الدكتور عمر بوساحة يتساءل:

هل عاد الفلاسفة إلى التنجيم؟

هل عاد الفلاسفة إلى التنجيم؟
الدكتور عمر بوساحة، رئيس الجمعية الجزائرية للدراسات الفلسفية
  • 669

كتب الدكتور عمر بوساحة، رئيس الجمعية الجزائرية للدراسات الفلسفية في صفحته على "الفايسبوك"، أنه التقى عدة مرات مع طلبة الباكالوريا في المكتبات، وفي المعارض التي تنظمها الجمعية الفلسفية، يبحثون عن كتب تعالج موضوعات فلسفية، تخص منهاجهم الدراسي، كتبت على شكل مقالات، وحينما سألهم عن الفائدة من ذلك، خاصة أن لا علاقة لتدريس الفلسفة بذلك، يجيبونه بأنهم يحفظون البعض منها للإجابة بها على أسئلة امتحان البكالوريا، التي ينجَم لهم بعض أساتذتهم بأنها ستقع في الامتحان.

تأسف بوساحة لتحول درس الفلسفة الذي عهدناه درسا عقلانيا، يعلمنا مناهج التفكير ومبادئه وأبجدياته، إلى طقس تنجيم، يكشف للطلبة علوم الغيب، وما يخفيه المركز الوطني للامتحانات والمسابقات بخصوص أسئلة الفلسفة في البكالوريا"، وتابع "هكذا حوَل بعض أساتذة الفلسفة في الجزائر (أم العلوم) والفكر النقدي، إلى دروشة تقرأ الطالع وتسلمك الوصفات والحروز للنجاة والنجاح في شهادة البكالوريا". ذكر الدكتور أن الفلسفة نشأت حينما جعل الإنسان من العقل وسيلته في المعرفة، متجاوزا الخرافات والأساطير وأباطيل السحرة والمنجمين، مضيفا أن الإنسان تحمل منذ نشأة الفلسفة مسؤوليته في معرفة العالم، بعيدا عن العادات القديمة التي عطلت فكره وإرادته في تغيير العالم لمئات السنين، فأصبح الإنسان باكتشافه لقدراته العقلية عبر الفلسفة، سيّد نفسه، فنزع منها الخوف والتردد والاتكال.

تابع مجددا "لقد كان أكبر درس علّمته الفلسفة للإنسان، هو التعويل على نفسه في هذا الوجود العظيم، ولا ينتظر الفرج والحلول تأتيه من قوى لا عقلانية لا يعرف عنها شيئا، عطلت فكره وإرادته لقرون، لقد أنار العقل للإنسان سبيله نحو العلم والحرية، وأكسبته الفلسفة مناهج التفكير في العلوم وفي غيرها، فراح يرسم مستقبله بعيدا عن كوابح التجهيل والاستيلاب". أكد الدكتور، أنه لا أهمية للفلسفة إن هي لم تدرّبنا على التعاطي العقلاني مع مشاكلنا ومع قضايا الحياة، بل وموضوعات الفلسفة نفسها، إذ نتعلم من الفلسفة كيف نفكر في القضايا التي تعترضنا، من قضايا العلم والاجتماع والسياسة والأخلاق.. إلى قضايا الإجابة على سؤال امتحان الفلسفة نفسه في البكالوريا وفي غيرها.

أضاف؛ إننا نهين الفلسفة وعقل الإنسان حينما نجعلها تعول على الشعوذة والتنجيم، للتحدث عن نفسها والإجابة عن اسئلتها، وهي التي علَمت الإنسان طرق التفكير وطرق العيش السعيد، وحرّرته من تلك الأباطيل. وإنّنا نهين الفلسفة حين نعود بها إلى عصر ما قبل طاليس، نتوسل بالأساطير والمنجمين ليعطوننا أجوبة عن سؤال في الفلسفة، كان يفترض منا أننا هيأنا أنفسنا للإجابة عنه بالتعلم السليم للفلسفة. مؤكدا أن الفلسفة ليست ولن تكون حفظ مقالات وحشو ذاكرة الطلبة بمعلومات يستعينون بها في الإجابة على أسئلة الامتحانات، بتوجيه من الأساتذة المنجمين.

وأكد الدكتور أنه لا ينتظر من الدرس الفلسفي أن ينجح ويرسم للفلسفة طرق الولوج إلى الحياة الثقافية والاجتماعية، ما لم نعد النظر جذريا، أساتذة ومؤسسات، في الطرق التي يتم بها تقديم الفلسفة للطلاب، ولا يمكننا التعويل على الشعوذة والتنجيم في معرفة أسئلة الامتحانات، فقد تجاوز عقل الإنسان ومعرفته ذلك منذ عصور ما قبل الميلاد، بفضل الفلسفة نفسها.