اليوم العاشر من محاكمة الخليفة : الاستماع إلى المتهمين باستغلال النفوذ وتلقي امتيازات
الطمع في فوائد بنك الخليفة أغرق الجميع
- 829
البليدة / رشيد.ك
واصل رئيس جسلة المحاكمة بمجلس قضاء البليدة، أمس، الاستماع إلى العديد من المتهمين بجنحة استغلال النفوذ، وتلقي امتيازات وفوائد من طرف مجمع الخليفة، حيث كانت أجوبة المتهمين تصب كلها في نقاط تتعلق بكون "ركوب قطار الخليفة آنذاك" كان "شرا لا بد منه"، وأن الطمع بالفوائد أغرى الجميع، وكانت الشركات العمومية والخاصة تتسابق لاستثمار أموالها، ولم تكن تعلم أن "الكارثة" ستحل يوما ما ويجرف طوفان الإفلاس مجمع الخليفة ومن تعامل معه.
بولفراد بو عبد الله: مصنع الجعة حوّل للخليفة 31 مليار سنتيم
وقد واجه المتهم بولفراد بوعبد الله المولود 1953 والقاطن بوهران بها إلى حد الآن، عدة تهم تتمثل في استغلال النفوذ وتلقي امتيازات وفوائد نظير تحويله لمبلغ 31 مليار سنتيم إلى بنك الخليفة من حساب وحدة الشركة الوطنية لإنتاج الجعة التي كان مديرا لفرعها بوهران منذ 1994، وقد كانت هذه الأموال مودعة بكل من بنك الفلاحة والتنمية الريفية، وكذا الصندوق الوطني للتعاون الفلاحي.
وذكر المتهم في سرده لسيرته الذاتية بأمر من القاضي، أنه عمل قبل ذلك بالمؤسسة الوطنية للمياه المعدنية منذ 1979، كمدير لمصلحة الموظفين ثم بمؤسسة الدهن، مضيفا أنه في 1995 عندما شرع في إعادة هيكلة المؤسسات الوطنية صارت مؤسسة إنتاج الجعة مؤسسة ذات الشخص الوحيد وذات المسؤولية المحدودة"، وكانت مرشحة للبيع، لكنها بعد ذلك حققت أرباحا وكان الفائض يوجه لبنك الخليفة، وقد بدأ ذلك في سنة 2000 حينما تم في البداية تحويل 9 ملايير سنتيم، ثم تلاها مبلغ 8 ملايير سنتيم واستمرت العملية لتبلغ في الأخير 31 مليار سنتيم، مشيرا إلى أن نسبة الفائدة كانت آنذاك 8 بالمائة، وأن سبب تحويل الأموال للبنك الجديد كان بسبب ربح بعض الفوائد لصالح الشركة، خاصة وأن عدة وحدات لنفس المؤسسة قامت بذلك، ومنها تلك الموجودة بالحراش.
ولما واجهه القاضي بتقرير الضبطية القضائية الذي استند إلى وثائق المحاسبة بوكالة وهران لبنك الخليفة، تفيد بأنه استفاد من عمولة بـ300 ألف أورو، (1.5 مليون دينار) و1.6 مليون دينار كأتعاب، أنكر المتهم ذلك جملة وتفصيلا، وذكر أنه لم يسمع بها إلا في 2005، وأنه لم يتلق هذه العمولات، ويعتبرها مجرد كتابات بين وكالة بنك الخليفة بوهران والمديرية العامة، معترفا بأن هذه الأموال المودعة في بنك الخليفة خسرتها الشركة ولم يتم استرجاعها لحد الآن، كما نفى المتهم أن يكون استفاد من بطاقتين للنقل المجاني بطيران الخليفة.
