إجماع النخب الوطنية على أهمية الحوار للخروج من الأزمة

الحلول التوافقية تضمن الانتقال الديمقراطي السلس

الحلول التوافقية تضمن الانتقال الديمقراطي السلس
الحلول التوافقية تضمن الانتقال الديمقراطي السلس
  • القراءات: 971
وأج وأج

تفاعلت النخب الوطنية مع الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد، وبادرت في الآونة الأخيرة بتقديم مقترحات تدعو في مجملها إلى  تفعيل الحوار الشامل بين الجزائريين والسعي للوصول إلى حلول توافقية تضمن الانتقال الديمقراطي السلس.

وجاء تحرك هذه النخب عقب الخطاب الذي وجهه نائب وزير الدفاع الوطني، رئيس  أركان الجيش الوطني الشعبي الفريق أحمد قايد صالح، إلى الشخصيات والنخب الوطنية ودعاها فيه إلى تقديم ”الإسهام الصائب” الذي يكفل إيجاد الحلول الكفيلة بتجاوز حالة الانسداد السياسي.

وفي هذا الصدد، أعلنت 16 شخصية دينية وطنية من بينها عميد علماء الجزائر الشيخ محمد الطاهر آيت علجت ورئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين عبد الرزاق قسوم، عن مبادرة تضمنت حزمة من المقترحات للخروج من الأزمة، أهمها تنظيم ندوة للحوار الشامل.

ونادى علماء الجزائر بضرورة تفعيل المادتين 7 و8 من الدستور اللتين تجعلان من الشعب مصدرا للسلطة، مشدّدين على أن ”الاستفتاء الذي قدمه الشعب في مختلف جمعات حراكه ليغني عن أي استفتاء آخر”.

وفي معرض تأكيدهم على ”إسناد المرحلة الانتقالية لمن يحظى بموافقة أغلبية الشعب لتولي مسؤولية قيادة الوطن” للمرور نحو انتخابات حرة ونزيهة وذات مصداقية، أهاب الموقعون بمن سيتولى هذه المسؤولية أن يقدم على ”تعيين حكومة من ذوي الكفاءات العليا وممن لم تثبت إدانتهم في أي فترة من فترات تاريخنا الوطني” وكذا ”تعيين لجنة مستقلة للإشراف على الانتخابات المقبلة وتنظيمها ومراقبتها من البداية إلى النهاية”.

كما يقع على كاهل من توكل إليه هذه المهمة -حسب أصحاب المبادرة- ”تنظيم ندوة حوار وطني شامل لا تقصي أحدا” تكون مهمتها ”وضع أسس معالم المستقبل وفتح خارطة طريق لرسم سياسة جديدة تحصن الوطن والمواطن من الوقوع من جديد في التعفن السياسي (...) وإنقاذ الوطن من كل أنواع التبعية أو الولاء لغير الشعب مستلهمة قيمها من قيم نداء أول نوفمبر ومبادئ العلماء الصالحين المصلحين”. وتوجه الموقعون على البيان إلى الشعب الجزائري الذي ناشدوه ”المحافظة على الوحدة الوطنية والسلوك السلمي والثبات على الثوابت السيادية”، كما حيوا ”صمود” المؤسسة العسكرية في مسعاها لـ  ”حماية الوطن ومرافقة الحراك الشعبي والمحافظة على أمنه وسلامته وتفهم مطالبه وتطلعاته”.

في نفس السياق، خاطب أصحاب المبادرة النخبة السياسية التي دعوها إلى أن ”ترتقي إلى مستوى مطالب الحراك’’، محذرين من كون ”المرحلة قد بلغت من الخطورة والتأزم ما يتطلب التدخل العاجل والسلمي والتوافقي”.

من جهتها، أكدت الأكاديمية الجزائرية للعلوم والتكنولوجيات، أول أمس، على ضرورة العمل على إيجاد ”حلّ توافقي” يفضي إلى تشكيل ”سلطة وطنية مسؤولة عن ضمان فترة انتقالية لتنظيم الانتخابات الرئاسية” تتولى ضمان فترة انتقالية لتنظيم الانتخابات الرئاسية من أجل الخروج من الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد.

واقترحت الأكاديمية في هذا المجال أن تضم هذه السلطة ”شخصيات معترف بنزاهتها وحيادها والتزامها الوطني”، مؤكدة على ضرورة ”دعم العملية من قبل الجيش الوطني الشعبي دون تدخل من هذه المؤسسة الضامنة للسلامة الوطنية وأمن البلاد ووحدة الأمة”.

وأكدت على أن هذا المسعى يجب أن يفضي إلى ”نتائج تستجيب للتطلعات المشروعة للشعب الجزائري التي عبر عنها بشكل سلمي منذ 22 فيفري  الماضي وذلك بتكريس دولة قانون وعدالة مستقلة في جزائر مزدهرة، حرة وديمقراطية”.

من جهة أخرى، أكدت الأكاديمية أنها ”تحيي وتدعم إرادة التغيير التي ترجمتها بقوة مظاهرات النخبة المثقفة والشابة، لاسيما الطلبة، وذلك بدعم من الأسرة الجامعية برمتها على أمل بناء دولة قانون ترتكز على أسس الإنصاف والحداثة والتقدم الذي يسمح للجزائر بالاندماج الصحيح في المحافل الدولية”.

وبدورها، دعت المنظمة الوطنية للمجاهدين، إلى عقد ندوة وطنية لوضع خريطة طريق تمكن من الاستجابة للمطالب الشعبية في أقصر الآجال وتسمح لمؤسسات البلاد مواصلة مسارها بصورة عادية ضمن رؤية وطنية متكاملة.

وتوقفت المنظمة عند مختلف التفاعلات التي تشهدها الساحة الوطنية وتداعياتها التي ترى بأنها ”تلزمنا بالشروع في تهيئة الظروف لاحتضان حوار وطني جاد ومسؤول”.

وتعد هذه الندوة، من منظور المنظمة، ”الإطار المناسب لمناقشة وإقرار ما ينبغي اتخاذه من خطوات ضمن رؤية وطنية شاملة تأخذ طابع ورقة طريق”، من شأنها أن تمكن ”في أقصر الآجال من الاستجابة لمطالب الشعب وتسمح لمؤسسات الدولة مواصلة مسارها بصورة عادية”. وكان الفريق أحمد قايد صالح، قد دعا، خلال الأسبوع الماضي، من تمنراست، الشخصيات والنخب الوطنية ”الوفية للوطن”، إلى تبني ”حوار جاد وواقعي يضع الجزائر فوق كل اعتبار”. وأكد بالمناسبة، أن ”الجزائر اليوم هي في انتظار كل جهد مخلص ووفي يصدر عن أبنائها لاسيما منهم الشخصيات الوطنية ذات القدرة الفعلية على تقديم الإسهام الصائب الذي يكفل إيجاد الحلول المنتظرة”، حيث قال في هذا الصدد إن ”الحلول ستأتي.. في أقرب الآجال، لأن ثقتنا في شعبنا كبيرة وثقتنا في الله أكبر بأن يوفق الجيش الوطني الشعبي في حسن مرافقة أبناء الوطن، وهم يقدمون اقتراحاتهم البناءة، خدمة لما يستوجبه الواجب الوطني النبيل”، مشيرا في الأخير إلى أن التاريخ سيسجل كل جهد أسهم في إيجاد المخرج السليم لأزمة الجزائر، ”فما خاب من سعى، شرط أن يكون السعي متسما بالإخلاص والصدق”.