مختصون يؤكدون ضرورة تمكينه من الاضطلاع بدوره المجتمعي
المطالبة برفع سقف حرية الإعلام في مسودة الدستور
- 1645
دعت الدكتورة في الإعلام والاتصال بجامعة الجزائر، فتيحة بوغازي، إلى إعطاء حرية أكبر للإعلام في مسودة الدستور المطروحة للنقاش، "حتى يكسب بصفة حقيقية مكانته كسلطة رابعة، تكون قادرة على مرافقة التحول المجتمعي والتنموي الذي تعيشه الجزائر، فيما يؤكد أستاذ الإعلام، علي قسايسية، من جهته، على ضرورة الفصل بين السلطات، حتى يكون الإعلام حرا ويمارس دوره كحارس بوابة على الشأن العام، في وقت يرى فيه، السيناتور عبد الوهاب بن زعيم أن دسترة ممارسة مهنة الإعلام من قبل المهنيين وليس التجار، خطوة هامة في مسار تنظيم القطاع الذي يعرف فوضى كبيرة غير مسبوقة..
وأشارت الدكتورة بوغازي في تصريح لـ«المساء" إلى أن كلية الإعلام التي تعتبر من المنابر التي استشرتها رئاسة الجمهورية حول مسودة المشروع التمهيدي للتعديل الدستوري، ركزت في مناقشتها للوثيقة على 5 محاور أساسية، على رأسها موضوع الفصل بين السلطات، مقدرة في المقابل بأن حرية التعبير والإعلام لم تخصص لها المساحة الكافية التي كان ينتظرها أهل الاختصاص.
وأضافت أن مسودّة الدستور الجديد، "جاءت كغيرها من المشاريع الدستورية السابقة، حيث لم تصل بعد إلى تحقيق جميع السبل الكفيلة بتوفير الحماية الكافية لممارسة حرية التعبير لكافة أفراد المجتمع، وضمان المساواة فيها، وإن كان قد أكد على ضمانها"، مستشهدة باكتفاء النص بالتأكيد على حرية الإعلام "دون ضبطها وتحديد الغاية منها والتنويه بفوائدها وغيرها من الخطوات الهادفة إلى ترقية المجتمع ككل من خلال ممارسة هذه الحرية وفق منهجها السليم".
واعتبرت الدكتورة أن التطورات التكنولوجيّة الراهنة، تفرض ضبط كل صغيرة وكبيرة، فيما يخصّ مجال الإعلام باعتباره يمثل السلطة الرابعة له تأثيرات كبيرة على الراي العام وهو يوجهه ويحقق أهدافه، مشيرة إلى أن النماذج المقارنة بالبلدان التي تطورت فيها الصحافة والإعلام وأصبحت ركيزة في بناء المجتمع ومرافقة تحولاته وتنوير الراي العام، تعتبر عينة حية عن مفهوم السلطة رابعة، ما يستدعي حسبها، إعطاءه نفس الأهمية التي تحظى بها السلطات الثلاث، القضائية، التشريعية والتنفيذية من خلال التفصيل في كل جزئية ، سواء تعلق الأمر بتوسيع مجال الحريات أو ضبطها.
وذكرت المتحدثة بالمناسبة بإشكالية آليات تطبيق النصوص القانونية، "فكل الدساتير بما فيها الحالي وكذا المسودة المطروحة للإثراء والنقاش، تضمن دون أدنى شك الحريات العامة والحق في الإعلام. كما يحدد قانون العقوبات أيضا جرائم الصحافة المعروفة، من قذف وسب وشتم وكذا نشر ويث الأخبار المغلوطة أو الأخبار الملفّقة التي أصبحت تعج بها شبكات التواصل الاجتماعي، إلا أن المشكل الحقيقي يكمن في عدم التطبيق"، معتبرة أن "العديد من القوانين تعتبر واجهة شكلية للتنظيم، وما يجري في الواقع هو القانون غير المكتوب".في السياق متصل، اعتبرت الدكتورة بوغازي أن" تكريس حرية التعبير الدّستورية تستدعي عدم اللجوء إلى توقيف أي شخص بسبب تعبيره عن رأيه أو نتيجة لما ينشره، خاصة بالنسبة للصحفيين".