ديوان التسيير العقاري بوهران خسر 100 مليار سنتيم
كما مثل أمام هيئة العدالة وبنفس التهم (الرشوة واستغلال النفوذ وتلقي امتيازات وفوائد) المتهم نور الدين بوسنة، رئيس دائرة المحاسبة والمالية بمديرية ديوان الترقية والتسيير العقاري لولاية وهران، الذي ذكر أنه أودع في البداية 42 مليار سنتيم في بنك الخليفة بوهران، بفوائد وصلت حدود 10.8 بالمائة، وكانت الإيداعات تتم كل ثلاثة أشهر، لتصل قبيل إعلان إفلاس بنك الخليفة مبلغ 100 مليار سنتيم خسرها الديوان، وأوضح المتهم أن عملية الإيداع كانت بأمر من المدير الولائي للديوان خير الدين الوليد، الذي أمضى الاتفاقية مع البنك آنذاك، مشيرا إلى أن أموال الديوان كانت مقسّمة على حسابين، ببنك التنمية المحلية الذي كان يقدم فوائد بنسبة 6.5 بالمائة، وكذا بصندوق التعاون الفلاحي الذي كانت فوائده تتراوح بين 8.5 إلى 9 بالمائة، وعندما سأل القاضي المتهم "ألم تستشرفوا آنذاك أي خطر محتمل لضياع هذه الأموال" أجاب المتهم أنه لم يكن هو المدير، وأن الاتفاقيات كانت تتم كل ثلاثة أشهر، نافيا من جهة أخرى أن يكون قد تحصّل على عمولات من بنك الخليفة، حسبما جاء في كتابات المحاسبة للبنك والتي قيّدت مبلغ 2.5 مليون دينار، وذكر المتهم أنه سمع بها خلال التحقيق فقط، مؤكدا أن مدير بنك الخليفة بوهران السيد قرس، وكشاد بلعيد مدير البنك بالبليدة، والمستشار إيغيل مزيان، زاروا الديوان وتحدثوا مع المدير الولائي.
عبد العالي مزياني: الخليفة ابتلع 800 مليار من صندوق التقاعد
عمل المتهم منذ الثمانينيات كمحاسب بالمؤسسة الوطنية لمواد البناء، ثم انتدب كأمين ولائي بأم البواقي للاتحاد العام للعمال الجزائريين، ليعين في التسعينيات كأمين وطني بالمركزية النقابية مكلّف بالإدارة والمالية، وبعد التقاعد تم تعيينه كرئيس لمجلس الإدارة بالمديرية العامة للصندوق الوطني للتقاعد، وكان حينها السيد صالح عريفي، مديرا عاما لصندوق التقاعد، كما كان السيد سليمان كرار، مديرا للمالية. وقد توبع السيد مزياني، بنفس التهم السابقة، لكنه نفى عن نفسه ذلك، بكون مجلس الإدارة طرح في البداية فكرة استثمار الأموال ودعم الصندوق، وأن المديرية العامة ومديرية التضامن بوزارة التشغيل والضمان الاجتماعي، وافقت على ذلك، ومنها انطلقت العملية على أساس أن البنك الجديد معتمد من طرف الدولة.
وأفاد المتهم في سرده قصة الإيداع أنه في 16 سبتمبر 2001، تم عقد الاجتماع الدوري العادي لمجلس الإدارة وتم من خلال جدول الأعمال مناقشة نقطة إيداع الأموال ببنك الخليفة، مفيدا أن مدير المالية ذكر لهم خلال الاجتماع أن وراء ذلك فوائد للصندوق، فطالبوا حينها بالضمانات، وبعد أن تأكدوا من ذلك، سارعت المديرية إلى صب أموال قدرت بـ1200 مليار سنتيم، غير أن مجلس الإدارة تراجع بعدها، وقبل أن يصل موعد تحصيل الفوائد وفق الاتفاقية تم سحب 800 مليار سنتيم، ليضيع بذلك مبلغ ضخم لا يقل عن 400 مليار سنتيم، وأقر المتهم أن الإيداع كان سريعا حقا ليعلّق القاضي على ذلك بكون التراجع كان نتيجة التأكد من أن قرار الإيداع لم يكن صائبا.
وأجاب المتهم على سؤال النائب العام، حول الجهة التي حفّزتهم لصب هذا المبلغ الضخم في بنك الخليفة، ليجيب أن مدير المالية هو من اقترحه في البداية وأن نسبة الفوائد آنذاك أغرت الجميع.
