جدال طال مضمونها وطعن في لجنة تحكيم جائزة آسيا جبار
”هوارية” الرواية التي أغلقت دار نشرها
- 2449
تصاعدت الأحداث التي أثارها فوز رواية “هوارية”، للكاتبة إنعام بيوض، بجائزة آسيا جبار، في منحى غير متوقع، بدأ عند رواد التواصل الاجتماعي، بالتعليق على عدم أحقية الكاتبة بالجائزة، لأن المؤلَّف يضم كلمات نابية وأنها أساءت لمدينة وهران، بينما طعن آخرون في مستوى لجنة التحكيم التي ترأسها البروفيسور عبد الحميد بورايو، وانتهى الأمر بإعلان الناشر “دار ميم”، عن غلق أبوابه وانسحابه من النشر.
ضمن بيان غير واضح خلفيته، حتى وإن كان ضمنيا بسبب رواية “هوارية”، نشرت “دار ميم للنشر”، صباح أمس، بيانا على صفحتها الرسمية على “الفايسبوك”، وجهته، وفقا لما كتبته، للجزائريين، للمثقفين خاصة، وللقراء الحقيقيين والمزيفين للكتاب وللكتبة، ولدور النشر الحقيقين وأشباه دور النشر.
وتضمن البيان، أن الدار قضت سنوات من المعافرة، على حلوها ومرها، لتقدم للجزائر، للمثقف، للقارئ، للكاتب، للمشهد ولصناعة الكتاب، عملا ذا قيمة فنية جمالية ومعرفية، وتابع نفس البيان “أصابت وأخطأت ككل مجتهد، ولكنها قدمت صورة طيبة للبلاد في كل المحافل، كما يعلم الجميع، لم تطمع في أكثر من ذلك، الحرص على المعنى وجدوى أن تكون في مكان وتعطي وقتك ومالك وانتباهك له.. ولكن لا جدوى ولا معنى من محاربة العبث”.
وأعلنت الدار بتاريخ أمس 16 جويلية 2024، انسحابها من النشر، وكتبت “تاركين الجمل بما حمل، كما فعلنا دوما، وأن ميم أغلقت أبوابها منذ اللحظة في وجه الريح، وفي وجه النار، ..لم نكن إلا دعاة سلم ومحبة ولم نسع لغير نشر ذلك”، وختم البيان “حافظوا على البلاد من التشتت وحافظوا على الكتاب”.
ثم سرعان ما تحول الجدال من الرواية وصاحبتها إلى تضامن مع دار النشر، وعبر العديد من الروائيين والصحفيين عن دعمهم الكامل لدار النشر “ميم”، ودعوها للتراجع عن هذا القرار، إذ يعتقدون أنه لا يصب في مصلحة المبدعين الحقيقيين في الجزائر.
ولم يسبق لجائزة آسيا جبار للرواية، أن عرفت هذا السجال، منذ تأسيسها في 2015، وكانت رواية “هوارية” الفائزة بالجائزة الأولى في فئة اللغة العربية، لدورة 2024.
في هذا الشأن، كتبت عضو لجنة التحكيم أمينة بلعلى، مبررة اختيار “هوارية”، إلى المعايير المعلن عنها، والتي تأخذ بعين الاعتبار الالتزام بالثوابت الوطنية والتمكن من بناء العالم الروائي بلغة جيدة ومعبرة ورؤية مختلفة، وموقف يؤطر عناصر العمل الروائي. واسترسلت بلعلى “لقد استطاعت الروائية أن تحقق هذه المعايير وتكتب نصا مختلفا، تناول مرحلة حرجة من تاريخ الجزائر، من خلال رسم يوميات فئة اجتماعية تعيش الفقر والتهميش”.
وأكدت أن اللجنة رأت بأن هذه الرواية محكمة في بنائها السردي، ورسم شخصياتها والمكان المتعلق بأحد أحياء وهران الغارق في الآفات الاجتماعية، والعوز المادي الذي تم استغلاله من أجل إثارة الأزمة التي عرفتها الجزائر في العشرية السوداء.
أما فيما يخص مسألة البذاءة في اللغة والألفاظ النابية، فيعتقد البعض أن اللغة هي التعبير الملائم والمناسب لحياة شخصيات الرواية وبيئته، ولأن الرواية تدور في أجواء الفقر، والجهل، الخيانة، الزيف، الملاهي، المخدرات والمومسات، فمن المنطقي أن يجد القارئ، ما يعكس هذه البيئة من جمل فاحشة. ودعا الكثير من المتعقلين إلى عدم الانسياق وراء المجادلات الفايسبوكية الفارغة، والاحتكام بما يتضمنه النص الروائي كمنجز إبداعي.
كما ذكر البعض بقيمة ومكانة الكاتبة إنعام بيوض الثقافية والعلمية، فهي كاتبة وشاعرة وفنانة تشكيلية ومترجمة وروائية جزائرية، اشتغلت بتدريس الترجمة بشقيها التحريري والشفوي في الجامعات الجزائرية، وأنجزت عدة ترجمات لأبرز الكتاب الجزائريين، اختيرت عضواً في المجلس الاستشاري لتقرير المعرفة التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالتعاون مع مؤسسة آل مكتوم (2009-2014)، وعضوا في المجلس الاستشاري لتقرير “آفاق التكامل الحضاري في الوطن العربي” التابع للجنة الأمم المتحدة “الإسكوا” (2009-2013)، تشغل منصب مدير عام المعهد العالي العربي للترجمة بالجزائر التابع لجامعة الدول العربية منذ إنشائه.
ولها عدة إصدارات منها “الترجمة الأدبية: مشاكل وحلول”، وروايتها “السمك لا يبالي”، وديوانها “رسائل لم ترسل” (2003).