دفاع المصفي يؤكد مسؤولية عبد المومن خليفة عن نهب أموال الجزائريين

الأضرار فاقت ثلاثة ملايير دولار واستفادت منها جهات أجنبية

الأضرار فاقت ثلاثة ملايير دولار واستفادت منها جهات أجنبية
  • القراءات: 596 مرات
البليدة: محمد / ب  البليدة: محمد / ب

أكد دفاع مصفي بنك الخليفة أمس المسؤولية الجزائية لعبد المومن خليفة، الذي تورط في ممارسات خطيرة وغير قانونية، ألحقت أضرارا جسيمة ببنك الخليفة بالدرجة الأولى، ثم بالضحايا الذين أودعوا أموالهم لدى البنك على أساس مبدأ الثقة. وقدّر قيمة هذه الأضرار التي ترتبت عن فضيحة الخليفة، بأزيد من 3 ملايير دولار، مشيرا إلى أن "الخليفة لم يترك 97 مليار دينار في البنك، وإنما ترك 97 مليار مشكل". كما كشف المحامي عن وقائع خطيرة، ترتبت عن تصرفات عبد المومن خليفة وحاشيته المقربة، وتسببت في المساس بمصالح الجزائر لحساب مصالح أجنبية، على غرار استفادة رجل أعمال لبناني - فرنسي من الأموال التي كانت تُنهب من الجزائر وتحوَّل إلى الخارج.
وحسب الأستاذ علي مزيان، فإن قضية بنك الخليفة لم تبدأ مع الكتابات بين المقرات التي وُجدت معلقة، وبيّنت أن مسيّري بنك الخليفة حاولوا إخفاء ثغرة مالية في الصندوق الرئيس للبنك، وإنما بدأت قبل ذلك؛ حيث "كان بنك الخليفة مسيَّرا بصفة عشوائية وفوضوية، بدليل اعتماد التسيير على قصاصات أوراق صغيرة موقَّعة من الرئيس المدير العام"، مشيرا في هذا الصدد إلى أن مصفي البنك وجد أدلة تثبت ذلك، ومنها "التعليمة التي أُرسلت في 27 نوفمبر 2001 لمدير وكالة المذابح سوالمي، يدعوه من خلال عبد المومن خليفة إلى الامتثال لأوامره العشوائية حتى ولو كانت بالهاتف، وهذا ما يؤكد تعامله بهذه الطرق غير القانونية".
وإذ أقر المحامي بأن "ليس كل وكالات بنك الخليفة التي بلغ عددها 70 وكالة، كانت تعمل بطرق مشبوهة وإنما هناك وكالات محددة عددها 6 أو 7 وكالات كانت تتكرر فيها المخالفات ولم نجد الوثائق التي تبرر العمليات التي كانوا يقومون بها بالضغط أو طواعية"، فقد أوضح أن "المصفي اكتشف عند بداية عمله في 28 ماي 2003، ما يعادل 252557 كتابة معلقة، منها 2279 في الصندوق الرئيس لبنك الخليفة في الشراقة"، مضيفا أن المصفي منصف باتسي قدّم لعبد المومن في 2014 كل الحسابات التي تخص البنك منذ تأسيسه في 1998.
وحسب المتحدث، فإن بنك الخليفة بلغت حصيلة حساباته في 31 ديسمبر 2002، ما يقارب 100 مليار دينار، "تُعتبر في حقيقتها حساب إعادة التسوية"، قبل أن يشير مخاطبا قاعة الحضور بقاعة الجلسات لمحكمة الجنايات بالبليدة: "لقد قال لنا عبد المومن خليفة بأنه ترك 97 مليار دينار في خزينة البنك قبل مغادرته الجزائر، نحن نقول له بأنه لم يترك لنا 97 مليار دينار وإنما 97 مليار مشكل؛ باعتبار هذه الأموال تتعلق بعمليات معلقة ولم يتم تسويتها".

بنك الخليفة نسف أموال القطاع العمومي

وشبّه الأستاذ مزيان أمام هيئة المحكمة التي يرأسها القاضي منور عنتر، بنك الخليفة بناسف أموال القطاع العمومي الجزائري، مستشهدا بالأرقام التي تبين حجم الأموال التي استطاع جلبها من المؤسسات العمومية بفعل اعتماده على نسب فوائد مرتفعة. وفي هذا السياق كشف المحامي أن القطاع العمومي كان له حسابات إيداع على مدى، مقدرة بـ56,7 مليار دينار، وحسابات جارية بقيمة إجمالية مقدّرة بـ14,8 مليار دينار، مقابل 2,6 مليار دينار من الودائع، و12,4 مليار دينار في حسابات جارية بالنسبة للقطاع الخاص، مذكرا، بالمناسبة، بما سبق وأن قاله المصفي باتسي لدى سماعه من قبل هيئة المحكمة؛ "نحمد الله على تجنيب سوناطراك وضع 400 مليار دينار في هذا البنك وإلا كانت ستكون المأساة أعظم".
وحسب المتحدث، ففي السنتين الأوليين من بداية عمل البنك، كانت الأمور تسير بشكل عادي، وكانت الودائع في مستوى طبيعي، لكن بعدهما "أصبحت أموال ضخمة تصب من المؤسسات العمومية إلى بنك الخليفة بشكل يثير الشك"، مقدرا أن تكون الممارسات غير القانونية بدأها الرئيس المدير العام للبنك، "ثم تكون عدواها قد انتقلت إلى المسؤولين الآخرين"، وهو ما يفسر، حسبه، حالات السرقة والنهب التي وقعت في الفترة الأخيرة التي سبقت تنصيب المتصرف الإداري للبنك.