آيت بلقاسم محرز... "كناك" خسر 180 مليارا
المتهم آيت بلقاسم محرز، الذي كان يشرف على صندوقين اثنين هما: الصندوق الوطني للتأمين على البطالة (كناك) وصندوق ضمان القروض المصغرة، مفيدا أن توظيف الأموال كان يتم وفق القانون الأساسي الذي يخول لإدارته إيداع الأموال تحت رقابة مجلس الإدارة، مفيدا أن أموال الصندوق المقدرة آنذاك بـ6400 مليار سنتيم كانت مودعة بالبنوك العمومية وخزينة الدولة، وأن الظروف المالية ومشكل التضخم آنذاك فرضت على الصندوق عدم تسجيل خسائر، حيث تم وضع الفائض المقدر بـ1.8 مليار دينار الذي يشكل 4 بالمائة من المبلغ الإجمالي للودائع ببنك الخليفة، مشيرا إلى أن مجلس الإدارة يتكون من ممثلين عن كل من الاتحاد العام للعمال الجزائريين، أرباب العمل، وزارة المالية والتشغيل.
وأفاد المتهم أن صبّ الأموال في بنك الخليفة تم على 4 مراحل وكانت الفائدة المنتظرة من الودائع – حسب الاتفاقية- 11.2 بالمائة، وأن الأمر بدأ عندما اقترحت لجنة المالية والصفقات وهي لجنة تحضيرية لانعقاد مجلس الإدارة للصندوق الوطني للتأمين على البطالة (كناك)، وأن المديرية راسلت الوصاية وطلبت المصادقة على تقرير مجلس الإدارة الذي قرر الاتفاق مع بنك الخليفة، ولأن القانون يقضي بأن الوصاية (وزارة التشغيل) إذا لم تجب خلال 30 يوما يصبح قرار مجلس الإدارة ملزما، وهكذا سارت الأمور ـ يقول المتهم ـ الذي شرح لهيئة المحكمة أن الوصاية كان بوسعها رفض الاقتراح خلال المدة المحددة قانونا لكنها لم تفعل.
وعلّق المتهم الذي بدا متمكنا من الثقافة القانونية، حيث تخرّج من المدرسة العليا للإدارة – تخصص قضاء. على رقابة الدولة للمصارف، أنه كان ينتظر أن تكون هناك رقابة صارمة بعد فتح الأبواب للخواص بدخول قطاع المصارف، لكن ذلك كان عكسيا، حيث قال إن الرقابة الميدانية كانت هشة.
ومن جهة أخرى نفى السيد آيت بلقاسم، أن يكون تربص ابنه عبد الكريم كطيار "بخليفة إيرويز" نتيجة صب الأموال في بنك الخليفة، مفيدا أن ابنه كان متحصلا على شهادة البكالوريا في العلوم التجريبية ودرس سنة بالجامعة، لكن كان له طموح في أن يكون طيارا، وأنه لم يشجعه هو على ذلك، نافيا أيضا أن يكون قد استفاد من بطاقة العلاج بمياه البحر "تلاسو"،
لكن القاضي واجهه بسؤال حول مكان إيداع الأموال بوكالة الحراش لبنك الخليفة، وأنه كان بالإمكان إيداعها بوكالة ديدوش مراد أو حيدرة القريبتين من المديرية العامة الكائنة بالأبيار، ليجيب أن الأمور عادية.
وبشأن إيداع أموال الصندوق الوطني لضمان القروض المصغرة، أفاد المتهم أن البنوك العمومية آنذاك كانت ترفض تمويل القروض المصغرة، لأن درجة "المخاطرة" كبيرة ولذلك فإن بنك الخليفة أبدى استعدادا لمنح قروض مصغرة وهو ما شجع على إبرام اتفاقية معه.
