توافق بين توصيات منتدى الحوار ومقترحات مؤشسسات الدولة
أولوية الانتخابات واستبعاد المرحلة الانتقالية
- 975
صبت اقتراحات المنتدى الوطني للحوار الذي جمع عدة أحزاب سياسية وشخصيات وطنية لبحث حلول للأزمة التي تعيشها البلاد في نفس اتجاه الخطاب الأخير لرئيس الدولة عبد القادر بن صالح وعديد المحللين والمختصين في المجال السياسي والقانون الدستوري، الذين أكدوا أن تنظيم الانتخابات الرئاسية في أقرب وقت بعيدا عن مرحلة انتقالية مع إبعاد جميع رموز النظام ودعاة العهدة الخامسة، يبقى يشكل الحل الوحيد لاسترجاع الشرعية والخروج من الأزمة احتراما للإرادة الشعبية.
فيعد أن كانت عديد أحزاب المعارضة والشخصيات الوطنية تعارض وترفض كل الاقتراحات التي جاءت بها الخطابات السابقة لرئيس الدولة منذ تعيينه، يبدو أنها لمست هذه المرة في الخطاب الأخير الذي أدلى به الرئيس يوم الثلاثاء الماضي ”نوعا من الإرادة السياسية الجادة” لحل الأزمة، حيث تجلى ذلك من خلال التوافق المسجل بين مضمون خطاب بن صالح وفحوى المبادرات التي تقدمت بها قوى التغيير، لا سيما ما تعلق منها بتنظيم انتخابات نزيهة من دون إشراك رموز النظام التي يرفضها الحراك الشعبي، وإقصاء كل دعاة العهدة الخامسة للرئيس السابق بوتفليقة وكل دعاة تمديد هذه العهدة، مثلما شدّدت عليه بعض الشخصيات الحزبية التي شاركت في منتدى الحوار، أول أمس.
كما توافقت بعض توصيات هذه الندوة مع الطرح الذي ظل يلح عليه قائد أركان الجيش الوطني الشعبي في خرجاته الميدانية وعديد المحللين السياسيين والخبراء في القانون الدستوري، والمتمثل في الابتعاد عن إقرار مرحلة انتقالية، لما لها من مخاطر قد تضر بالبلاد من ناحية الأمن والاستقرار كما تم تسجيله في عديد الدول التي عاشت هذه التجربة. حيث ترى الندوة أن الحل الوحيد لإنقاذ البلد هو تنظيم انتخابات رئاسية كهدف استراتيجي للحوار، يتم تنظيمها في مدة لا تتجاوز ستة أشهر لإعادة الشرعية لكل مؤسسات الدولة في اقرب وقت ممكن، حفاظا على الاستقرار والمصالح العليا للبلاد.
كما تتساوق التوصيات الأساسية التي خرجت بها الندوة الوطنية للحوار التي ترأسها الدبلوماسي والوزير الأسبق عبد العزيز رحابي مع دعوات الطبقة السياسية والحراك الشعبي وكذا الخطاب الأخير لرئيس الدولة في الشق المتمثل في تأسيس لجنة مستقلة لتنظيم ومراقبة الانتخابات تشرف على كل العملية من بدايتها إلى آخرها دون تدخل الإدارة لضمان نزاهتها وعدم تزويرها.
وإن التزم المشاركون بضرورة الحوار لحل الأزمة كما دعت إليه المؤسسة العسكرية في مرات عدة، فإنهم اتفقوا على ضرورة المزج بين الحل السياسي والحل الدستوري باعتبارهما متلازمين، وذلك بعد أن أكدت عديد الشخصيات أن ”التقيد بالدستور حرفيا وعدم التفتح على مبادرات واقتراحات سياسية كما يريده الحراك الشعبي قد يعيق بعض الحلول”. ومن بين المبادئ التي خرج بها المنتدى الوطني للحوار، هي أن الشعب هو صاحب السيادة ومصدر جميع السلطات وفقا للمادتين 7 و8 من الدستور وأن بيان أول نوفمبر 1954 هو المرجعية الموحدة في إقامة الدولة الجزائرية وأن الوحدة الوطنية ثابت مقدس.
كما دعت مخارج المنتدى إلى احترام الحقوق والحريات، وفقا لما نصت عليه قوانين الجمهورية والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان واحترام التعددية الحزبية والنقابية وحرية العمل الجمعوي وحرية الإعلام العمومي والخاص.
واعتبر المنتدى أن الجيش الوطني الشعبي هو مؤسسة دستورية تتمثل مهامها الدائمة في المحافظة على الاستقلال الوطني والدفاع عن السيادة الوطنية وعن وحدة البلاد وسلامتها الترابية. علما أن السيد بن صالح وفي خطابه الأخير كان قد أكد بأن المؤسسة العسكرية لن تتدخل في الحوار على أن تكون ضامنا ومرافقا للتحول الديمقراطي، حيث سيبقى هذا الحوار مفتوحا للشخصيات الوطنية التي تلقى قبولا من طرف الحراك وتحظى بثقة الشعب.
كما رفض المنتدى أي تدخل أجنبي في الشؤون الداخلية للبلاد تحت أي شكل من الأشكال.
ومن بين الآليات التي طالب المنتدى بتفعيلها، ضرورة اتخاذ إجراءات بعث الثقة وتهيئة الأجواء للحوار على غرار تثمين الحراك الشعبي واستبعاد رموز النظام السابق وفتح الحقل السياسي والإعلامي واحترام مبادئ القضاء العادل والحقوق والحريات الفردية والجماعية.
ولدى تطرقها لآليات تفعيل الحوار الوطني، دعت وثيقة المنتدى إلى تشكيل هيئة لتسيير هذا الحوار تتكون من شخصيات وطنية مشهود لها بالنزاهة والمصداقية والأهلية العلمية وتتمتع بقبول شعبي واسع، ويختار أعضاؤها في إطار توافقي بين أطراف الحوار مع استبعاد رموز النظام السياسي السابق.
ويرى المشاركون في المنتدى أن الحوار ينبغي أن يكون مفتوحا على كل الوساطات السياسية والاقتصادية والاجتماعية المنخرطة والمرافقة للهبة الشعبية والشباب والشخصيات المواكبة للثورة السلمية، وهي النقطة التي تلقى صداها هي الأخرى في مجمل المقترحات والتوصيات التي صدرت عن كلا من رئاسة الدولة وقيادة المؤسسة العسكرية اللتين تحرصان من جهتهما على وجوب الوصول إلى التوافق والإجماع الوطنيين من أجل إضفاء النجاعة التامة على الحلول المرجوة لإخراج البلاد من أزمتها السياسية وتحقيق التغيير المنشود من قبل الحراك الشعبي والذي يضمن الانطلاقة الجديد لجزائر الغد الذي يريدها الجميع.