وداعا
رحلت يا ابن الجزائر البار، سيبقى يخلدك التاريخ ويكتب مآثرك، وتذكرك الأجيال مجاهدا وقائدا وعد وأوفى ومن أمثاله قليلون.
نم قرير العين بعد أن أديت الأمانة، كنت من الرجال الذين عاهدوا الله وما بدلوا تبديلا. لقد أعطيت كل ما يمكن، وقتك وحياتك وراحتك من أجل صون أمن الجزائر واستقرارها.
كنت من الرجال القلائل الذين ضحوا من أجل الجزائر، كنت من الرعيل الأول الذين التحقوا بالثورة وعمرك لا يتعدى السابعة عشر، واصلت المسيرة دفاعا عن الجزائر وشعبها ويشهد لك أن الجيش الوطني الشعبي بلغ من العصرنة والاحترافية في عهدك مكانة أصبحت تقلق الأعداء وترهبهم.
رافقت شعبك في حراكه متحديا أعداء الجزائر في الخارج وأذنابهم في الداخل، أقسمت ألاّ تسيل قطرة دم خلال هذا الحراك، فوفيت ورافقت الجزائريين في مسيرة إخراج البلاد من أزمة الشرعية وإيصالها إلى بر الأمان.
آمنت بإرادة الشعب وإخلاصه وحبه لوطنه فرافقته إلى بلوغ التغيير المنشود.
وهاهو الشعب يرد الجميل،، لقد صنع لك ملحمة شيعك فيها إلى مربع الشهداء، وهو يهتف "جيش شعب خاوة خاوة، قايد صالح مع الشهداء"، اعتراف وتقدير لوقوفك إلى جانبه.
لقد حافظت على الجزائر وحملت ثقل همومها ووقفت إلى جانب الإرادة الشعبية، وأنت القائل إن الوطن ليس له ثمن. قلت إنك من صلب الشعب، وأنت الذي وجهت تعليمات للقوات القتالية بصريح العبارة: "ردوا بالكم أن تغلطوا مع الشعب، لن أسمح بذلك".
أكملت المهمة وصنت الوديعة ووفيت بوعدك في أصعب وأحلك الفترات التي مرت بها الجزائر، ثم رحلت حاملا معك وسام الاستحقاق اعترافا من الجزائر وشعبها بتضحياتك ووفائك، رحلت وأنت مطمئنا على الجزائر بعد أن وضعتها في أيد آمنة.
وهاهي الجزائر التي خرج شعبها من ٤٨ ولاية في جنازتك، تبكيك بعد أن صنعت فرحتها ورحلت.
نم قرير العين، فالمخلصون والأوفياء أمثالك قليلون، فوداعا، وداعا أسد الجزائر.