شركات عمومية أخرى كانت ضحية
كما كانت العديد من المؤسسات الوطنية عرضة للخسارة آنذاك ومنها الشركة الوطنية للجيوفيزياء الكائن مقرها بحاسي مسعود (ورقلة)، التي مثل باسمها أمس، مديرها رضا رحال، المتهم بتلقي امتيازات وفوائد، هذه الشركة التي خسرت مبلغا ضخما بالعملة الصعبة و10 ملايين دولار، واستطاعت أن تعيد أموالها بالعملة الوطنية المقدرة بـ30 مليار سنتيم، وأن نائب رئيس المدير العام لبنك الخليفة ومدير وكالة حاسي مسعود ونفى المتهم عن نفسه تهمة الاستفادة من النقل المجاني، لكون شركته كانت متعاقدة مع شركة خليفة للطيران لضمان نقل العمال.
أما المتهم عمار عميروشان، الذي كان يعمل مساعدا للمدير العام للمؤسسة الوطنية للتنقيب، وعمل بعد التقاعد بمكتب خاص للمحاسبة والخبرة المالية، فنفى نفس التهم، وأنه لا يعلم بالمبلغ الذي خسرته الشركة التي كان هو قد غادرها، وأنه لم يستعمل بطاقة النقل المجاني للخليفة التي اعتبرها "فخا" ولذلك قام بتمزيقها وعدم استعمالها.
كما نفى المتهم علي عسيلة، الذي تولى مسؤولية رئيس مدير عام للشركة الوطنية للتنقيب، التي أودعت شركته 100 مليار سنتيم، أن الاتفاقية كانت موجودة قبل أن يلتحق هو بمنصب المسؤولية، وأنه استكمل العملية فقط، وجدد الاتفاقية، كما أنكر أن تكون بطاقات النقل المجاني التي استفاد منها "رشوة" لأن لشركته عقودا مع خليفة للطيران التي تضمن نقل العمال بين العاصمة وحاسي مسعود، وأن البطاقات هي محفزات من الشركة لجميع الزبائن، وسرد قصة استعمال 4 بطاقات مجانية لسفر أولاده الثلاثة لدبي، وأنه لم يكن ينوي ذلك، لأن بشركة الخطوط الجوية الجزائرية في ذلك الوقت (عطلة الربيع) كانت كل الرحلات محجوزة نحو دبي، وأنه لما سأل عن الحل نصحوه باستعمال خط الخليفة في الذهاب، أما الإياب فهو مضمون في الخطوط الجوية الجزائرية، ففعل ذلك، وأنه عند التسديد قيل له بأنه مادام يملك بطاقات فإن نقله يكون مجاناـ كتعويض عن البطاقات، وأكد المتهم أن شركته استطاعت أن تسحب 58 مليار سنتيم ليضيع الباقي.
بولفراد بو عبد الله: مصنع الجعة حوّل للخليفة 31 مليار سنتيم
وقد واجه المتهم بولفراد بوعبد الله المولود 1953 والقاطن بوهران بها إلى حد الآن، عدة تهم تتمثل في استغلال النفوذ وتلقي امتيازات وفوائد نظير تحويله لمبلغ 31 مليار سنتيم إلى بنك الخليفة من حساب وحدة الشركة الوطنية لإنتاج الجعة التي كان مديرا لفرعها بوهران منذ 1994، وقد كانت هذه الأموال مودعة بكل من بنك الفلاحة والتنمية الريفية، وكذا الصندوق الوطني للتعاون الفلاحي.
وذكر المتهم في سرده لسيرته الذاتية بأمر من القاضي، أنه عمل قبل ذلك بالمؤسسة الوطنية للمياه المعدنية منذ 1979، كمدير لمصلحة الموظفين ثم بمؤسسة الدهن، مضيفا أنه في 1995 عندما شرع في إعادة هيكلة المؤسسات الوطنية صارت مؤسسة إنتاج الجعة مؤسسة ذات الشخص الوحيد وذات المسؤولية المحدودة"، وكانت مرشحة للبيع، لكنها بعد ذلك حققت أرباحا وكان الفائض يوجه لبنك الخليفة، وقد بدأ ذلك في سنة 2000 حينما تم في البداية تحويل 9 ملايير سنتيم، ثم تلاها مبلغ 8 ملايير سنتيم واستمرت العملية لتبلغ في الأخير 31 مليار سنتيم، مشيرا إلى أن نسبة الفائدة كانت آنذاك 8 بالمائة، وأن سبب تحويل الأموال للبنك الجديد كان بسبب ربح بعض الفوائد لصالح الشركة، خاصة وأن عدة وحدات لنفس المؤسسة قامت بذلك، ومنها تلك الموجودة بالحراش.
