رسمت الابتسامة على محيا الجزائريين لعقود طويلة

وداع مهيب للفنانة بيونة بالمسرح الوطني الجزائري

وداع مهيب للفنانة بيونة بالمسرح الوطني الجزائري
  • 354
لطيفة داريب لطيفة داريب

 شهد المسرح الوطني الجزائري "محي الدين بشطارزي"، أمس الأربعاء، أجواء مهيبة خلال مراسم إلقاء النظرة الأخيرة على جثمان الفنانة القديرة بيونة، التي رحلت عن عالمنا تاركة بصمة عميقة في الساحة الفنية الجزائرية. وقد توافد عدد كبير من الفنانين ومحبي الراحلة على المسرح، تعبيرا عن وفائهم وامتنانهم لفنانة صنعت الفرح في قلوبهم لعقود طويلة.

امتلأت قاعة المسرح الوطني بجمهور غفير، ضمّ عددا معتبرا من الفنانين الذين عرفوا بيونة عن قرب، وقد كانت ملامح الحزن بادية على محياهم وبعض الدموع تترقرق في أعينهم، فقد نزل خبر وفاة بيونة عليهم كالصاعقة، خاصة أنها كانت بحق محبوبة الجماهير والضحك معها أو حين مشاهدتها في التلفزيون والمسرح والسينما..أمر محتوم. في هذا، عبرّ بعض الفنانين لـ«المساء" عن تأثّرهم الشديد برحيل بيونة، الفنانة التي رسمت الابتسامة على وجوه الجزائريين، مؤكّدين أنّ رحيل بيونة ليس خسارة لعائلتها فقط، بل خسارة للفن الجزائري كلّه.

في هذا قال الفنان أحمد قادري (قريقش) لـ«المساء" إنّه "يتذكر الفنانة بيونة حينما كانا يعملان معا في مهرجان الضحك ببوسماعيل (تيبازة) وأن بيونة فنانة لا يمكن أن يكون لها مثيل فهي بالفعل استثنائية بامتياز". أما الفنان سيد علي بن سالم، رئيس جمعية الألفية الثالثة والذي سبق له وأن كرّم الفنانة، فقدّم تعازي الجمعية برحيل بيونة التي قدّمت الكثير للساحة الفنية الجزائرية وخارجها، مذكّرا بمشاركة الفنانة في مسلسل "الحريق" للمخرج الراحل مصطفى بديع، مضيفا أنّ الفنانة كانت "قطعة سكر" وكانت كثيرة الابتسامة وبيتها مفتوح لكلّ الفنانين خاصة القدامى منهم، كما كانت تحترم الجميع، صغيرا كان أم كبيرا. ليشبه حب الجمهور الجزائري لها بحبّه لعمر الزاهي الفنان الموهوب والمتواضع مثل بيونة.

أما الفنان حسان كرشاش فقد تذكر مشاركة بيونة في بدايات "الفهامة" وكيف أنّها كانت تتقطر طيبة وإنسانية، راجيا من الله أن يلّم شمل أولادها في بيت واحد مثلما كان تتمنى دوما. وأضاف أنّ بيونة ومن خلال أعمالها الناجحة داخل وخارج الوطن، أكّدت إبداعها منوّها بعودتها في السنوات الأخيرة للظهور على الشاشات التلفزيونية الجزائرية والموّجهة الى الشعب الجزائري. بينما عادت الفنانة زكية قارة تركي في حديثها ل«المساء" الى ذكريات جمعتها مع بيونة، مثل مشاركتها لها في سكاتش بطلب من الفنانة الراحلة وكذا اللقاء الذي جمعهما في فعالية ثقافية واعتراف بيونة بحبها للفن الأندلسي ومساندتها القوية للتراث الجزائري.

من جهتها، عبرّت الفنانة عتيقة بن طوبال عن حزنها الشديد بفقدانها لصديقتها بيونة، التي قالت إنّها كانت تفيض إنسانية، وأنه في اتصال هاتفي لها منذ ثلاثة أشهر أخبرتها بمفاجأة تتمثل في العمل معا في المستقبل القريب، مضيفة أنّ بيونة كانت ترفض رفضا قاطعا الذهاب إلى المستشفى وكانت تخبر الجميع بأنّها تتمتّع بصحة جيّدة. بالمقابل، عرف قدوم جثمان الفنانة بيونة إلى المسرح اطلاق زغاريد عليها، كما وقف الجميع في صمت ووقار أمام جثمان الراحلة، وقد بدت مشاعر الحزن واضحة على وجوه الحاضرين الذين صعدوا على المنصة لإلقاء النظرة الأخيرة على فنانة أسعدتهم كثيرا .

ولم يكن اختيار المسرح الوطني مجرّد مصادفة، فهو المكان الذي أحبّته بيونة التي أصبحت من خلال مسيرتها الفنية الناجحة، وشخصيتها المرحة والقوية في آن واحد،  أحد الرموز المحبوبة في الكوميديا الجزائرية. وقد رأى الكثيرون أنّ وداعها من هذا المكان هو رسالة تقدير لمشوارها الطويل. رغم رحيلها، ستظل أعمال بيونة مرجعا في الكوميديا الجزائرية، بما تحمله من صدق وعفوية وخفة ظلّ ميّزت شخصيتها الفنية. وستبقى مشاركاتها في المسرح والتلفزيون والسينما جزءا من الذاكرة الجماعية للجزائريين. وأُسدل الستار على مراسم الوداع قبيّل الظهر، قبل نقل جثمان الراحلة إلى مثواه الأخير بمقبرة "العالية" وسط حضور كبير من محبيها، الذين رددوا دعواتهم لها بالرحمة وأن يسكنها الله فسيح جناته.