العرض المسرحي "132 سنة.. حتى لا ننسى" لمحمد تاكيرات
.. هكذا عادت نصوص كاكي إلى الخشبة
- 678
قدم المخرج محمد تاكيرات، مساءي الأربعاء والخميس المنصرمين، العرض المسرحي الموسوم "132 سنة.. حتى لا ننسى"، بالمسرح الوطني الجزائري "محي الدين بشطارزي"، وهو إنتاج جديد لوزارة المجاهدين وذوي الحقوق، ضمن الاحتفال بذكرى استرجاع السيادة الوطنية والشباب 62، والعمل يعود إلى تاريخ الكفاح الجزائري ضد المحتل الفرنسي، الذي دام 132 سنة.
المسرحية التي دامت حوالي 80 دقيقة، مبنية على ثلاثة نصوص درامية للكاتب الراحل ولد عبد الرحمان كاكي، ويتعلق الأمر بـ٣132 سنة"، "شعب الظلمة" و«إفريقيا"، استهلت بمدخل كوريغرافي جميل، يختصره الراوي محمد تاكيرات بأداء متميز، انطلاقا من تمجيد تاريخ إفريقيا والحضارات التي تزخر بها، على غرار الحضارتين الفرعونية، والنوميدية. ورغم الأداء الجيد للممثل محمد تاكيرات على الخشبة، إلا أنه كمخرج لم يقدم رؤية إخراجية واضحة، قد يعود السبب إلى عملية الربط بين ثلاثة نصوص مختلفة لكاكي، وعدم القدرة على نسج بنية درامية، وكان العرض المسرحي بمثابة لوحات متتابعة، يغلب عليها الخطاب المباشر، إلى جانب تمثيليات داعمة لها.
وعكس ما أخبرنا به المخرج يوم الندوة الصحفية، في أن يكون العرض مختلفا عن الأعمال السابقة، التي تتحدث عن تاريخ الجزائري في شقه النضالي وبعده التحرري، العديد من اللوحات التي شوهدت، سبق وأن رأيناها، كالتي قدمها مسرح وهران الجهوي، العام الماضي، ضمن الاحتفالات بستينية الاستقلال، لما أعاد نص "132 سنة" لولد عبد الرحمان كاكي، وكذلك مسرحية "إفريقيا 54" للكاتب نفسه، التي قدمتها جمعية مسرح الموجة، العام الفارط أيضا. وأمام هذه الحالة، يُطرح أكثر من سؤال حول إلحاح المسرحيين الحاليين على نصوص كاكي، ولماذا كل هذا الاهتمام بكتابات مرت عليها عقود من الزمن؟ حتى وإن كان كاكي بالأهمية الفنية والإبداعية في التاريخ الجزائري، لما لا يفكر المسرحيون في الاقتباس منه مثلا؟.
في هذا الشأن، لم يكن للدعامة البصرية، المتمثلة في شاشة عملاقة، داعيا لأن تصور المشاهد والوقائع نفسها المجسدة على الخشبة.
واتكأ العمل على راويين آخرين، شاب صاحب حماس وذو نزعة تحررية، وشيخ صاحب بعد نظر وحكمة، وهي صورة جميلة قدمها العرض، تعكس فكرة أن الحياة لابد لها من مرجعية اجتماعية أساسها التجربة والخبرة.
وكان النص الدرامي المعتمد للمسرحية، يركز بشكل أساسي على جمل معينة، ما خلق حالة من التكرار الممل، وكذلك جمل من المعنى نفسه، معظمها جاء على شكل شعارات رنانة، والتي مفادها أن الشعب بكل فئاته مقاوم، وينشد الحرية، في تمثيليات سبق وأن شاهدناها، يقوم المحتل بقتل الجزائريين المناضلين، وبذلك غلبت تلك المشاهد على الفعل الدارمي الحقيقي، ولا يمكن أن ننكر أن بعض اللوحات الكوريغرافية كانت بديعة، بدلالات عميقة، وبجماليات متنوعة.
كان اختيار الممثلين المؤدين على الخشبة غير موفق، للأسف، بسبب صوتهم الخافت، من جهة، ومن جهة ثانية، هناك من ذهب للصراخ، مع تسجيل استثناءات قليلة، مثل أداء الممثل القدير عبد الله جلاب، الذي أبهج الركح.
الجدير بالذكر، أن السينوغرافيا لم تعتمد على ديكور بعينه، بل على الأزياء والأكسسورات، ضمن فضاء مفتوح، خلفه شاشة عملاقة، وتحتها فرقة موسيقية، رافقت العرض بجودة صوت متواضعة. للذكر، فإن المسرحية من إنتاج وزارة المجاهدين وذوي الحقوق، والمسرح الوطني الجزائري هو الجهة المنتجة المنفذة، وهو ثاني عمل للوزارة، بمناسبة الذكرى 62 لاسترجاع السيادة الوطنية، بعد ملحمة "قبلة الأحرار" للمخرج أحمد رزاق.