف كما تحمل الصدفة محارها، على شاطئٍ ملوث… على طرقات المنفى، تتساقط رصاصات وقنابل كالبرد. أحمال تهويمن أيد منتزعة، تمتزج بحطاماللحم والعظم والرصاص. على خيام المنفى، تمطر دموع أم، أب، طفل… وتمساح. على منصات المنفى، تهبّ رياح الكلام، حقائب كلمات، سياجات، ألفاظ مستعملة لكل شيء. على أبجدية المنفى، تتولّد كلمات – حقائب، عواصف تتحول إلى مقذوفات على فلسطين التائهة… مقتلة غزة. تتساقط الثلوج، الضباب، المنفى، والعيوب".
بالنسبة لهذا الديوان الجديد، أكّدت صاحبته أنّها التزمت فيه بثلاثة محاور وهي فلسطين، إفريقيا وحاملي الحقائب أثناء الثورة الجزائرية، مع قصائد أخرى في مواضيع شتى منها تلك المتعلقة بالذكريات. كما أشارت إلى أنّ القصائد والمقاطع والكلمات مرتبة كمشاهد سينمائية ما جعلها تصف الديوان بالديوان البصري، يعيد لقطات الحياة ويصور وقائع الراهن، مضيفة أنّها تجعل لكلّ قصيدة سيناريو وحبكة.
الشعر التزام وقضية
وصفت الشاعرة نفسها بالمثقفة الملتزمة قائلة "أنا لست مناضلة بالممارسة لكنّني مناضلة بالمعنى أي أنّني ملتزمة نحو قضايا انسانية وأفكار وقيم"، وبالتالي لم يكن لها أن تتجاوز في ديوانها بعض القضايا وعلى رأسها فلسطين، كما كتبت عن النازحين الأفارقة واصفة حالهم وظروفهم وخلفيات تهجيرهم خارج حدود بلدانهم وهم يحملون أمتعتهم وحقائبهم، هذه الحقائب أثارت في مخيلتها أيضا تاريخ حاملي الحقائب في تاريخ الثورة فأرادت أن تكتب لهم عرفانا لما قدموه، كما أكّدت بالمناسبة أنّ الشعراء والأدباء هم المرآة الصادقة لمجتمعاتهم يعبرون عن إحساسها وآلامها وآمالها وتطوّرها واتجاهاتها .
تركت الشاعرة أليمة لبعض الأصدقاء حرية اختيار القصيدة من هذا الديوان لقراءتها بصوت مرتفع فقرأت إحدى صديقاتها "لعبة طفل" علما أنّ كلمة "لعبة "كتبت كما يكتب ضمير المتكلم (JE) وهنا قالت الشاعرة إنّها تقمّصت الطفل لتكون "هو"، تتحدّث بلسانه ومشاعره وبالتالي جاءت لغة القصيدة بسيطة وبريئة وغير معقّدة ومدجّجة بالأفكار والمعاني وكلّها إحساس. من نصوص "الأنا" التي تضمّنها الديوان والتي أثّرت في الحضور وأبكت من قرأتها هي "المتاع الأخير لإنسان عزيز" تعكس ألم فراق الأم وهي ترحل حاملة في نعشها ذكريات وأحداث في حياتها وفي حياة "أنا" الشاعرة.
تتوالى الذكريات لتقرأ الشاعرة أليمة مقاطع من قصيدتها "أصندوق" تتذكّر فيها منطقة القبائل وما فيها من ذكريات وتراث منه هذا الصندوق العجيب الذي يحوي الأغراض كما المعاني والقيم والأيام الخوالي، كما تطرّقت أيضا لظاهرة الحرقة وغيرها من المواضيع. فور انتهاء اللقاء اتّجه الحضور نحو الشاعرة عبدات أليمة لاقتناء نسخة من الديوان الجديد موقعة باسمها مع الحديث معها في أمور شتى والتقاط صور معها أيضا ما يبرز مكانة هذه الكاتبة في الوسط الشعري الجزائري.