افتتح الطبعة الـ29 لمعرض الإنتاج الوطني.. الوزير الأول:

الأرقام المحقّقة كانت سابقا بمثابة حلم

الأرقام المحقّقة كانت سابقا بمثابة حلم
الوزير الأول، وزير المالية أيمن بن عبد الرحمان
  • القراءات: 984
حنان/ح حنان/ح

فائض في الميزان التجاري بعد سنوات من العجز 

إحداث تكامل بين الصناعات العسكرية والمدنية لتحقيق نسبة إدماج تتجاوز 60 %

توفير جو عمل لائق.. والوثوق في الكفاءات الشابة 

تشجيع جاليتنا في الخارج على الاستثمار ببلادها

كشف الوزير الأول، وزير المالية أيمن بن عبد الرحمان، عن تسجيل فائض في الميزان التجاري بـ1.04 مليار دولار نهاية نوفمبر الماضي، بعد سنوات من العجز موازاة مع إحصاء 4.5 ملايير دولار من الصادرات خارج المحروقات في نفس الفترة. وقال إن هذه الأرقام التي تحققت بفضل التحكم في السوق الوطنية " كانت سابقا بمثابة حلم". الإعلان عن هذه الأرقام الجديدة كان خلال إشراف الوزير الأول، أمس الإثنين، بالجزائر العاصمة، مرفوقا بوزير التجارة وترقية الصادرات كمال رزيق، على افتتاح الطبعة الـ29 لمعرض الإنتاج الوطني بصافاكس، والذي عاد هذه السنة بعد غياب فرضته الأزمة الصحية.

ولتعزيز هذه النتائج الايجابية التي أرجعها إلى التحكم في الواردات دعا السيد بن عبد الرحمان، إلى ضرورة إحداث "تكامل" بين الصناعات العسكرية والصناعات المدنية بما يسمح بتحقيق نسبة إدماج تتجاوز 60 بالمائة، مشددا في بداية جولته بين أجنحة العرض التي استهلها بجناح وزارة الدفاع الوطني، حيث عرضت كل أنواع الصناعات العسكرية، على إعطاء أهمية بالغة لمسألة الإدماج الوطني، وكذا التنسيق بين الصناعة العسكرية والصناعة المدنية الذي من شأنه توحيد الجهود واستبدال المواد المستوردة بأخرى منتجة محليا.

دليل شامل للمنتجات العسكرية

ولهذا الغرض اقترح الوزير الأول، وهو يقف على التطورات التي شهدتها كافة مجالات الصناعة العسكرية في السنوات الأخيرة، على إعداد دليل شامل يتضمن كل المنتجات والمعدات العسكرية المصنوعة محليا، ونشرها على نطاق واسع لاسيما على مستوى المؤسسات الصناعية للتعريف بقدرات الجيش في هذا المجال، من أجل فتح باب التعاون وتمكين المتعاملين الاقتصاديين من الاستفادة من الخبرات الهامة التي اكتسبتها المؤسسات العسكرية. وهذه الأخيرة مدعوة بحد ذاتها إلى العمل على رفع نسبة الإدماج، إذ ألح السيد بن عبد الرحمان، وهو يزور جناح صناعة المركبات على ضرورة الانتقال من نسبة لا تتجاوز 10 بالمائة حاليا إلى 35 بالمائة في غضون 3 سنوات.

وقال الوزير الأول، إن مثل هذه القفزة يمكن تحقيقها عبر الاستعانة بقدرات الشباب الجامعيين وكذا عمال المؤسسة الوطنية للمركبات الصناعية الذين يملكون مؤهلات وقدرات كبيرة "يجب الوثوق فيها"، مع "توفير جو عمل لائق"، مثلما أضاف. وهي نفس الرسالة التي وجهها في جناح مؤسسة إنجاز أنظمة المراقبة بواسطة الفيديو، حيث ذكر بأن صناعة أول شريحة إلكترونية جزائرية كان في 1981، من طرف مهندس جزائري وهو ما يؤكد قدرة الكفاءات الوطنية على تحقيق ذلك، مشيرا إلى وجود سوق بـ45 مليون نسمة تنتظر تلبية طلبها الكبير على هذا المنتوج.