ولما واجهه القاضي بتقرير الضبطية القضائية الذي استند إلى وثائق المحاسبة بوكالة وهران لبنك الخليفة، تفيد بأنه استفاد من عمولة بـ300 ألف أورو، (1.5 مليون دينار) و1.6 مليون دينار كأتعاب، أنكر المتهم ذلك جملة وتفصيلا، وذكر أنه لم يسمع بها إلا في 2005، وأنه لم يتلق هذه العمولات، ويعتبرها مجرد كتابات بين وكالة بنك الخليفة بوهران والمديرية العامة، معترفا بأن هذه الأموال المودعة في بنك الخليفة خسرتها الشركة ولم يتم استرجاعها لحد الآن، كما نفى المتهم أن يكون استفاد من بطاقتين للنقل المجاني بطيران الخليفة.
ديوان التسيير العقاري بوهران خسر 100 مليار سنتيم
كما مثل أمام هيئة العدالة وبنفس التهم (الرشوة واستغلال النفوذ وتلقي امتيازات وفوائد) المتهم نور الدين بوسنة، رئيس دائرة المحاسبة والمالية بمديرية ديوان الترقية والتسيير العقاري لولاية وهران، الذي ذكر أنه أودع في البداية 42 مليار سنتيم في بنك الخليفة بوهران، بفوائد وصلت حدود 10.8 بالمائة، وكانت الإيداعات تتم كل ثلاثة أشهر، لتصل قبيل إعلان إفلاس بنك الخليفة مبلغ 100 مليار سنتيم خسرها الديوان، وأوضح المتهم أن عملية الإيداع كانت بأمر من المدير الولائي للديوان خير الدين الوليد، الذي أمضى الاتفاقية مع البنك آنذاك، مشيرا إلى أن أموال الديوان كانت مقسّمة على حسابين، ببنك التنمية المحلية الذي كان يقدم فوائد بنسبة 6.5 بالمائة، وكذا بصندوق التعاون الفلاحي الذي كانت فوائده تتراوح بين 8.5 إلى 9 بالمائة، وعندما سأل القاضي المتهم "ألم تستشرفوا آنذاك أي خطر محتمل لضياع هذه الأموال" أجاب المتهم أنه لم يكن هو المدير، وأن الاتفاقيات كانت تتم كل ثلاثة أشهر، نافيا من جهة أخرى أن يكون قد تحصّل على عمولات من بنك الخليفة، حسبما جاء في كتابات المحاسبة للبنك والتي قيّدت مبلغ 2.5 مليون دينار، وذكر المتهم أنه سمع بها خلال التحقيق فقط، مؤكدا أن مدير بنك الخليفة بوهران السيد قرس، وكشاد بلعيد مدير البنك بالبليدة، والمستشار إيغيل مزيان، زاروا الديوان وتحدثوا مع المدير الولائي.
عبد العالي مزياني: الخليفة ابتلع 800 مليار من صندوق التقاعد
عمل المتهم منذ الثمانينيات كمحاسب بالمؤسسة الوطنية لمواد البناء، ثم انتدب كأمين ولائي بأم البواقي للاتحاد العام للعمال الجزائريين، ليعين في التسعينيات كأمين وطني بالمركزية النقابية مكلّف بالإدارة والمالية، وبعد التقاعد تم تعيينه كرئيس لمجلس الإدارة بالمديرية العامة للصندوق الوطني للتقاعد، وكان حينها السيد صالح عريفي، مديرا عاما لصندوق التقاعد، كما كان السيد سليمان كرار، مديرا للمالية. وقد توبع السيد مزياني، بنفس التهم السابقة، لكنه نفى عن نفسه ذلك، بكون مجلس الإدارة طرح في البداية فكرة استثمار الأموال ودعم الصندوق، وأن المديرية العامة ومديرية التضامن بوزارة التشغيل والضمان الاجتماعي، وافقت على ذلك، ومنها انطلقت العملية على أساس أن البنك الجديد معتمد من طرف الدولة.
