مشروع قانون الإجراءات الجزائية يوليها أهمية قبل المتابعة الجزائية

الوساطة لحلّ قضايا الجنح والمخالفات

الوساطة لحلّ قضايا الجنح والمخالفات
  • 130
زين الدين زديغة زين الدين زديغة

❊ موافقة الضحية ومرتكب الجريمة شرط لإجراء الوساطة

❊ اعتماد الوساطة لوضع حدّ للإخلال الناتج عن الجريمة أو جبر ضررها

❊ اتفاق الوساطة غير قابل للطعن ومحضرها سند تنفيذي

❊ ترخيص من وكيل الجمهورية لتطبيق الوساطة

❊ إمكانية تكليف وكيل الجمهورية لضابط الشرطة القضائية للقيام بالوساطة

❊ عقوبات تطال الممتنع عن تنفيذ اتفاق الوساطة عند انقضاء الآجال المحدّدة 

يمنح مشروع قانون الإجراءات الجزائية المتواجد على طاولة المجلس الشعبي الوطني، أهمية بالغة لدور الوساطة كآلية لحلّ القضايا قبل أي متابعة جزائية في عديد مواد الجنح والمخالفات، لا سيما عندما يكون من شأنها وضع حدّ للإخلال الناتج عن الجريمة أو جبر الضرر المترتب عنها، فيما يتعين موافقة الضحية ومرتكب الجريمة كشرط أساسي لإجرائها، ويعد اتفاقها غير قابل للطعن ومحضرها بمثابة السند التنفيذي.

ينصّ مشروع قانون الإجراءات الجزائية، الذي يضم 854 مادة، وتواصل لجنة الشؤون القانونية والإدارية والحريات للمجلس الشعبي الوطني دراسة أحكامه، على أنه يجوز لوكيل الجمهورية، قبل أي متابعة جزائية أن يقرّر بمبادرة منه أو بناء على طلب الضحية أو المشتكى منه، إجراء وساطة، عندما يكون من شأنها وضع حدّ للإخلال الناتج عن الجريمة أو جبر الضرر المترتب عنها. وتتم هذه الوساطة، وفق المادة 54 من مشروع القانون، بموجب اتفاق مكتوب بين مرتكب الأفعال المجرّمة والضحية، (بحضور ممثلها القانوني إذا كانت طفلا)، كما يمكن لوكيل الجمهورية أن يكلّف أحد ضباط الشرطة القضائية لإجراء الوساطة، وفي هذه الحالة يتعين على ضابط الشرطة القضائية المعني أن يعرض محضر الوساطة على وكيل الجمهورية لاعتماده بالتأشير عليه. كما يشترط لإجراء الوساطة قبول الضحية والمشتكى منه، وبإمكان كل واحد منهما الاستعانة بمحام، استناد للمادة 56.

وبخصوص مجال تطبيق الوساطة التي أعطيت لها أهمية ضمن هذا النصّ التشريعي، تنصّ المادة 56 على أن الوساطة تطبّق في مواد الجنح، على جرائم السبّ والقذف والاعتداء على الحياة الخاصة، خيانة الأمانة والتهديد والوشاية الكاذبة، وترك الأسرة والامتناع العمدي عن تقديم النفقة وعدم تسليم طفل، وكذا الاستيلاء بطريق الغشّ على أموال الإرث قبل قسمته أو على أشياء مشتركة أو أموال الشركة، إصدار شيك بدون رصيد، والتخريب أو الإتلاف العمدي لأموال الغير، إلى جانب جنح الضرب والجروح غير العمدية والعمدية المرتبكة بدون سبق الإصرار أو الترصد أو استعمال السلاح، وجرائم التعدي على الملكية العقارية والمحاصيل الزراعية والرعي في ملك الغير، واستهلاك مأكولات أو مشروبات أو الاستفادة من خدمات أخرى عن طريق التحايل.

كما يمكن أن تطبق الوساطة في المخالفات، حيث تشير المادة 57 من الوثيقة، في ذات السياق، إلى أن اتفاق الوساطة يدوّن في محضر يتضمن هوية وعنوان الأطراف، وعرضا وجيزا للأفعال وتكييفها القانوني والمواد القانونية المطبقة، وتاريخ ومكان وقوعها ومضمون اتفاق الوساطة وآجال تنفيذه. ويوقّع المحضر من طرف وكيل الجمهورية أو ضابط الشرطة القضائية وأمين الضبط أو عون الشرطة القضائية وكذا الأطراف المعنية، وتسلم نسخة منه إلى كل طرف.

ويتضمن اتفاق الوساطة، التي وردت ضمن قسم خاص في مشروع قانون الإجراءات الجزائية، على الخصوص، إعادة الحال إلى ما كانت عليه، تعويض مالي أو عيني عن الضرر، ما لم يتفق الأطراف على خلاف ذلك، وكل اتفاق آخر غير مخالف للقانون يتوصّل إليه الأطراف، وفقما جاء في المادة 58 من المشروع. أما المادة 59 فشدّدت على أنه لا يجوز الطعن في اتفاق الوساطة بأي طريقة من طرق الطعن، فيما أكدت المادة 60 على أن محضر اتفاق الوساطة يعد سندا تنفيذيا طبقا للتشريع الساري المفعول.

في هذا الإطار، يوقف سريان تقادم الدعوى العمومية خلال الآجال المحدّدة لتنفيذ اتفاق الوساطة. وإذا لم يتم تنفيذ الاتفاق في الآجال المحدّدة، يتخذ وكيل الجمهورية ما يراه مناسبا بشأن إجراءات المتابعة، حسب المادتين 61 و62، فيما تنصّ المادة 63 على أنه "يتعرض للعقوبات المقرّرة للجريمة المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 147 من قانون العقوبات، الشخص الذي يمتنع عمدا عن تنفيذ اتفاق الوساطة عند انقضاء الأجل المحدّد لذلك".