كريستوفر دورنان يشرح ظاهرة « الفاكنيوز»
التضليل الإعلامي ازدهر بفضل الشبكات الاجتماعية

- 1173

أحدثت ثورة تكنولوجيات الاعلام والاتصال تغيرات هامة في المجال الاعلامي، يمكن القول إنها أدخلت العالم في عصر جديد أصبح فيه الفاعلون غير تقليديين، والأدهى أنهم يملكون القدرة على خلق و«فبركة» الأخبار ونشرها على نطاق واسع عبر الشبكات الاجتماعية.
وسرعة بث هذه الأخبار يجعل التحقق من صدقيتها أمرا صعبا على مستوى «الصحافة التقليدية»، والأمثلة كثيرة على ما أصبح يعرف بـ«الفاكنيوز» أو الأخبار غير الصحيحة التي لعبت دورا كبيرا في الانتخابات الأمريكية، وهي ببلادنا موجودة لكنها عرفت انتشارا أكبر في الآونة الأخيرة وكان ضحيتها بعض المسؤولين.
ويستعرض كريستوفر دورنان، الأستاذ في مدرسة الصحافة والاتصال بجامعة كارلتون الكندية، في دراسة أعدها حول «التضليل الإعلامي: ماضي وحاضر ومستقبل الأخبار المغلوطة ـ فاكنيوز ـ«، تاريخ التضليل الاعلامي منذ اختراع الطباعة، إذ يوضح أن «الأخبار المفبركة» وجدت منذ القدم إلا أنها لم تعد خطيرة لدرجة كبيرة مثلما الحال عليه اليوم.
حيث يعود بالتحليل إلى عدد من الأخبار التي عجز حتى الخبراء عن معرفة حقيقتها ولاسيما خلال الحملات الانتخابية، خاصا بالذكر ما حدث في الانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة من تسريب لأخبار ضد المترشحة كلينتون، لكنه يتطرق أيضا إلى مسألة جديدة وهي «فبركة سينمائية» لأخبار بغرض معين.
ويشير في السياق إلى قضية اغتيال شقيق رئيس كوريا الشمالية، في مطار بماليزيا من طرف سيدتين قالتا أثناء التحقيق معهما إنهما كانتا تعتقدان أن الأمر يتعلق ببرنامج للكاميرا الخفية! كما يتحدث عن أمثلة أخرى لأحداث يصعب للمرء أن يتأكد إن كانت تلقائية أو مفبركة، ويربط الأمر بظاهرة انتشار «المراقبة» لاسيما في الغرب، وهو ما يسهل ـ حسبه ـ تحضير سيناريوهات أو ما يسميها بـ«المؤامرات المعقّدة» لتظهر وكأنها أحداث عادية.
ويقول الأستاذ الكندي، إن الإعلام مر حاليا من فترة «وسائل الإعلام الجماهيرية» إلى عصر «وسائل الإعلام الاجتماعية» الذي انتقل فيه المتلقي للرسالة الإعلامية من فرد سلبي إلى فاعل يعبّر عن رأيه وردود فعله، بل ويقوم هو الآخر بنشر الأخبار سواء بالكتابة أو عبر الصور والفيديوهات والفضل يعود طبعا للأنترنت.
وكل هذا يتم دون «وسطاء» أي «الصحفيون» وخارج قاعات التحرير، وبعيدا عن أي التزام بأي نوع من أخلاقيات المهنة، وبعيدا عن المهنية التي يقوم عليها العمل الصحفي في وسائل الإعلام التقليدية.
هذه الأخيرة لم تعد ـ حسب الدراسة ـ قادرة على التحقق من كل الأخبار المنشورة لأن ذلك يتطلب وقتا وإمكانيات، في حين أن أغلب المؤسسات الإعلامية تعيش صعوبات مالية، بالمقابل فإن التحكم في الإعلام عبر هذه الوسائل من طرف فئة معينة على حساب فئات أخرى، جعل الأخيرة تجد ضالتها في الشبكات الاجتماعية، وهكذا أصبح من السهل نشر الأخبار دون التأكد من صدقيتها أو حقيقتها لتختلط الأمور عند المتلقين.
ويرى الباحث أن ظاهرة «الفاكنيوز» لفتت الانتباه أكثر خلال الرئاسيات الأمريكية الأخيرة التي عرفت «بث أخبار مفبركة كليا في الشبكات الاجتماعية»، اعتبرتها وسائل الإعلام أكاذيب تهدف إلى الإضرار بالمترشحة الديمقراطية.
ويشير الباحث إلى تحرك بعض المواقع إضافة إلى وسائل الإعلام التقليدية لمواجهة هذه الظاهرة عبر إثبات عدم صدقية الأخبار المنشورة، ويبقى الحل لمواجهة الأخبار الكاذبة اليوم في يد مواقع التواصل الاجتماعي، التي يرى أن التزامها في اتجاه عدم السماح بانتشار التضليل الإعلامي سيمكن من حصر الكمية الهائلة من «الفاكنيوز».