نجاح الشراكة يفرض فتح باب التشاور.. عاقلي:

الإقلاع الفوري للاقتصاد الوطني أصبح أكثر من خيار

الإقلاع الفوري للاقتصاد الوطني أصبح أكثر من خيار
  • القراءات: 430
حنان حيمر حنان حيمر

أكد رئيس الكنفدرالية الجزائرية لأرباب العمل المواطنين محمد سامي عاقلي، أمس، بالجزائر العاصمة، على ضرورة الإسراع في الإقلاع الاقتصادي من خلال "نظرة مغايرة"، محذرا من مغبة الاستمرار بالوتيرة الحالية التي يسودها الثقل البيروقراطي والبطء في مسار الرقمنة. وأكد أن الكنفدرالية تسعى إلى العمل كشريك للسلطات العمومية، لكن بشرط فتح أبواب الحوار والتشاور في كل المسائل الاقتصادية. وقال عاقلي إن الجزائر لا تملك اليوم خيارا آخر، وأنها مطالبة بإنجاح إقلاعها الاقتصادي، بتبني خطة وإستراتيجية جديدة تمكنها من السير في هذا الاتجاه "بطريقة واقعية"، موضحا أن "المنظومة المالية هي أم التغييرات" وأن تخفيف الثقل البيروقراطي وتجسيد برنامج الرقمنة هي  أولويات لابد من التركيز عليها.

وذكر بأن الكنفدرالية كقوة اقتراح لم تتوقف عن تقديم رؤيتها "عندما يطلب منها ذلك"، متأسفا لكونها لم تستشر في قانون الاستثمار الجديد، الذي يوجد حاليا قيد الدراسة على مستوى الوزارة الأولى. وقال في هذا الصدد "إلى اليوم لم ترد إلينا مسودة قانون الاستثمار الجديد، وليس من المعقول أن نطلع عليه عن طريق الصحافة.. الرئيس تحدث عن أهمية التشاور.. لا يمكن تأطير الاقتصاد بمنظومة قانونية لا تخضع للتشاور... كنا نرغب في استشارتنا كأرباب عمل". وفيما يخص قانون المالية 2022، ورغم قوله بأنه تضمن "سلبيات" و"إيجابيات"، فإن عاقلي تحفظ عن التفصيل في هذه المسألة، مبررا ذلك بانتظار المصادقة على القانون من طرف البرلمان، وعدم الحكم على مسودته. واكتفى بالإشادة بما تضمنه من إجراءات لاستقطاب أموال السوق الموازية. وجاءت تصريحات عاقلي، على هامش الندوة المنظمة من طرف الكنفدرالية بعنوان "الإقلاع الاقتصادي ..الآن". وتضمنت 3 موائد مستدير تطرقت لـ"السوق الموازية"، "تنافسية الاقتصاد الوطني" و"مؤسسات الغد".

وفي كلمته الافتتاحية، شدّد رئيس الكنفدرالية على ضرورة حماية المؤسسة الاقتصادية الوطنية، قائلا إنه يجب أن تكون في صلب كل السياسات الاقتصادية، كما اعتبر تعزيز قدراتنا الاقتصادية، أضحى ضرورة تتطلب "إدماج قطاعات جديدة في الدائرة الإنتاجية التي ستكون بمثابة آليات داعمة للنمو". وخصّ بالذكر قطاعات الطاقات المتجددة، الموارد المنجمية، الاقتصاد الرقمي والخدمات التكنولوجية. وأكد في السياق أن الكنفدرالية الجزائرية لأرباب العمل المواطنين، أخذت على عاتقها التعاون والتشاور مع السلطات العمومية، وكذا كافة المتعاملين الاقتصاديين، لحشد المؤسسة الجزائرية للإنخراط في حركية الاستدراك  الاقتصادي، كونه "السبيل الأسلم للمستقبل".

مكافحة السوق الموازية: الضرائب في عين الإعصار

وكانت مكافحة السوق الموازية من أهم المواضيع المثارة في الندوة، حيث طالب المشاركون بضرورة وضع إجراءات جديدة مبتكرة من أجل إدماج السوق السوداء في السوق الرسمية، لاسيما من خلال منتجات مالية وضريبية تستجيب لتطلعات المتعاملين. واعتبرت نائب رئيس الكنفدرالية نصيرة حداد، أن المؤسسات العاملة في القطاع الرسمي والتي تحترم القوانين تعاني يوميا بسبب آثار السوق الموازية عليها، مشيرة إلى ضرورة تطبيق القوانين الموضوعة، من جهة، والذهاب نحو أنظمة جديدة في المجالين المالي والضريبي من جهة أخرى.

