الخبير في الشؤون الأمنية أحمد ميزاب لـ"المساء":
ادعاءات مالي باطلة هدفها تحويل الأنظار عن أزمتها الداخلية

- 211

وصف الخبير في الشؤون الأمنية، أحمد ميزاب، الادعاءات الباطلة التي أطلقتها مالي تجاه الجزائر بالمحاولة الخطيرة والمؤسفة، كونها تهدف إلى تحويل الأنظار عن أزمة داخلية تعيشها باماكو، مضيفا أن هذا البلد الجار يحاول تعليق فشله على الجزائر في إدارة الوضع الأمني داخل أراضيه، مشيرا إلى أن "الجزائر لها كل الحق في ردّ الفعل وفي رسالة الردع التي قامت بها ".
أوضح ميزاب في اتصال مع "المساء"، أمس، أن الاتهامات التي وجهتها مالي ضد الجزائر تأتي في مرحلة حساسة وفي وقت تشهد فيه المنطقة تطوّرات أمنية دبلوماسية معقدة جدا، مشيرا إلى أن باماكو أخرجت نفسها من دائرة التنسيق الأمني الاقليمي، لأنها انسحبت من آليات التعاون مع الجزائر في مكافحة الإرهاب، ما يفتح المجال أمام تدخلات غير محمودة من قوى خارجية.
وأضاف الخبير أن هذه الاتهامات لا يمكن فصلها عن الارتباطات السياسية ولا الجيواستراتيجية، خاصة مع بروز معالم جديدة بدأت تترسخ داخل مالي بعد الانقلاب والمتمثلة في التقارب مع بعض القوى الإقليمية والدولية التي تسعى لخلق تكتلات جديدة داخل المنطقة.وبشأن انحياز النيجر وبوركينافاسو إلى جانب مالي في هذه القضية، قال ميزاب إن ذلك يزيد من تعقيد الصورة، خاصة وأن هذه الدول تشهد أوضاعا أمنية معقدة وتحديات مشتركة، غير أن تحرّكاتها الحالية قد تشير إلى رغبتها في تشكيل محور جديد وهو ما قد يكون بمثابة رسالة من بعض القوى الإقليمية أو الدولية التي تدفع نحو تأسيس جبهة موحّدة تمثل تحديا للتحالفات الإقليمية القائمة مثلما سعت إليه هذه الدول في الفترة الماضية.
كما أشار إلى أن ما تفعله هذه الدول اليوم، ليس مجرد ردّ فعل على تصرّفات الجزائر كما تدعيه وإن كانت الجزائر قد قامت بما يجب القيام به في إطار البروتوكولات العسكرية الدولية وبموجب القوانين الدولية وضمن حماية سيادتها الوطنية، غير أنه لا يستبعد أن يكون ذلك جزءا من أجندات أوسع تسعى لزعزعة الاستقرار الإقليمي بشكل عام. وجزم الخبير الأمني بوجود أجندات خفية تحاول الدفع بالمنطقة إلى فوضى أمنية، مع محاولة توريط الجزائر في أزمات أو في صراعات جديدة عبر الاتهامات الباطلة التي توجّهها هذه المجموعة للجزائر.
ورغم ذلك، يرى ميزاب أن الجزائر لن تتأثر بهذه الاتهامات لأنها أكبر من أن تتأثر بها، في الوقت الذي لم تتوقف محاولات إضعافها سياسيا خاصة في هذا الظرف الحساس الذي يشهد تحوّلات كبيرة في الساحل والصحراء، مضيفا أن المؤامرة قد تكون متعدّدة الأبعاد من أجل محاولة تقويض نفوذ الجزائر الإقليمي وتقليص دورها في ملف مكافحة الإرهاب وفتح المجال لقوى أخرى تسعى للهيمنة على المنطقة.
في هذا السياق أوضح الخبير الأمني، أن دور الجزائر في مكافحة الإرهاب ثابت ولن يتغير وأن بلادنا ستحافظ على نهجها القائم على التنسيق الإقليمي والتعاون المشترك في معالجة التحديات الأمنية، قائلا "لابد من الإشارة في هذا الإطار بأنه لا يمكن لأي بلد أن يدعي الحرب على الإرهاب مثلما تفعل السلطات الانقلابية في مالي وهي كاذبة دون التنسيق مع دول الجوار خاصة عندما يتعلق الأمر بالمناطق الحدودية وبالتالي فإنه بموجب القانون الدولي مالي تتحمّل كل المسؤولية".
وفي تعليقه حول ما يجب على الجزائر القيام به بعد انحراف الموقف المالي، أكد على ضرورة مواصلة الجزائر لسياستها الحكيمة القائمة على التنسيق الأمني مع الدول المجاورة الأخرى وتوسيع دائرة الحوار مع القوى الإقليمية والدولية لدعم أمن المنطقة.