كما أكد الوزير الأول، على ضرورة استغلال المواد الأولية المتوفرة بكثرة في بلادنا، قائلا "لا نعرف الثروات الباطنية لبلادنا"، وهو ما يتطلب تكثيف استكشافها واستغلالها في المجال الصناعي. وبجناح مؤسسة صناعة الطائرات طالب الوزير الأول، باللجوء إلى خدمات مركز الصيانة التابع لشركة الخطوط الجوية الجزائرية للقيام بعمليات مراجعة المحركات، مشيرا إلى أن هذا المركز الأكبر على المستوى الإفريقي أنجز في 2005 بتكلفة 150 مليون دولار، لكنه بقي متوقفا إلى غاية اتخاذ قرار بعثه مؤخرا.

دور رائد.. وقدرات استجابة للصناعة العسكرية

وخلال وقوفه على إنجازات مؤسسة البناء والتصليح البحريين التابعة للجيش، اطلع الوزير الأول، على تنوع المنتجات الحربية منها والمدنية، حيث تمت الإشارة إلى تلبية طلبيات لبعض الشركات الكبرى مثل سوناطراك ونفطال، بالمقابل لم تسجل أي طلبية تخص إنجاز سفن للصيد البحري منذ التسعينيات من القرن الماضي. أمر دفع السيد بن عبد الرحمان، إلى التساؤل حول مدى قدرة المؤسسة على الاستجابة لأي طلب من هذا النوع مستقبلا، وهو ما تم الرد عليه بالإيجاب. ومثلما تحدث عن ضرورة استعانة المؤسسات العسكرية بقدرات المؤسسات الاقتصادية العمومية والخاصة، دعا الوزير الأول، الأخيرة إلى الاستفادة بدورها من خبرة المؤسسات العسكرية وإدماجها في دفاتر الشروط.

في هذا الصدد ذكر الوزير الأول، بأن الاقتصاديات الكبرى "تطورت من خلال المركّبات الصناعية العسكرية لما تتوفر عليه من انضباط وتحكم يسمح لها بالتطور، يجب أن تتقاسمه مع المؤسسات المدنية". وتم توجيه هذا الطلب بالخصوص إلى المؤسسات الكبرى وعلى رأسها سوناطراك، التي شدد على ضرورة تحقيقها مزيدا من الاستكشافات واستغلال أكبر للثروات "الهائلة" التي لم تكشف بعد، وذلك عبر برنامج "محفز" للاستكشافات، داعيا إلى وضعه في "الأيام المقبلة"، واستعانته بالقدرات المحلية، حيث ذكر بأن قانون المحروقات الجديد يسهل العمل في مجال الاستكشاف بشرط الحصول على التكنولوجيا، وهو ما يسمح لشركات المناولة والمؤسسات المصغرة باقتحام هذا المجال في إطار ما وصفه بـ"النّظرة التكاملية".

وفي المجال المالي ولدى وقوفه عند جناح البنك الخارجي الجزائري، طالب الوزير الأول، كل البنوك بـ"الالتزام بمدة شهر واحد لدراسة ملفات تمويل الاقتصاد الوطني"، لافتا إلى وجود تفاوت في المدة من بنك لآخر، كما دعاها إلى مرافقة المشاريع الإنتاجية الموجهة خصيصا لإحلال الواردات ورفع الطاقة التصديرية، مشيرا إلى وجوب دعم بعض الشُعب الصناعية.