راغد الشماع تلاعب بعبد المومن خليفة ونهب أموال الجزائريين

وفي حين أشار إلى أنه بالموازاة مع الممارسات غير القانونية التي كانت تتم على المستوى الداخلي، فقد كانت هناك ممارسات تشمل تحويل الأموال بطرق غير شرعية ولأهداف مشبوهة، عن طريق نشاط التجارة الخارجية الذي يشرف عليه بنك الجزائر، لافتا إلى أن هذه التحويلات ارتفعت من مليار دينار في 1998 إلى 13 مليارا في 2000، لتصل إلى 28,5 مليار دينار في 2001، ثم 58 مليار دينار في 2002. وأكد المحامي علي مزيان أن المصفي اكتشف تحويلات غير قانونية بقيمة 19.5 مليون أورو، وأزيد من 19 مليون دولار تم تحويلها في الفترة التي أعقبت تعيين المتصرف الإداري، "واستُعملت لشراء ممتلكات وعقارات في الخارج".
وكشف في هذا الصدد أن 45 مليون أورو التي زعم عبد المومن خليفة أنها حُولت إلى حساب الشركة السعودية "أوتا سيت"، تم تحويلها في الحقيقة إلى حساب الموثق الفرنسي بن سوسان في بنك "بي إي أ«؛ بغرض شراء الفيلا المتواجدة في مدينة كان الفرنسية، وهنا أثار دفاع المصفي انتباه هيئة المحكمة والحضور بالقاعة، إلى الدور الخطير الذي لعبه رجل أعمال يحمل جنسية مزدوجة لبنانية فرنسية ويدعى راغد الشماع، والذي كان وراء كل عمليات تحويل الأموال من بنك الخليفة إلى الخارج، ومدبر الصفقة الوهمية لشراء محطات تحلية مياه البحر من الشركة السعودية.
وذهب المحامي مزيان إلى أبعد من ذلك، بتأكيد تورط راغد الشماع في مختلف العمليات المشبوهة التي قام بها عبد المومن خليفة، قائلا في هذا الخصوص: "لقد تلاعب هذا الرجل الذي يُكتشف اسمه في كل قضايا الاحتيال الكبيرة، بعبد المومن خليفة، وورّطه في أعمال غير شرعية، تسببت في الإضرار بمصالح الجزائريين لحساب الأجانب"، قبل أن يضيف: "راغد الشماع استعمل عبد المومن خليفة ومن معه، ثم أكل أموالهم". كما أشار المحامي إلى أن رجل الأعمال الفرانكو لبناني كان "يضحك" على الخليفة بقيامه بتفكيك الطائرات التي كانت مملوكة لـ "الخليفة إيروايز"، وبيعها كقطع غيار للمصنع الفرنسي "أو أ دي أس" المتورط أصحابه في عمليات عديدة مشبوهة، فضحتها الصحافة الفرنسية.

لن نتنازل عن حقوق الجزائريين التي ضاعت بالخارج

وشدّد الأستاذ مزيان بالمناسبة، على أن مصفي بنك الخليفة لن يتنازل عن أموال الجزائريين التي حُولت إلى الخارج ونُهبت، مشيرا إلى أن المصفي ودفاعه حضروا ملفا كاملا سيتم من خلاله الدخول في معركة قضائية لاسترجاع تلك الحقوق، موضحا أن رفض القضاء الفرنسي تأسيس مصفي بنك الخليفة كطرف مدني في القضية التي توبع بها عبد المومن خليفة بمحكمة نانتير، كان بحجة أن العمليات المشبوهة في الخارج تمت باسم "الخليفة إيروايز" وليس بنك الخليفة.
كما نفى الأستاذ مزيان ما قاله المتهم عبد المومن خليفة حول شرائه ممتلكات بالخارج بماله الخاص، كاشفا أن المصفي عندما اطلع على الحساب الخاص لعبد المومن خليفة وجد أنه كان يقوم بعمليات سحب أموال صغيرة لا تضاهي الأسعار الحقيقية لتلك الممتلكات. أما بخصوص قول المتهم بأنه ذهب إلى الولايات المتحدة الأمريكية من أجل مشروع خاص، "فالحقيقة أنه كان قد أودع كفالة لشراء طائرته الخاصة، ولكن مع اكتشاف فضيحة بنك الخليفة تُنقل إلى الولايات المتحدة الأمريكية؛ من أجل إعادة الطائرة واستعادة الكفالة".

