رئيس الدولة معزيا عائلة المجاهد السعيد عبادو:
الجزائر فقدت ابنا بارا ومناضلا شريفا
- 1060
ووري جثمان الأمين العام للمنظمة الوطنية للمجاهدين، وزير المجاهدين سابقا، المرحوم السعيد عبادو، الثرى مساء أول أمس، بمقبرة العالية بالجزائر العاصمة، حيث حضر الجنازة التي جرت في جو مهيب وزير المجاهدين الطيب زيتوني، و أعضاء من الحكومة وشخصيات وطنية ومجاهدون وعائلة الفقيد.
وبهذه المناسبة الأليمة بعث رئيس الدولة عبد القادر بن صالح، رسالة تعزية إلى عائلة المجاهد السعيد عبادو، أكد فيها أن الجزائر والأسرة الثورية فقدت في رحيل المرحوم «ابنا بارا ومناضلا شريفا ورمزا من رموز» ثورة نوفمبر المجيدة.
وقال رئيس الدولة في رسالته «يا لتصاريف الأيام.. ما كاد الشعب الجزائري ينتهي من تبادل التهاني بحلول عيد الفطر المبارك، حتى يفاجأ بنبأ انتقال ابن بار به إلى رحمة الله وعفوه، بعد أن أمضى سحابة عمره في خدمته، مناضلا مخلصا في الحركة السياسية ومجاهدا صلبا في ثورة التحرير الوطني ومسؤولا ملتزما، أسهم في بناء وتشييد الدولة الجزائرية الحديثة.. إنه المغفور له بإذنه تعالى المناضل والمجاهد السعيد عبادو، من الرعيل الأول الذي فجّر ثورة نوفمبر وراح يدأب ويعمل بجد واجتهاد في تطوير وتنمية البلاد مع رفاقه في الجهاد، دون أن يعطي لجسده حقه في الراحة إلى أن أقعده المرض ورحل عن دنيانا».
واستطرد السيد بن صالح، قائلا «لقد كان فقيدنا جنديا وضابطا في جيش التحرير بالولاية السادسة التاريخية، شهد المعارك والمنازلات مع عدو يفوقهم عدة وعتادا بصحرائنا الشاسعة، حيث قسوة الطبيعة وقلّة الزاد، فكان عليه أن يقاتل على جبهتين بصبر وثبات، أن يدفع درء قسوة الطبيعة وابتلاء العدو»، مضيفا بأنه «لولا الإيثار والإقدام والإيمان الذي تحلّى به رعيل نوفمبر في كل ربوع بلادنا أمام طغيان القوة وجبروت المحتل الغاصب، لما استطاع مجاهدونا عتق شعبهم وتحرير أرضهم واستعادة راية الحرية والاستقلال».
«وقد كتب للمرحوم السعيد عبادو ـ حسب رسالة التعزية لرئيس الدولة ـ أن يصاب في إحدى المعارك الشرسة بجروح بليغة، ولكن يد الله كانت فوق أيدي أعدائه، فاعتقل وما ضعفت نفسه وما لانت عزيمته، رغم ما كابده بعد ذلك في سجون المستعمر، إلى أن حصحص الحق وافتكت البلاد حريتها، واسترجعت سيادتها، فطفق بنفس العزيمة مع أقرانه في مواصلة تشييد الدولة الجزائرية الحديثة، متسما بالنزاهة والاستماتة في الدفاع عن قيم البلاد ومصالحها، فكان في كل المواضع والمناصب التي تقلدها لا يألو جهدا في أداء واجبه المقدس».
وأكد رئيس الدولة في هذا السياق بأن الجزائر والأسرة الثورية «فقدت فيه ابنا بارا ومناضلا شريفا ورمزا من رموز نوفمبر المجيد»، ليخلص بقوله «وإذ أسأل الله أن يتغمّد الفقيد بأنعام رحمته ويسقيه من فيض جناته ويكرم مثواه إلى جواره ويبوئه مكانا يرضاه بين الموعودين من الشهداء والصالحين في جناته، أعرب عن تعازي الخالصة لأسره الفقيد وذويه ورفاق السلاح، داعيا لهم المولى أن ينزل في قلوبهم صبرا جميلا وسلواناً عظيما».
الفقيد وهب حياته في سبيل استرجاع السيادة وبناء الدولة
من جهتهما أكد كل من رئيس مجلس الأمة بالنيابة صالح قوجيل، ورئيس المجلس الشعبي الوطني معاذ بوشارب، أول أمس، أن الجزائر فقدت برحيل المجاهد السعيد عبادو «أحد أبنائها البررة» ، مشيرين إلى أن الفقيد وهب حياته في سبيل استرجاع السيادة الوطنية وفي بناء الدولة المستقلة.
