فيما وقفت الجهات المعنية متفرجة

أسعار الخضر والفواكه تلتهب

أسعار الخضر والفواكه تلتهب
  • القراءات: 1043
 حسينة/ل حسينة/ل

لم يفهم المواطن أسباب التهاب أسعار الخضر والفواكه، الذي طال في الآونة الأخيرة حتى الأسواق الشعبية التي كان يلجأ إليها، بعد أن تضاعفت أسعار بعض المواد بأربع إلى خمس مرات في وقت وجيز.وفي الوقت الذي يرجع فيه البعض، هذا الارتفاع إلى الوسطاء والمضاربين، فإن المسؤول الأول عن قطاع التجارة، السيد مصطفى بن بادة، يرى أن الأمر يعتبر عاديا كون الإنتاج الفلاحي ينخفض إلى أدنى مستواه  في فصل الشتاء، مخلفا بذلك نقصا كبيرا في العرض وبالتالي ارتفاعا في الأسعار.

وطالت الزيادات في الأسعار مختلف المنتجات الفلاحية لاسيما الخضر والفواكه الطازجة التي سجلت أعلى مستوياتها هذه السنة، فبلغ سعر الكوسة 300 دينار، الجزر واللفت 60 دينارا، البصل 35 دينارا الطماطم 150 دينارا والفاصوليا الخضراء 200 دينار والبرتقال والمندرين 100 دينار للكيلوغرام.

هذه الأسعار سجلتها ”المساء”، أمس، بسوق بومعطي الشعبي بالحراش، الذي أصبح يستقطب أعدادا متزايدة من المواطنين علهم يجدون ما تقدر جيوبهم على اقتنائه بعد أن لفظت الأسواق المنظمة لهيبها ومنعتهم من الاقتراب منها.بعض ربات البيوت اللواتي حضرن في الصباح إلى هذه  اكتفين بشراء بعض ما يكفي لوجبات اليوم في انتظار ما يحمله الغد، فيما راح العديد من المواطنين يطلقون العنان لتعاليقهم حول الأسعار المعروضة متسائلين عن سبب ارتفاعها بين عشية وضحاها وتصاعدها المستمر دون تدخل الجهات المعنية لضبطها خاصة وأنها فاقت الحد المعقول حسب هؤلاء المواطنين.

وما زاد من دهشة المستهلكين هو تحول بعض المنتجات التي كانت تعرف بأنها أساس غذاء المواطن البسيط، إلى منتجات صعبة المنال ما يستوجب اتخاذ تدابير فورية لضبطها يقول أحد المواطنين الذي أقسم وهو يجوب أروقة السوق على أنه لن يقتني سوى حزمة سبانخ وبضعة كيلوغرامات من البطاطا آملا في أن تتراجع أسعار المواد الأخرى في أقرب وقت.

 العرض يسجل عجزا بـ30 بالمائة

يرى اتحاد التجار والحرفيين الجزائريين على لسان ناطقه الرسمي، الحاج الطاهر بولنوار، أن التهاب أسعار المنتجات الفلاحية يعود إلى تسجيل عجز على مستوى العرض بنسبة 30% مقارنة بالطلب، بالإضافة إلى ضعف أداء غرف الحفظ والتبريد وسوء تنظيمها مما فتح المجال للمضاربة، مشيرا إلى أن هذه الغرف من المفروض أن تساهم في استقرار التموين الذي يؤدي بدوره إلى استقرار الأسعار إلا أن العديد منها يعرف سوء التسيير والبعض الآخر يلجأ أصحابها إلى المضاربة. 

كما يرجع هذا الارتفاع إلى الاضطرابات الجوية التي تمنع الكثير من المزارعين من جني محصولهم خاصة الخضر الموسمية، فضلا عن نقص عدد الأسواق الجوارية التي تساهم في تضخيم الفارق بين سعر الجملة وسعر التجزئة الذي يتراوح في الكثير من الحالات بين 50 و100 بالمائة. وما يساهم أيضا في نقص وفرة الخضر -حسب ممثل اتحاد التجار والحرفيين- في الوقت الحالي هو أن أغلبية مموني أسواق الجملة من أصحاب البيوت البلاستيكية الذين يبقى إنتاجهم ضئيلا جدا. 

