تراهن على مقوّماتها الاقتصادية لتوسيع التعاون مع دول شرق القارة
الجزائر بخطوات عملاقة نحو إفريقيا
- 261
❊ مليار دولار تحت تصرّف دول المنطقة لبلوغ التنمية المستدامة
❊ دفاع مستميت وصوت عال بمجلس الأمن دفاعا عن مصالح القارة
❊ مقاربة شاملة متعدّدة الأبعاد قاعدتها ثلاثية الأمن والسلم والتنمية
❊ مناطق حرة للتجارة وشبكة للسكك الحديدية وأنبوب غاز عابر للصحراء
❊ بنوك جزائرية بدول القارة ومشاريع استراتيجية لتنمية الشريط الحدودي
ترسخ الجولة الإفريقية التي يقوم بها وزير الدولة وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج والشؤون الإفريقية إلى عدد من دول القارة السمراء، بتكليف من رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، النهج الذي التزمت به الجزائر من أجل إضفاء ديناميكية جديدة على علاقاتها مع دول القارة بحكم انتمائها إلى هذا الفضاء وثراء رصيدها النضالي في إطار دعم حركات التحرّر، فضلا عن رؤيتها الاستراتيجية المرتكزة على تعزيز العمق الإفريقي تماشيا مع التطوّرات الإقليمية الراهنة.
حرص رئيس الجمهورية منذ توليه سدة الحكم على إيلاء حيز هام لعلاقات الجزائر مع عمقها الإفريقي استنادا إلى مقاربة شاملة متعدّدة الأبعاد والمرتكزة على ثلاثية الأمن والسلم والتنمية، في ظل قناعة الجزائر بتبني عديد المبادرات والاستراتيجيات لتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية في القارة والتي ترجمتها استثمارات عديدة في شتى الميادين.
وبرز اهتمام الجزائر جليا بهذا التوجه الجديد من خلال إطلاقها في البداية مبادرات مع دول غرب إفريقيا بحكم موقعها الجغرافي المحاذي لها، عبر التركيز على المشاريع التنموية الكبرى وتمويلها لاسيما في مجالات الطاقة والنقل والاتصالات، بهدف تحقيق الاستقرار والأمن وتعزيز التنمية المستدامة .
وتجلّت جملة المشاريع التي تعكف الجزائر على إنجازها مع محيطها الإفريقي جنوبا في مشروع الطريق العابر للصحراء، مشروع شبكة الألياف البصرية العابرة للصحراء، مشروع الطريق الرابط بين تندوف ومدينة الزويرات الموريتانية، مشروع أنبوب الغاز العابر للصحراء بين نيجيريا والجزائر عبر النيجر وربطه بأوروبا وكذا شبكة السكك الحديدية نحو مدن الجنوب، لتمتد بعدها إلى دول الجوار الإفريقية، فضلا عن إنشاء مناطق حرة بين الجزائر وهذه الدول.
وقد خصّصت الجزائر في هذا الصدد وبقرار من رئيس الجمهورية مبلغ 1 مليار دولار من خلال الوكالة الوطنية للتعاون الدولي التي أنشأتها عام 2020 ، من أجل المساهمة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة في القارة الإفريقية.
كما تعمل الجزائر على إطلاق مشاريع اقتصادية هامة، على غرار تموين إفريقيا بالكهرباء وتعزيز شبكة النقل نحو الدول الإفريقية، وقد فتحت خطا بحريا نحو السنغال، يضاف إلى الطريق السيار الذي يربط الجزائر بموريتانيا وكذا الطريق السيار العابر للصحراء الذي سيربط تونس مالي والنيجر والتشاد وصولا إلى نيجيريا، علاوة على خطوط جوية مباشرة نحو عدد من العواصم الإفريقية وكذا فتح فروع لبنوك جزائرية في دول إفريقية عديدة.
وتتطلع الجزائر في مرحلة ثانية لتوسيع علاقات التعاون مع دول شرق القارة، حيث تندرج زيارة وزير الدولة وزير الخارجية والجالية الوطنية بالخارج والشؤون الافريقية إلى بعض عواصم القارة في سياق استحداث إطار جديد للتعاون يرقى إلى مستوى العلاقات السياسية الجيدة التي تتميز بها علاقات الجزائر مع هذه الدول، وفي ظل توفر الجزائر على المقومات الاقتصادية التي تؤهلها لربط علاقات تعاون مثمرة وفق مبدأ رابح –رابح.
ولعل تصنيف اقتصاد الجزائر الثالث إفريقيا، من شأنه أن يشجع هذه الدول على إرساء معالم جديدة للتعاون البيني، باعتبار أن الجزائر تحظى بمكانة جيو-استراتيجية بالنسبة لعديد دول القارة التي استفادت في مرحلة سابقة من دعمها من أجل التحرّر من ربقة الاستعمار، فضلا عن مساعيها الحثيثة حديثا في تسوية النزاعات السياسية، على غرار نجاحها في حلحلة النزاع الإثيوبي- الاريتيري في ديسمبر 200، وحرصها على إدراج الملفات الإفريقية في مجلس الأمن، باعتبارها عضوا غير دائم في هذا المحفل الأممي، حيث لا تتردد في المطالبة بتخصيص جلسات لبؤر التوتر التي تشهدها مناطق في القارة.
وفي إطار تأكيدها على أهمية طي الملف الأمني في القارة من أجل السماح بتحقيق التنمية الاقتصادية، كمبدأ ثابت في سياستها الخارجية، فقد شدّد رئيس الجمهورية في عدة مناسبات على التزام الجزائر بدعم التنسيق والتعاون مع البلدان الإفريقية في مختلف الأصعدة من أجل تحقيق الأمن والحفاظ على السلم والاستقرار، من خلال دورها المحوري في مكافحة الإرهاب والتطرّف العنيف والجريمة المنظمة.
كما تتمسك الجزائر بتحقيق أهداف التنمية الاقتصادية والتكامل القاري الإفريقي، من خلال العمل على تحسين مستوى كفاءة عمليات التكامل الاقتصادي الإفريقي، وذلك بحشد الموارد البشرية والتقنية والمالية من أجل تنفيذ المشاريع القارية الرائدة لأجندة إفريقيا التنموية لعام 2063. وكذا تعزيز الجهود لتحقيق التكامل والاندماج القاري بما في ذلك العمل على تسريع تنفيذ اتفاقية التجارة الحرة القارية، إلى جانب حرصها على الارتقاء بمشاريع حيوية، أدرجها الرئيس تبون خلال مشاركته في المؤتمر القاري حول "التعليم والشباب وقابلية التوظيف" في موريتانيا، حيث أكد التزام الجزائر بمنح كافة الدعم للطلبة الأفارقة من خلال زيادة عدد المنح الدراسية وفتح بنك خاص بالتعليم.
وبذلك يمكن القول إن الجزائر على موعد جديد مع بقية دول القارة غربا وشرقا وجنوبا، ليس في الجانب السياسي فحسب، بل في كافة المجالات، بالنظر إلى المكانة العريقة التي تحظى بها لدى الأفارقة منذ ثورتها التحريرية.