وقال السيد قوجيل، في رسالة تعزية وجهها إلى عائلة الفقيد «تلقيت ببالغ الأسى والتأثر نبأ وفاة الأخ المجاهد سعيد عبادو، وفي هذا المصاب الأليم الذي تفقد فيه الجزائر أحد أبنائها البررة، الذين وهبوا حياتهم عبر سنوات طويلة أثناء الكفاح ضد الاستعمار الفرنسي، وبعد ذلك خلال مرحلة بناء الدولة المستقلة لخدمة الوطن، لا يسعني إلا أن استحضر معكم بإكبار مسيرته الحافلة في المهام والمسؤوليات السامية التي تقلدها بإخلاص وإباء، وأداها بأمانة و شرف كوزير للمجاهدين وأمين عام للمنظمة الوطنية للمجاهدين».
وفي رسالته الموجهة إلى أعضاء المنظمة الوطنية للمجاهدين، قال السيد قوجيل «وفي هذا المصاب الأليم أتقدم إلى الأخوات والإخوة المجاهدات والمجاهدين وكل الأسرة الثورية، باسمي ونيابة عن أعضاء مجلس الأمة بخالص التعازي وأصدق مشاعر التعاطف و المواساة... وألهم الجميع الصبر والثبات وتغمّد فقيدنا في جنّة الرضوان».
من جانبه قال بوشارب، في برقية التعزية التي بعث بها إلى الأمين العام بالنيابة للمنظمة الوطنية للمجاهدين محند واعمر بن الحاج، «أن عزاءنا الوحيد في هذه المصيبة التي ألمت بجميع من عرفوا المرحوم نهي ذكراه التي ستبقى راسخة في أذهانهم» .
وبهذا المصاب الجلل قدم رئيس المجلس الشعبي الوطني باسمه ونيابة عن كافة نواب المجلس، أصدق التعازي والمواساة، داعيا المولى عز وجل أن يتغمّد كافة أهل الفقيد وذويه جميل الصبر والسلوان وأن يشمل نفس المرحوم المؤمنة بصادق وعده.
بدوره أبرز وزير المجاهدين الطيب زيتوني، خلال حضوره جنازة المرحوم عبادو مناقب «فقيد الجزائر والمجاهدين والتاريخ»، مشيدا بدوره النضالي خلال الثورة التحريرية وغداة الاستقلال، وبإخلاصه ووفائه وتفانيه في خدمة الجزائر وفي بناء مؤسساتها.
من جهته أكد المسؤول بالمنظمة الوطنية للمجاهدين، عبد الرحمن عروة، في الكلمة التأبينية أن مسيرة الفقيد الوطنية تميزت بالغيرة على الوطن، والحرص على كرامة إخوانه المجاهدين وعزّة الشعب الجزائري».
كما أثنى الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني محمد جميعي، في برقية تعزية بخصال المرحوم «المجاهد الكبير والمناضل الفذ من رجالات نوفمبر الذين سطروا صفحات المجد والفخر للجزائر»، مؤكدا أن الفقيد كان من «الرعيل الأول من المجاهدين البواسل، رفيق أبطال الثورة المباركة».
وأشار جميعي، إلى أن عبادو «تميز بميزة هؤلاء الأبطال كحب الوطن والإخلاص له والإقدام والشجاعة في ميادين الكفاح، مبرزا مساهمة الفقيد في بناء وتشييد الجزائر المستقلة من خلال تبوئه مناصب سامية في الدولة، «مما يؤكد كفاءاته وإخلاصه في خدمة الوطن».
يذكر أن المجاهد سعيد عبادو، المولود يوم 17 جانفي 1935 بولاية بسكرة، قد انتقل إلى رحمة الله ليلة الأربعاء إلى الخميس، عن عمر ناهز 84 سنة بعد مرض عضال.
وكان الفقيد قد التحق مبكرا بصفوف الثورة التحريرية، حيث كان ضابطا بجيش التحرير الوطني بالولاية السادسة إلى غاية إلقاء القبض عليه من طرف الجيش الفرنسي إثر معركة «مليكة» بغرداية سنة 1961 والتي جرح خلالها.
وبعد الاستقلال تقلد المرحوم عبادو، منصب محافظ حزب جبهة التحرير الوطني في ولايات ورقلة وبشار وتيارت، ثم انتخب نائبا بالمجلس الشعبي الوطني ليتولى منصب وزير المجاهدين من 1994 إلى 1999.