وأفاد المتهم في سرده قصة الإيداع أنه في 16 سبتمبر 2001، تم عقد الاجتماع الدوري العادي لمجلس الإدارة وتم من خلال جدول الأعمال مناقشة نقطة إيداع الأموال ببنك الخليفة، مفيدا أن مدير المالية ذكر لهم خلال الاجتماع أن وراء ذلك فوائد للصندوق، فطالبوا حينها بالضمانات، وبعد أن تأكدوا من ذلك، سارعت المديرية إلى صب أموال قدرت بـ1200 مليار سنتيم، غير أن مجلس الإدارة تراجع بعدها، وقبل أن يصل موعد تحصيل الفوائد وفق الاتفاقية تم سحب 800 مليار سنتيم، ليضيع بذلك مبلغ ضخم لا يقل عن 400 مليار سنتيم، وأقر المتهم أن الإيداع كان سريعا حقا ليعلّق القاضي على ذلك بكون التراجع كان نتيجة التأكد من أن قرار الإيداع لم يكن صائبا.
وأجاب المتهم على سؤال النائب العام، حول الجهة التي حفّزتهم لصب هذا المبلغ الضخم في بنك الخليفة، ليجيب أن مدير المالية هو من اقترحه في البداية وأن نسبة الفوائد آنذاك أغرت الجميع.
آيت بلقاسم محرز... "كناك" خسر 180 مليارا
المتهم آيت بلقاسم محرز، الذي كان يشرف على صندوقين اثنين هما: الصندوق الوطني للتأمين على البطالة (كناك) وصندوق ضمان القروض المصغرة، مفيدا أن توظيف الأموال كان يتم وفق القانون الأساسي الذي يخول لإدارته إيداع الأموال تحت رقابة مجلس الإدارة، مفيدا أن أموال الصندوق المقدرة آنذاك بـ6400 مليار سنتيم كانت مودعة بالبنوك العمومية وخزينة الدولة، وأن الظروف المالية ومشكل التضخم آنذاك فرضت على الصندوق عدم تسجيل خسائر، حيث تم وضع الفائض المقدر بـ1.8 مليار دينار الذي يشكل 4 بالمائة من المبلغ الإجمالي للودائع ببنك الخليفة، مشيرا إلى أن مجلس الإدارة يتكون من ممثلين عن كل من الاتحاد العام للعمال الجزائريين، أرباب العمل، وزارة المالية والتشغيل.
وأفاد المتهم أن صبّ الأموال في بنك الخليفة تم على 4 مراحل وكانت الفائدة المنتظرة من الودائع – حسب الاتفاقية- 11.2 بالمائة، وأن الأمر بدأ عندما اقترحت لجنة المالية والصفقات وهي لجنة تحضيرية لانعقاد مجلس الإدارة للصندوق الوطني للتأمين على البطالة (كناك)، وأن المديرية راسلت الوصاية وطلبت المصادقة على تقرير مجلس الإدارة الذي قرر الاتفاق مع بنك الخليفة، ولأن القانون يقضي بأن الوصاية (وزارة التشغيل) إذا لم تجب خلال 30 يوما يصبح قرار مجلس الإدارة ملزما، وهكذا سارت الأمور ـ يقول المتهم ـ الذي شرح لهيئة المحكمة أن الوصاية كان بوسعها رفض الاقتراح خلال المدة المحددة قانونا لكنها لم تفعل.
وعلّق المتهم الذي بدا متمكنا من الثقافة القانونية، حيث تخرّج من المدرسة العليا للإدارة – تخصص قضاء. على رقابة الدولة للمصارف، أنه كان ينتظر أن تكون هناك رقابة صارمة بعد فتح الأبواب للخواص بدخول قطاع المصارف، لكن ذلك كان عكسيا، حيث قال إن الرقابة الميدانية كانت هشة.