ديون فروع الخليفة بلغت 66 مليار دينار ويستحيل استرجاعها

وبدأ دفاع مصفي بنك الخليفة مرافعته بتوضيح بعض المصطلحات التي اعتبرها غير قانونية بالاستناد إلى القانون التجاري، ومنها تسمية المجمع، التي قال بشأنها إن "القانون يفرض على الشركة الأم أن تحوز على أكثر من 50 بالمائة من أسهم فروعها، كما لا يُسمح بإلحاق أكثر من شركة ذات الشخص الوحيد بشركة ذات مسؤولية محدودة، ويلزم صاحب الشركة الأم أن يبين حسابات الفروع في حصائل النشاط"، وهو ما لم يكن  حاصلا، على حد تعبيره، كاشفا، في سياق متصل، أن ديون فروع مجمع الخليفة بلغت 66 مليار دينار، تم تمويلها من قبل البنك المفلس.. وأكد المحامي في نفس الخصوص أن عملية معاينة نشاط تلك الفروع تبين أن "هذه الشركات لم يكن لها أية أهداف تجارية، لاسيما أنها لم تكن تتوفر على أية أصول، وتعمل بأموال البنك، التي هي أموال المودعين"، مشيرا إلى أن هذه الأموال ضاعت ولا يمكن استرجاعها.
كما أوضح المتحدث أن إنفاق بنك الخليفة على تلك الفروع هو الذي أوصلها إلى ديون خيالية مقدرة اليوم بـ 104 ملايير دينار "من دون مقابل حقيقي وملموس"، مستخلصا أن "أموال المودعين وكل نفقات البنك التهمها عبد المومن خليفة وحاشيته المقربة". ورغم ذلك لم يفوّت الأستاذ مزيان الإشارة إلى أن المصفي حرص من خلاله على الإدلاء بشهادة تخص المتهم عبد المومن خليفة، وهي أنه تحلى بروح وطنية مميزة في التعاون مع المصفي، عندما استقبله ببريطانيا وكان مرفقا بأعوان الحراسة البريطانيين".

لا بد من حفظ الدرس وإيقاف الانحراف الحاصل في المجتمع

وعلى خطى موكله، راح الأستاذ مزيان يسرد عواقب "الانحراف الخطير الذي آل إليه المجتمع، بسبب الرغبة في الثراء السريع"، مشيرا إلى أن "قضية بنك الخليفة كان يمكن لها أن لا تكون لو تدخّل المعنيون في الوقت المناسب. ولفت في هذا الشأن إلى "إهمال تقرير مفتشي بنك الجزائر؛ بحجة أنهم لم يكونوا محلَّفين"، معتبرا هذا المبرر "مبررا غير مؤسس؛ على اعتبار أنه كان بالإمكان الاستعانة بأعوان أمن محلفين لإيقاف النزيف وإيداع شكوى ضد البنك".
وخلص المحامي في مرافعته إلى التأكيد على أنه "حتى إن كان المتهم عبد المومن خليفة لا يمكنه إعادة الأموال كلها لأصحابها لأنه ليس الوحيد الذي نهبها، غير أن ذلك لا ينفي مسؤوليته الجزائية في القضية"، فيما أشار من جانب آخر، إلى أن ضحايا بنك الخليفة من أشخاص طبيعيين ومعنويين والذين استفادوا من التعويض القانوني من مصفي البنك، لا يمكنهم التأسس كطرف مدني؛ باعتبار أن المصفي تأسس لأجل استعادة حقوقهم، مؤكدا أن المصفي لن يتوانى في متابعتهم قضائيا إذا أخلّوا بالتزامهم تجاهه.

النيابة العامة تلتمس السجن المؤبّد لعبد المومن خليفة


التمست النيابة العامة لمحكمة جنايات البليدة، تطبيق حكم السجن المؤبّد في حق المتهم رفيق عبد المومن خليفة، فيما طالبت بتسليط أحكام متراوحة بين ٥ و٢٠ سنة سجنا نافذا في حق شركائه المتابعين في قضية بنك الخليفة، بعد النقض، بتهمة تكوين جمعية أشرار والسرقة المقترنة بظروف متعددة.
النصب والاحتيال، خيانة الأمانة وتزوير محررات مصرفية. كما التمس ممثل الحق العام بعد مرافعة دامت سبع ساعات، أحكاما بالسجن تتراوح بين ١٨ شهرا وسبع سنوات سجنا نافذا في حق المتهمين الآخرين المتابعين في القضية بجنحة الرشوة واستغلال النفوذ والتزوير والحصول على الامتيازات.