بوشاشي وجابي لـ "المساء":
الخروج من الأزمة الحالية لن يكون إلا بالحوار
- 816
يرى حقوقيون وباحثون جامعيون أن الخروج من الأزمة الحالية لن يكون إلا عن طريق الحوار السياسي وإقرار مرحلة انتقالية برحيل جميع رموز النظام الحالي. إذ يرى بعض المتتبعين أن المرحلة الانتقالية ينبغي أن لا تقل مدتها عن سنة كاملة ولا يجب أن تكون قصيرة، في حين يرى بعضهم الآخر أن هذه المرحلة لا يمكن تقييدها بتاريخ أو تحديدها في الزمن مستقبلا ويجب أن تبقى مفتوحة تتوقف مدتها على المهام المنوطة بها إلى غاية إتمامها.
ذكر الناشط الحقوقي مصطفى بوشاشي في تصريح لـ”المساء"، أمس، بأن الخروج من الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد يستدعي رحيل كل رموز النظام الحالي والدخول في مرحلة انتقالية، كما طالب بها الحراك الشعبي منذ 22 فيفري الماضي ولا يزال، وكما جاء في البيان الذي بعث به، أول أمس، كل من الوزير الأسبق طالب الإبراهيمي والرئيس السابق للرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان علي يحي عبد النور والجنرال المتقاعد بن يلس. مشيرا إلى أن البيان الذي أصدرته هذه الشخصيات الوطنية يستجيب لمطالب الحراك الشعبي الذي يدعو إلى عدم تنظيم انتخابات رئاسية في 4 جويلية القادم.
وضم الأستاذ بوشاشي صوته لأصحاب هذا البيان الذين طالبوا بمرحلة انتقالية، معتبرا إياها الحل الوحيد للخروج من الأزمة واستجابة لرأي الأغلبية وفقا للمبادئ الديمقراطية التي تعود فيها الكلمة للشعب، موضحا أن الخروج من هذا المأزق الذي تسبب فيه النظام الحالي وتعنته في الدعوة لعهدة خامسة للرئيس السابق بوتفليقة، هو الدخول في هذه المرحلة الانتقالية بشخصيات نزيهة تحظى بثقة الشعب ولم تشارك في السلطة خلال العشرين سنة الماضية.
وألح الناشط الحقوقي على أن هذه المرحلة الانتقالية لا يجب أن تكون مدتها قصيرة، بل يجب أن تصل إلى سنة على الأقل، لأن التحضير لتنظيم انتخابات نزيهة وإعادة تطهير القوائم الانتخابية لإحداث القطيعة مع مناهج التزوير السابقة يتطلب الوقت الكافي لإقامة انتخابات شفافة تعود فيها الكلمة للشعب حتى نتمكن من إعادة بناء الدولة بمؤسسات شرعية قوية وذات مصداقية.
وأشار محدثنا إلى أن مدة هذه المرحلة ليست بالضرورة سنة كما اقترح، بل يجب أن تراعي ما يستوجب القيام به خلالها، وهي موضوع يجب أن يطرح للنقاش مع كل الأطراف للخروج بنتائج ايجابية وتحديد هذه المدة للتمكن من طيّ الصفحة والتوجه نحو بناء جزائر جديدة، وإقامة دولة الحق والقانون بضمان استقلالية العدالة.
وهو السياق الذي دعا من خلاله الأستاذ بوشاشي، باعتباره محاميا وناشطا في مجال حقوق الإنسان، إلى إعادة النظر مستقبلا في بعض القوانين بعد انتخاب رئيس شرعي وحكومة جديدة لإلغاء ما يعرف بحق الامتياز القضائي الذي يمنح للمسؤولين الكبار في الدولة لتمكين القضاء من محاكمتهم في حال إخلالهم بواجبهم أو ارتكاب جرائم كغيرهم من المواطنين.
وأضاف الأستاذ بوشاشي أن حق الامتياز القضائي الموجود في التشريعات القديمة يجب أن يلغى لضمان مبدأ المساواة بين المواطنين إذا أردنا بناء دولة عادلة، مشيرا إلى أن هذا الامتياز "فخ" يمكّن المسؤولين والوزراء من الإفلات من العقاب ويشجّع على الفساد بتكريس سياسة اللاعقاب.
من جهته يرى الباحث الجامعي والناشط السياسي ناصر جابي بأن الخروج من الأزمة الحالية يتوقف على اعتماد أسلوب الحوار السياسي العاقل بين أصحاب القرار وممثلين عن الحراك الشعبي من شخصيات وطنية نزيهة، سواء كانت من أحزاب المعارضة أو المجتمع المدني أو شخصيات محايدة من النشطاء السياسيين والحقوقيين الذين يحظون بقبول وثقة الشعب.
وذكر السيد جابي في اتصال مع "المساء" بأن الحراك الشعبي، وإلى غاية الآن، وهو على مشارف أسبوعه الـ14، سلمي ومتحضر يرفع مطالب شرعية قابلة للتجسيد، وبالتالي يجب استغلال هذه الفرصة وهذا التنظيم للتوافق من أجل بناء مؤسسات شرعية لإنقاذ الجزائر والخروج من المأزق عن طريق الجلوس على طاولة الحوار. مؤكدا أن كل التجارب في العالم تبين بأنه "لا يمكن الخروج من الأزمات مهما طال عمرها من دون حوار، ولا يمكن أن ننتظر حدوث معجزات".
وأوضح السيد جابي بأن الحوار لن يكون مع رئيس الدولة ولا مع الحكومة باعتبارهما مرفوضين من طرف الشعب، بل يمكن أن يكون مع "المؤسسة العسكرية ممثلة في قيادة الأركان باعتبارها هي صاحبة القرار حاليا".
وفيما يخص صعوبة اختيار ممثلين لتمثيل الحراك الشعبي، يرى السيد جابي بأن الترويج لفكرة استحالة اختيار ممثلين عن الحراك الذي يشمل أكثر من 20 مليون جزائري هو "وسيلة للالتفاف على الحوار لإطالة عمر الأزمة".
وهو السياق الذي ثمّن من خلاله محدثنا البيان الذي أصدرته الشخصيات الوطنية الثلاث، أول أمس، والذي دعا للحوار، حيث اعتبره خطوة جيدة تسير في الاتجاه الصحيح من شخصيات تمثل مسارات وتيارات سياسية مختلفة.
كما أكد محدثنا أن الظروف التي تمر بها البلاد لا تمكّن من تنظيم انتخابات رئاسية في 4 جويلية المقبل، بل يجب الدخول في مرحلة انتقالية كما يريده الحراك الشعبي، ملحا أن هذه المرحلة الانتقالية لا يجب أن تقيّد أو تحدد بفترة زمنية معينة مسبقا، بل تبقى مفتوحة وتتوقف على المدة التي تستغرقها المهام الموكلة لها، وذلك للتمكّن من التحضير الجيد للانتخابات وكل الأمور المتعلقة بها تفاديا لضيق الوقت والضغط الذي قد تكون نتائجه سلبية ولا يسمح باتخاذ الوقت الكافي لإعادة بناء مؤسسات قوية وتجسيد الشرعية.