أما أستاذ الإعلام والاتصال بجامعة الجزائر علي قسايسية، فيرى في تصريح لـ«المساء" أنه "لا يمكن الحديث عن السلطة الرابعة أي الإعلام، مالم تتحقق استقلالية التامة للسلطات الأخرى، التنفيذية والتشريعية والقضائية، والفصل بين كل واحدة عن الأخرى بشكل يضمن التوازن وعدم طغيان أي سلطة على الأخرى.."، مضيفا في نفس السياق، بأن المنظومة القانونية لا بد أن تحقق مبدأ الفصل بين السلطات التقليدية، بشكل تجعل من الصحافة حارس بوابة على الشأن العام، تتمكن من تبليغ الرأي العام بالخروقات التي قد ترتكبها أي سلطة من السلطات التقليدية، كأن تكون شكلا من أشكال الرقابة على أعمال الحكومة في فترة ما بين الانتخابات، مثلا.
وتطرق محدثنا إلى "السلطة الخامسة" التي يتعين عليها، حسبه، "وفق منظور نظرية "سبين دكتون" أن تشجع على الانفتاح وتمكن الإعلاميين من الوصول للمعلومة"، مشيرا إلى أنها تتمثل في مجموعة من الآليات الوسيطة الظاهرة والمستترة المؤثرة في انتقاء وتداول المعلومة ما بين المصدر ووسائل الإعلام الجماهيرية، مثل الناطقين الرسميين والمستشارين الإعلاميين والمكلفين بالإعلام والاتصال والعلاقات العامة، "حيث عادة ما يكون هؤلاء مصفاة للمعلومات التي يجب أن تبلغ للصحافيين من أجل نشرها عبر وسائل الإعلام الجماهيرية، وعادة ما تحول ممارسات هذه الوسائط دون وصول المعلومة للمواطن بسبب حجبها، الأمر الذي يستوجب تصحيحه وتقويمه حتى لا يقع الصحفي في المعلومة الخاطئة ولا ينشر معلومات غير صحيحة أمام واجبه في تنوير الراي العام وإعلام المواطن بالمستجدات حول مسائل تشكل محور اهتمامه".
أما سيناتور حزب جبهة التحرير الوطني، عبد الوهاب بن زعيم، فأشار في تصريح لـ«المساء"، إلى أنه بات من الضروري دسترة ممارسة الإعلام، بمساهمة من أهل الاختصاص من أجل أخلقة القطاع، "وذلك حتى يوضع حد للفوضى التي يشهدها القطاع اليوم على أكثر من مستوى وتتوقف جملة الانتهاكات التي تمارس باسم حرية الإعلام".
ومن بين الأمور الأساسية التي يرى محدثنا أنها مهمة وذات أولوية لتطهير القطاع وتوضيح المفاهيم "الفصل التام بين النشاط التجاري للمعلنين والنشاط المهني للإعلاميين، وذلك من خلال عدم السماح لمن لديهم الأموال باستثمارها في قطاع الإعلام وحصر نشاطهم في مجال الإعلان التجاري فقط، فيما تبقى ممارسة الإعلام عبر فتح مؤسسات إعلامية لأهل الاختصاص فقط، وبهذا التصنيف تتمكن السلطة من إزاحة كل التجار من المشهد الإعلامي".
أما النقطة الثانية التي تحدق عنها السيناتور، فتتعلق بأخلقة القطاع، من خلال استحداث سلطة تسهر على تكوين وتوجيه وضبط الممارسات الإعلامية والارتقاء بالمهنة إلى المستوى المطلوب عبر تصويب الاختلالات دون فرض قيود أو عوائق على الصحفيين، لدى تناولهم للمواضيع المختلفة".
وبالنسبة للضوابط التي يجب على المهنيين التقيد بها، فقد حصرها محدثنا في "احترام الثوابت الوطنية والوحدة الوطنية والأمن والحياة الشخصية للأفراد وعدم التطرق لها من خلال التشهير بهم وبعائلاتهم بشكل غير مقبول أو الابتزاز"، مستشهدا بما تسجله بعض المواقع الإلكترونية في الفترة الأخيرة، "بشكل يتعارض ومفهوم حرية التعبير والإعلام".