"عزيب زعموم، تاريخ أرض" ابتداء من 18 أفريل

نماذج من سياسة مصادرة أراضي الجزائريين

نماذج من سياسة مصادرة أراضي الجزائريين �
  • 3665
مريم. ن � مريم. ن

تستقبل قاعات السينما بالجزائر لأول مرة الفيلم الوثائقي الخيالي "عزيب زعموم، تاريخ أرض" للمخرجة المغتربة فاطمة الزهراء زعموم وذلك ابتداء من 18 أفريل الجاري، ويعيد الفيلم بناء أحداث تاريخية حقيقية وقعت في القرن الـ19 متعلقة أساسا بمصادرة أراضي الجزائريين وما خلفه ذلك من مآسي اجتماعية.

عبر 72 دقيقة، تعرض قصة كفاح عائلة جزائرية من أجل استرجاع أرضها التي اغتصبها الكولون عام 1871، بدعم من الاحتلال الفرنسي، علما أن المخرجة استغلت الأرشيف والمشاهد التمثيلية وتدخلات المؤرخين ورجال القانون وشهادات جزائريين عاديين كان أجدادهم ضحية قانون «سيناتيس كونسيلت» الصادر سنة 1863 والمتعلق بمصادرة الأملاك العقارية للجزائريين، علما أن الاحتلال صادر عند دخوله أملاك الداي ثم البايات ثم تحول إلى أملاك العرش والحبوس ليضمها لأملاك الدولة الفرنسية العمومية أوللملكية الفردية وهكذا تعمد الاستعمار انتزاع الملكية الفردية كي تسهل عليه انتزاع الملكية الجماعية بعدها تحولت أراضي إلى قرى ومدن للمعمرين أو مقرات لمنشآت إدارية واقتصادية، ومع حلول سنة 1869 أصبح للاحتلال 20700 هكتار وبعد سنة 1871 أضيفت 500 ألف هكتار أخرى ويتعلق الأمر هنا فقط بالأراضي الفلاحية وبالتالي انهار الاقتصاد الجزائري ومعه ميكانيزمات النسيج الاجتماعي. 

عزيب زعموم هو واحد من آلاف الضحايا الجزائريين كان لا يمل من مراسلة الحاكم العام الفرنسي والإدارة الفرنسية عموما لينتفض ضد هذا القانون الجائر المغتصب لأراضي الأجداد وكان يرفض أية تعويضات مالية أو عقارية أخرى أو أية مقترحات مشبوهة.

يستعرض الفيلم من خلال الأرشيف والشهادات، المشاكل التي ضربت النسيج الاجتماعي الجزائري نتيجة سلب الممتلكات الفردية والجماعية وإعطائها بالمجان للمعمرين القادمين من أصقاع أوروبا، ليستمر الحال على ما هو عليه حتى بزوغ فجر الحرية سنة 1962.

للتذكير، فإن فيلم "عزيب زعموم حكاية أراض" من إنتاج مشترك بين المؤسسة العمومية للتلفزيون الجزائري و«زاد آند كومباني".

كما يأتي الفيلم احتفالا بمناسبة الذكرى الخمسين لاستعادة السيادة الوطنية على التلفزة الوطنية، وقد تكفلت بكتابة السيناريو المخرجة فاطمة الزهراء زعموم من خلال ما بلغها عن أجدادها الذين حاربوا الإدارة الاستعمارية ومنهم والد جدها عمار بن زعموم الذي كان يبلغ من العمر 35 سنة، ضحى بأمواله وحياته للوقوف ضد القوى الاستعمارية، وسياستها في مصادرة أراضي الجزائريين وذلك بين 1871 و1875 وهو ابن الحاج محمد زعموم زعيم منطقة "فليسة أم الليل" في منطقة القبائل التي كانت ضحية سياسة مصادرة الأراضي الفلاحية ومختلف الممتلكات منها البيوت وبالتالي تشريد السكان الأصليين  لكن عمار تمرد على الاستعمار الفرنسي من خلال مقاومة شعبية بطولية.

هكذا يعيد الفيلم بناء الذاكرة من خلال حكاية عمار بن زعموم ومنطقة عزيب زعموم في القبائل الكبرى عموما وهو تاريخ لا يزال محفورا في الذاكرة الجماعية للمنطقة. 

غالبا ما يظهر العمل على شكل تقصي وبحث منظم وممنهج قامت به في قلب الأرشيف ومقابلات مباشرة مع رجال ونساء المنطقة. 

للتذكير، فقد انطلقت المخرجة في تصوير العمل في شهر أكتوبر 2013، وشملت مناطق التصوير بعض ولايات الوسط منها العاصمة، تيزي وزو وبومرداس. وفيما يتعلق بجانب التمثيل، فلقد اعتمدت المخرجة على فنانين هواة ومحترفين لتجسيد مشاهد الفيلم أما الميزانية فهي أقل من 10 مليون دينار. 

المخرجة فاطمة الزهراء زعموم من مواليد 1967، بالجزائر تلقت دراستها بمعهد الفنون الجميلة بالعاصمة، وبمعهد تاريخ الفن والسينما السوربون (باريس)، وأخرجت 5 أفلام قصيرة، أبرزها "خيط الحكاية" الذي فاز بالميدالية الفضية بمهرجان "قرطاج" سنة 2005، وحاز كذلك على جائزتين تكريميتين  بواغادوغو، وكانت أول تجربة لها في الإخراج مع الفيلم الروائي القصير "الزهر" سنة 2009، ثم الفيلم الطويل "قداش تحبني" سنة 2010.

إنطلاقة العرض في 18 أفريل الجاري سيكون من سينماتيك سوق أهراس آخر قاعات السينماتيك المفتوحة وتكريما لجمهور المنطقة الوفي للفن السابع وسينتقل العرض بعدها في ماي القادم إلى العاصمة بقاعة فيلماتيك زينات وذلك لمدة 15 يوما.يعرض الفيلم أيضا بدار الثقافة الناصرية ببومرداس وبدار الشباب بدلس وبمسرح يسر أيام 25 و26 و27 أفريل، وفي 30 أفريل يعرض بسنماتيك تلمسان وفي شهر ماي يعرض في كل من وهران وسيدي بلعباس وسعيدة وتيارت وبشار ثم تيزي وزو وبجاية.