 جمعية حماية المستهلك تطالب بآليات لضبط السوق

من جهته، يؤكد رئيس جمعية حماية المستهلك، السيد مصطفى زبدي، أن التقلبات التي تعرفها الأسعار في كل مرة وبصفة متسارعة وغير معقولة، وبدون سابق إنذار، سببها غياب استراتيجية وطنية للتخزين وضبط الأسعار، موضحا في تصريح لـ«المساء” أن جميع المنتجات بما فيها المستوردة عرفت ارتفاعا في الأسعار وبنسب متفاوتة تزيد عن 10 بالمائة. وعبر عن أسفه كون أنه كلما ارتفع سعر منتج فإنه لن يعود للانخفاض حتى بعد زوال أسباب ارتفاعه، وذكر في هذا السياق سعر مادة السكر الذي تراجع في السوق العالمية بنسبة محسوسة ومع ذلك لم ينخفض سعره عندنا.

أما عن المنتجات الفلاحية الطازجة (الخضر والفواكه) فأشار السيد زبدي إلى أنه، بغض النظر عن أنها موسمية أو غير موسمية أو سقطت الأمطار أم لم تسقط، فإن أسعارها ترتفع في كل مرة، موضحا أن المشكل أعمق من هذا كون النشاط الفلاحي يعرف حاليا عزوفا حادا من طرف الشباب الذين يفضلون التوجه نحو النشاطات الخدماتية، ويضيف محدثنا أن هذا العزوف يعود إلى كون خدمة الأرض مكلفة والربح فيها قليل، ضاربا مثالا بمادة البطاطا التي يبيعها الفلاح بسبعة دنانير فقط لتباع بـ35 إلى 40 دينارا للمستهلك.

وما ساهم في ارتفاع الأسعار -يضيف السيد زبدي- هو غياب البديل للأسواق الفوضوية، التي تم القضاء على العديد منها عبر الوطن، في إطار إجراءات إزالة التجارة الموازية، حيث لم تجسد لحد الآن المشاريع المسطرة لمختلف الهياكل التجارية. ودعا المتحدث في هذا السياق السلطات المعنية إلى التعجيل بوضع آليات تضبط وفرة وسعر المنتوج تشجيعا للمنتجين وحماية لمصلحة المستهلك وحقه في اقتناء منتجات في متناوله وبأسعار معقولة.

 بن بادة يرمي الكرة في مرمى وزارة الفلاحة

  أما وزير التجارة، مصطفى بن بادة، فارجع، أسباب الارتفاع القياسي في أسعار معظم الخضر والفواكه، إلى انخفاض الإنتاج في فصل الشتاء والاعتماد بشكل كبير على منتوجات البيوت البلاستيكية التي لا تغطي حاجة المستهلكين كون إنتاجها قليلا مقارنة بالطلب الوطني، متوقعا انخفاضا في الأسعار بعد جني المنتوج في ولايات الجنوب.

وأوضح بن بادة ردا على استفسار ”المساء” في الموضوع أن الإنتاج الفلاحي يعرف انخفاضا قياسيا في هذا الفصل، مما يفسر انخفاض العرض بالسوق، مشيرا إلى أنه في الأيام القادمة ستصل السوق كميات معتبرة من الخضر والفواكه المنتجة بالمساحات المحمية ببعض ولايات الجنوب لاسيما منها أدرار، بسكرة والوادي وهي الولايات التي أصبحت تنافس منطقة الشمال في إنتاج هذه المواد الفلاحية الطازجة.

ورمى الوزير بالكرة في مرمى وزارة الفلاحة والتنمية الريفية بتأكيده على ضرورة تعزيز القدرات الوطنية في مجال التخزين من أجل ضبط السوق وتوفير المنتجات طيلة السنة لاسيما الموسمية منها، داعيا إلى ضرورة الإسراع في الرفع من قدرات التخزين من 1 مليون إلى 3 ملايين متر مكعب وهو المشروع الذي قال إنه تأخر. كما دعا إلى  توسيع آليات ضبط الخضر واسعة الاستهلاك، الأمر الذي من شأنه التأثير على السوق والتحكم في الأسعار من خلال تقديم عرض إضافي.

وأكد أهمية توسيع مشروع التخزين الذي انطلق في 2010 وشمل إلى حد الآن مادة البطاطا فقط، ليشمل منتجات فلاحية أخرى لاسيما واسعة الاستهلاك.