على البنوك مرافقة القطاعين العمومي والخاص

كما دعا الوزير الأول، البنوك إلى مرافقة شركة سوناطراك لتمكينها من تلبية الحاجيات الوطنية واختراق أسواق خارجية جديدة، وكذا لدعم استثماراتها حتى تتمكن من الحفاظ على حصصها في السوق والحصول على حصص جديدة. وهو ما ينطبق على شركة سونلغاز وعلى المؤسسات الخاصة مثلما أشار إليه، مشددا على عدم التفريق بين القطاعين العام والخاص. 

وبجناح مؤسسة "سوناريك" للصناعات الإلكترومنزلية ركز الوزير الأول، على ضرورة تحسين تنافسية المنتوج الوطني من خلال الاستعانة بمراكز البحوث في الجامعات وإدراجها في مخططات العمل السنوية. وتأسف لكون هذه المؤسسة  تذكر بالإرث الصناعي العمومي الذي تم "تحطيمه"، مشددا على ضرورة إعادة بعثه حتى وإن كان الأمر يتطلب الشراكة مع القطاع الخاص. واعتبر مسؤول الجهاز التنفيذي، أن مسألة التكامل باتت حتمية لمواجهة المنافسة الخارجية، مسجلا أن الإجراءات الحمائية التي وضعتها الدولة ليست دائمة ولن تتجاوز الثلاث سنوات، لذا فإن المطلوب ـ كما قال ـ هو "الدفاع عن منتجاتنا بالامتياز". وهو ما يتم كذلك من خلال تشجيع الجالية الجزائرية في الخارج على الاستثمار ببلادها، وهو ما تعهد به الوزير الأول في جناح مؤسسة "ايكام" الخاصة التي قدم صاحبها من الخارج، لكنه يشتكي مع عراقيل إدارية.

الأمن الغذائي أولوية الأولويات

وفي المجال الفلاحي وجه الوزير الأول، رسالة واضحة للمسؤول الأول بالغرفة الوطنية للفلاحة تتلخص في كون "الأمن الغذائي هو أولوية الأولويات"، مشيرا إلى أن دور الغرفة هو توفير المنتجات الفلاحية الأساسية بأسعار مناسبة لكل فئات المجتمع، معبّرا عن امتعاضه من مواصلة استيراد البذور "التي يكون نصفها فاسدا"، إضافة إلى محدودية مردويتها.     

للإشارة يتواصل معرض الإنتاج الوطني إلى غاية 25 ديسمبر الجاري، بقصر المعارض (الصنوبر البحري)، وينظم هذا الحدث الاقتصادي هذا العام تحت شعار "استراتيجية، قدرة ابتكارية وأداء فعال: مفاتيح التنمية الاقتصادية وولوج الأسواق الخارجية". ‏وبرمجت عدة وزارات  بالمناسبة عروضا تتعلق بإسهام كل قطاع في تحفيز الإنتاج الوطني. كما ستكون التظاهرة فرصة لمناقشة الأحكام الجديدة التي تحكم الاقتصاد الوطني وكذا الترويج للمنتوج الوطني سعيا لترقية الصادرات خارج المحروقات وتنويعها. ويتوقع المنظمون أن تجذب هذه الدورة أكثر من مليون زائر خاصة بعد إلغاء طبعة 2020 بسبب تداعيات جائحة كوفيد-19.

وخصصت للمعرض مساحة إجمالية تفوق 26000 م2 بمشاركة أكثر من 500 عارض و50 مؤسسة ناشئة ممثلة لمجوعة واسعة من قطاعات النشاط، من بينها الصناعة الكيميائية والصناعة الغذائية والفلاحة والأشغال العمومية والخدمات والصناعة الإلكترونية والكهرومنزلية والصناعة البتروكيماوية. وفي هذا الإطار سيحتضن قصر المعارض ما بين 19 إلى 22 ديسمبر، تظاهرة أخرى تحت عنوان "معرض الخدمات المتعلقة بالتصدير" من تنظيم شركة "تصدير" التابعة لـ"صافكس".