ومن جهة أخرى نفى السيد آيت بلقاسم، أن يكون تربص ابنه عبد الكريم كطيار "بخليفة إيرويز" نتيجة صب الأموال في بنك الخليفة، مفيدا أن ابنه كان متحصلا على شهادة البكالوريا في العلوم التجريبية ودرس سنة بالجامعة، لكن كان له طموح في أن يكون طيارا، وأنه لم يشجعه هو على ذلك، نافيا أيضا أن يكون قد استفاد من بطاقة العلاج بمياه البحر "تلاسو"،
لكن القاضي واجهه بسؤال حول مكان إيداع الأموال بوكالة الحراش لبنك الخليفة، وأنه كان بالإمكان إيداعها بوكالة ديدوش مراد أو حيدرة القريبتين من المديرية العامة الكائنة بالأبيار، ليجيب أن الأمور عادية.
وبشأن إيداع أموال الصندوق الوطني لضمان القروض المصغرة، أفاد المتهم أن البنوك العمومية آنذاك كانت ترفض تمويل القروض المصغرة، لأن درجة "المخاطرة" كبيرة ولذلك فإن بنك الخليفة أبدى استعدادا لمنح قروض مصغرة وهو ما شجع على إبرام اتفاقية معه.
شركات عمومية أخرى كانت ضحية
كما كانت العديد من المؤسسات الوطنية عرضة للخسارة آنذاك ومنها الشركة الوطنية للجيوفيزياء الكائن مقرها بحاسي مسعود (ورقلة)، التي مثل باسمها أمس، مديرها رضا رحال، المتهم بتلقي امتيازات وفوائد، هذه الشركة التي خسرت مبلغا ضخما بالعملة الصعبة و10 ملايين دولار، واستطاعت أن تعيد أموالها بالعملة الوطنية المقدرة بـ30 مليار سنتيم، وأن نائب رئيس المدير العام لبنك الخليفة ومدير وكالة حاسي مسعود ونفى المتهم عن نفسه تهمة الاستفادة من النقل المجاني، لكون شركته كانت متعاقدة مع شركة خليفة للطيران لضمان نقل العمال.
أما المتهم عمار عميروشان، الذي كان يعمل مساعدا للمدير العام للمؤسسة الوطنية للتنقيب، وعمل بعد التقاعد بمكتب خاص للمحاسبة والخبرة المالية، فنفى نفس التهم، وأنه لا يعلم بالمبلغ الذي خسرته الشركة التي كان هو قد غادرها، وأنه لم يستعمل بطاقة النقل المجاني للخليفة التي اعتبرها "فخا" ولذلك قام بتمزيقها وعدم استعمالها.
كما نفى المتهم علي عسيلة، الذي تولى مسؤولية رئيس مدير عام للشركة الوطنية للتنقيب، التي أودعت شركته 100 مليار سنتيم، أن الاتفاقية كانت موجودة قبل أن يلتحق هو بمنصب المسؤولية، وأنه استكمل العملية فقط، وجدد الاتفاقية، كما أنكر أن تكون بطاقات النقل المجاني التي استفاد منها "رشوة" لأن لشركته عقودا مع خليفة للطيران التي تضمن نقل العمال بين العاصمة وحاسي مسعود، وأن البطاقات هي محفزات من الشركة لجميع الزبائن، وسرد قصة استعمال 4 بطاقات مجانية لسفر أولاده الثلاثة لدبي، وأنه لم يكن ينوي ذلك، لأن بشركة الخطوط الجوية الجزائرية في ذلك الوقت (عطلة الربيع) كانت كل الرحلات محجوزة نحو دبي، وأنه لما سأل عن الحل نصحوه باستعمال خط الخليفة في الذهاب، أما الإياب فهو مضمون في الخطوط الجوية الجزائرية، ففعل ذلك، وأنه عند التسديد قيل له بأنه مادام يملك بطاقات فإن نقله يكون مجاناـ كتعويض عن البطاقات، وأكد المتهم أن شركته استطاعت أن تسحب 58 مليار سنتيم ليضيع الباقي.