حياتهم مرهونة بـ 5 آلاف متبرع متوفى
10 آلاف مريض بحاجة إلى عمليات زرع الكلى
- 901
يحتاج 10 آلاف مريض مصاب بقصور كلوي حاد مسجل حاليا في قائمة الانتظار، إلى التبرع بهذا العضو الحساس في الجسم، حيث أكدت الوكالة الوطنية لزرع الأعضاء أن هذه العمليات تستدعي وجود 5 آلاف متبرع متوفى دماغيا توافق عائلته على التبرع بكليتيه لإنقاذ هؤلاء المرضى، في الوقت الذي لاتزال العمليات بالرغم من أهميتها في إنقاذ حياة المرضى، بحاجة إلى توعية وتحسيس لإقناع المواطنين بها.
وأكد البروفيسور ريان رئيس الوكالة الوطنية لزرع الأعضاء خلال الندوة التي نظمتها وزارة الصحة أمس بالجزائر للحديث عن عملية زرع الأعضاء التي تم إجراؤها الأسبوع المنصرم انطلاقا من متبرع متوفى، أكد أنه بالرغم من توفر الكفاءات الطبية الجزائرية من طاقم طبي بات يتحكم في هذه العمليات الجراحية الصعبة والدقيقة، فإن عمليات زرع الأعضاء في الجزائر لازالت قليلة جدا ومحتشمة بسبب رفض عائلات الأشخاص المتوفين الموافقة على عمليات التبرع ببعض أعضاء ذويهم، لعدة اعتبارات مرتبطة أساسا بنقص التوعية والاعتقادات الخاطئة من الناحية الدينية، حيث تقتصر حاليا جل العمليات المتعلقة بزرع الكلى، حسب المتحدث، على متبرعين أحياء، عادة ما يكونون من عائلات المرضى، فيما تكاد تنعدم العمليات التي يكون المتبرع بها من المتوفين.
وفي هذا السياق، ذكر البروفيسور ريان بأن قائمة الانتظار الموجودة على مستوى الوكالة تحصي 10 آلاف مريض يعانون من قصور كلوي، وهم بحاجة إلى متبرع بالكلى، الأمر الذي يستدعي، حسبه، توفر 5 آلاف شخص متوفى يتبرعون بكليتيهم الاثنتين لإنقاذ هؤلاء المرضى.
وأوضح المتحدث أن عملية التبرع من المتوفى دماغيا والذي يكون تحت الرقابة الطبية في الإنعاش وتكون كليته أو كبده في صحة جيدة، لا تتم إلا بموافقة أفراد عائلته، "حيث لا يمكن بأي حال من الأحوال، نزع أعضائه بدون هذه الموافقة حتى وإن كان مسجلا في السجل الوطني للتبرع بالأعضاء". وذكّر البروفيسور بالمناسبة، بأن أي مواطن يرغب في التبرع بأعضائه بعد وفاته، ما عليه سوى ترك وصية لأهله، لأن العملية لن تتم إلا بموافقتهم في ظل عدم وجود قانون يرخص إجراء عملية نزع الأعضاء بمجرد موافقة صاحبها قبل وفاته.
وفي سياق متصل، أعلن وزير الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات محمد ميراوي عن عقد لقاء تقييمي وتحسيسي بعد غد الخميس، للانطلاق في برنامج وطني للتوعية بأهمية التبرع بالأعضاء بالتنسيق مع وزارة الشؤون الدينية والأوقاف، بهدف إقناع المواطنين بأهميتها وفائدتها في إنقاذ حياة المرضى.
وتحصي الجزائر حاليا 1552 شخص يحملون كلى متبرع بها، استفادوا منها منذ انطلاق عملية زراعة الأعضاء، إذ تشير الأرقام إلى وجود 268 عملية زرع كلى خلال السنة المنصرمة 2018، منها 70 بالمائة كانت بمستشفى محند أمقران معوش بالعاصمة، لتبقى الجزائر متقدمة بذلك على باقي الدول المغاربية بالرغم من أن هذه العمليات لازالت قليلة جدا مقارنة بالدول المتطورة.
وأوضح مسؤولو وزارة الصحة والوكالة الوطنية لزرع الأعضاء، أن مستشفى باتنة سيستأنف قريبا القيام بالعمليات الجراحية المتعلقة بزرع الأعضاء بعدما توقف في السنوات الأخيرة، بسبب بعض المشاكل التقنية التي ترتبط بنقص الموارد البشرية في تخصص الإنعاش، باعتبار أن نزع الأعضاء من المتبرعين يتطلب تقنيات وكفاءات عالية وطاقما طبيا مجندا بدون انقطاع، لمراقبة المتبرع في كل مراحل الاحتضار، والتمكن من نزع أعضائه قبل وفاته، علما أنه لا يمكن استغلال أعضاء كل المتوفين، حيث تقتصر العملية على أنواع وفاة محددة دون غيرها، عادة ما تخص الوفاة الدماغية، حيث تبقى الأعضاء الأخرى صالحة.
وتجدر الإشارة إلى أنه تم تحويل هذه العمليات بعد توقفها بمستشفى باتنة، إلى المستشفى العسكري بقسنطينة، والذي تمكن من إجراء 4 عمليات تتعلق بزرع الكبد، منها العملية التي تمت الأسبوع الماضي. وشملت هذه العملية التي تمت على مدار 48 ساعة بدون انقطاع، زرع أعضاء متبرع متوفى دماغيا لفائدة ثلاثة مرضى، 2 منهم من برج بوعريريج وواحد من البليدة، حيث تبين بعد إجراء تحاليل لعدة مرضى مسجلين في قائمة الانتظار، أن أجنّة هؤلاء الثلاثة تتطابق مع أجنة المتوفى، وبالتالي يمكن زرع أعضائه فيهم، فاستفاد اثنان منهم من كلى المتوفى، فيما استفاد الثالث من كبده.
وشارك في العملية كل من المركز الاستشفائي الجامعي بقسنطينة والمركز الاستشفائي الجامعي لباتنة والمؤسسة الاستشفائية المختصة معوش أمقران بالعاصمة والمستشفى العسكري بقسنطينة والمركز الاستشفائي الجامعي نفيسة حمود؛ أي بارني سابقا، وكذلك معهد باستور الذي أشرف على التحاليل.
وتُعد هذه العملية الأولى من نوعها بإشراف طاقم طبي جزائري بالكامل، فيما تتواصل هذه العمليات كلما توفر متبرع متوفى لإنقاذ حياة شخص في أمس الحاجة إلى ذلك.
ودعا أفراد الطاقم الطبي الذين أشرفوا على هذه العملية الحساسة الأسبوع الماضي، المواطنين إلى التبرع بأعضاء أفراد عائلاتهم بعد وفاتهم لإنقاذ المرضى الذين تزداد معاناتهم يوميا، خاصة بالنسبة للمتوفين في الحوادث؛ كحوادث المرور، والذين لا يعانون من أي مرض وتكون أعضاؤهم في صحة جيدة.