وقال العضو في الكنفدرالية ومسؤول مجموعة "إيريس" جمال قيدوم، "من الضروري تحديد ماهية الأموال المتداولة في السوق الموازية، عبر طرح سؤال "هل هي أموال وسخة أم أموال تساهم في الاقتصاد الوطني؟". وإجابة عن هذا التساؤل، أشار إلى أن 90% من 90 مليار دولار ،"توجد حاليا في السوق" أي أنها "تسير اقتصادنا بطريقة غير مباشرة". واعتبر المتحدث أن الحل يبدأ من التاجر البسيط، الذي يجب أن تتم معاملته بطريقة مختلفة عن المتعامل الاقتصادي في المجال الجبائي، مقترحا اللجوء إلى نظام الاقتطاع الضريبي المحدد سنويا، بالنسبة لتجار التجزئة غير الخاضع لنسبة معينة، مع تخصيص بداية العام لدفع الضرائب، مشيرا إلى أن ذلك سيزيح "خوف" التجار من مصالح الضرائب ويسمح كذلك بوضع نظام تتبع فعّال. كما طرح مشكلة "فرض الضريبة على النشاط" على التجار، التي أجمع المشاركون على أنها ضريبة غير منطقية.

ووصف مدير الوكالة الوطنية لتطوير الاستثمار "أندي" مصطفى زيكارة هذه الضريبية بـ"الاستعمارية" و"المضادة للاقتصاد"، مشيرا إلى أنها وضعت سنة 1936 من طرف السلطات الاستعمارية خصيصا للجزائر. وقال زيكارة الذي يملك خبرة 30 سنة في مجال الضرائب، أن بقاء هذه الضريبة لغاية الآن بسبب أنها مصدر رئيسي لتمويل الجماعات المحلية، معتبرا أنه من الضروري التفكير في بدائل أخرى ووضع نموذج جديد لتمويل الجماعات المحلية. من جانب آخر، اعتبر المتحدث، الحلّ الأنجع لمشكل السوق الموازية هو "الرقمنة"، معترفا أن الوتيرة الحالية التي يسير بها برنامج الرقمنة، تشير إلى أن هذا الحلّ لن يتم "غدا"، لذا ألح على ضرورة التفكير في حلول أخرى في انتظار تعميم الرقمنة. وقال إن "أندي" التي تسعى إلى إلغاء كل التعاملات بالورق، قدمت اقتراحات في إطار قانون الاستثمار الجديد، آملا أن يتم أخذها بعين الاعتبار.

وأصبحت الرقمنة اليوم أكثر من ضرورة، حسب رئيس النقابة الوطنية لأرباب العمل المواطنين للرقمنة سهيل قسوم، الذي تحدث في مداخلته عن التطوّرات الكبيرة التي ستعرفها تكنولوجيات الإعلام والاتصال عالميا "والتي تفرض على بلادنا الالتحاق بالركب، لاسيما وأنها تحتل مراتب جد متأخرة في هذا المجال". واستدل في ذلك بكون هذه الصناعة لا تمثل سوى 4% في الناتج الداخلي الخام، فيما يبلغ المعدل العالمي 15,5% ويبلغ 30%  في الصين. أمر لا يتطابق والقدرات الجزائرية في هذا المجال، مثلما شدّد عليه المتحدث، الذي قال إن الجزائر تملك الموارد البشرية ذات الكفاءة في إنتاج مثل هذه الخدمات وتصديرها، لاسيما من الشباب المتخرجين من جامعة باب الزوار أو المدرسة العليا للإعلام الآلي، ومستقبلا من المدرسة العليا للذكاء الصناعي، داعيا إلى إنشاء مدرسة للأمن السيبراني.

وتطرّق المشاركون في المائدة المستديرة حول "تنافسية الاقتصاد الوطني.. التحرك والعمل بالابتكار والإبداع"، إلى المتغيرات الجديدة في تنافسية المؤسسة خارج المتغيرات والعوامل التقليدية المرتبكة بالعوامل الطبيعية. في هذا الصدد، أكد السيد ألب تبشيو أوغلو، المدير التنفيذي لشركة "توشيالي" التركية أن هناك ثقة في الجزائر، قائلا "لدينا استثمارات في الجزائر ونجحنا"، مناشدا المستثمرين الأجانب العمل في الجزائر".