انسجام الخطابين السياسي والعسكري في التعاطي مع ملف الساحل
الجزائر سخية مع المسالمين عصية على "المستأسدين"

- 247

❊ التزام تام بنهج بيان أول نوفمبر في نشر قيم السلم
❊ تجربة الجزائر في مكافحة الإرهاب نموذج رائد في تصدير السلام
❊ رصيد ثري بالوساطات لاستعادة أمن واستقرار دول الجوار
❊ الجزائر المفتاح الأساسي لحلّ الأزمات بالمنطقة
❊ التعاطي مع ملف الساحل وفق رؤية استراتيجية شاملة
❊ جيش احترافي مواكب للعصرنة ونموذج رائد في تصدير السلام
❊ الجزائر متمسّكة بالدفاع بقوة عن حدودها الإقليمية
يعكس الخطابان السياسي والعسكري في مجال تعاطي الجزائر مع ملف الساحل، تمسّك الجزائر بالوقوف إلى جانب جيرانها في مجابهة مختلف التحديات التي تعرفها المنطقة، باعتبارها معنية بالدرجة الأولى بالمعطيات الإقليمية الراهنة، مع حرصها الكبير على الحفاظ على استقرار حدودها، قناعة منها بأنّ أمن المنطقة امتداد لأمنها القومي والعكس صحيح.
شكّل الاحتفال بيوم إفريقيا الذي أحيته الجزائر منذ يومين، مناسبة لتوجيه رسائل قوية وواضحة حول سياسة الجزائر في التعاطي مع التطوّرات بمنطقة الساحل، والمستمدة من مبادئها الثابتة التي لا تقبل المساومة في الدفاع عن قضايا القارة، خاصة ما تعلّق بقيم السلم والأمن التي ناضلت ومازالت تناضل من أجلها عبر المنابر الدولية، كامتداد لوقوفها بالأمس إلى جانب الشعوب المضطهدة التي كافحت من أجل نيل استقلالها.
ولكون منطقة الساحل تعد جزءا من هذه القارة التي كانت لعقود من الزمن مرتعا للنزاعات وتفشي بؤر التوتر، فإن الجزائر لم تحد عن نهجها المستلهم من بيان أول نوفمبر، من خلال نشر السلم والقيام بعديد الوساطات لاستعادة استقرار دول الجوار، فضلا عن عمليات تضامنية إنسانية كبيرة في عزّ الأزمات التي تمر بها هذه الدول.
وعلى الرغم من التوترات التي تشهدها المنطقة بسبب تعدّد الأجندات الأجنبية والتي تتزامن مع المتغيرات الإقليمية الصعبة، فإنّ الجزائر تحرص على التعاطي مع ملف الساحل وفق رؤية استراتيجية شاملة، ترتكز على فعالية دورها المحوري في المنطقة باعتبارها المفتاح الأساسي لحلّ أزمات المنطقة مثلما يشهد لها بذلك عديد الشركاء الغربيين، بل إنها تعد عنصر أمنها واستقرارها بامتياز، على عكس الاتهامات التي تروّج ضدها..
فمواقف الجزائر التي تتّسم بالسلمية الكاملة في معالجة الملفات الساخنة من خلال تفضيلها الحوار وتفادي الخيار العسكري ورفض التدخّل في الشؤون الداخلية للدول، واحترام السيادة الوطنية والوحدة الترابية لها، كفيلة بالردّ على محاولات تشويه سمعتها من قبل بعض الأطراف التي تعمل على إثارة القلاقل في المنطقة، رغم قناعتها بأن الجزائر تبقى الفاعل رقم واحد في إطفاء فتيل النزاعات والمعنية الأولى بجيرانها قبل أي طرف دخيل.
ورغم تأكيد الجزائر على أنها لن تدير البتة ظهرها لجيرانها، فإنها تحرص في المقابل على عدم السماح بالعبث باستقرارها وأمنها، مع تمسّكها بالحفاظ والدفاع بقوة عن حدودها الإقليمية من أي تهديدات قد تطال سيادتها وأراضيها، مثلما سبق لرئيس الجمهورية أن أكّد على ذلك في أحد حواراته الصحفية عندما قال بأنّ الجزائريين شعب مقاوم ويعرف قيمة الحروب و"البارود". وأنّ "من يبحث عنا يجدنا، ومن يعتدي علينا سيندم على اليوم الذي ولد فيه لأننا لن نتوقف ساعتها".
وإدراكا منها لحجم الرهانات التي تواجه المنطقة ومحاولات بعض الأطراف استقطاب بعض العناصر المناوئة لأي مسار سلمي لمحاولة تفجير الوضع وتعقيده، فإن الجزائر السخية والداعمة لأشقائها والعصية على أعدائها، أكدت من خلال خطاباتها المنسجمة سياسيا وعسكريا، بأنها تبقى على أهبة الاستعداد لمواجهة مثل هذه التهديدات، بفضل الإمكانيات التي يزخر بها جيشها الاحترافي المواكب للتطوّرات، والمتحلي أفراده بالكفاءة العالية والجاهزية التامة التي تحرص قيادته على متابعتها من خلال التمارين المكثفة التي يشرف عليها الوزير المنتدب رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي الفريق أول السعيد شنقريحة عبر مخالف النواحي العسكرية، وما ذلك إلا دليل حي على المستوى الذي بلغته القوات المسلحة من جاهزية تامة في مواجهة "المستأسدين".
ومثلما تراهن على مجابهة المخاطر بصلابة، فإن تجربة الجزائر في مكافحة الإرهاب ونجاحها في حقن دماء عشرية كاملة بفضل ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، يجعلها نموذجا رائدا في تصدير السلام إلى دول المنطقة، موازاة مع توحيد الجهود مع كل دول الجوار وباقي البلدان الإفريقية عبر دعم آليات السلم والأمن القاري، وذلك كامتداد للمناصب الرفيعة التي تشغلها الجزائر على مستوى الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي، حيث تركّز على الدفاع عن مصالح القارة أمنيا وسياسيا واقتصاديا.