حصونها تتساقط الواحد تلو الآخر بنهاية نفوذها في إفريقيا
انكسارات باريس تتواصل والديك يعود إلى خمّه
- 246
❊ كبرياء باريس يتهاوى في وحل آلام شعوب القارة السمراء
❊ المخزن يد فرنسا في القارة والخادم الوفي للقوى الاستعمارية
يعكس فقدان فرنسا لنفوذها في القارة الإفريقية في الفترة الأخيرة وضعها السياسي المتردي على المستويين الداخلي والخارجي الذي شهد تراجعا كبيرا في الفترة الأخيرة، بسبب الدوس على مبادئ القانون الدولي، مستعيدة بذلك عقيدتها الاستعمارية التي تقوم على التعدّي على سيادة الدول وفق نظرة استعلائية، انعكست بشكل سلبي على تواجدها في قارة لطالما نهبت منها الثروات لعقود من الزمن.
فرنسا التي كانت تحلّق كالنسر الجارح عبر أرجاء القارة العذراء دون حسيب أو رقيب، سرعان ما عادت مؤخرا إلى خمّ "الديكة" بعد خسارات متتالية لمعارك لطالما كانت من نصيبها، بعد عقود من تربّعها على عرش أفظع القوى الاستعمارية في العالم.. غير أنها غادرت في الفترة الأخيرة إفريقيا تحت وابل من الشعارات المناهضة لوجودها الذي لم يعد مرغوبا فيه، ليهوى سهمها إلى الحضيض ويتمرغ كبرياؤها في وحل آلام شعوب القارة السمراء التي كانت تبيض ذهبا للغزاة.
يبدو أن فرنسا لم تعد تقوى على صراع "الديكة" في قارة أضحت كحلبة لمنافسة عديد القوى الأخرى التي جاءت برؤى جديدة نجحت في استقطاب دول إفريقية، لم تتردد علنا في مطالبة المستعمر القديم بإنهاء معه شراكاتها العسكرية التي كانت تخفي أطماعه الاقتصادية في إفريقيا .
باريس التي تتباهى بعقيدتها السياسية المناقضة لمبادئ ثورتها 1789، سرعان ما جرّت أذيال الخيبة الواحدة تلو الأخرى، في ظل امتداد الطابور الإفريقي الرافض لتواجدها في قارة مازالت تعيش إفرازات الفترة الاستعمارية، حيث نذكر في هذا الصدد التحاق دولتي التشاد والسنغال منذ بضعة أيام بقائمة المناوئين للسياسة الفرنسية المتّسمة بالفكر الاستعماري . فإدارة ماكرون لم تساير مطالب الأفارقة المرتبطة أساسا بالاعتذار والتعويض عن أخطاء الماضي الاستعماري والمجازر المرتكبة في الجزائر ورواندا والكونغو وبوركينا فاسو وغيرها، كردّ للاعتبار، حيث راح تركيزها ينصبّ على نهب الثروات الطبيعية مثل اليورانيوم، والنفط، والذهب والألماس، في الوقت الذي يصر فيه ماكرون على القول بأن بلاده ليس لها دور في إصلاح كل المشكلات في إفريقيا.
ولا يمكن وصف ذلك سوى بأنه ضربة قوية في وجه السياسة الماكرونية، التي لم تتعظ من الأخطاء المتلاحقة، إذ بدل أن تساير المتغيرات الدولية الراهنة، راحت تحنّ لماضيها الاستعماري بممارسات أكلَ عليها الدهر وشرب، فاختارت الانضمام إلى صفّ المتملّصين من الشرعية الدولية وهما نظام المخزن والكيان الصهيوني.
فماكرون لم يجد أي حرج للجهر صراحة بدوسه على القانون الدولي بعد اعترافه بما يسمى مخطط الحكم الذاتي في الصحراء الغربية المصنّفة أمميا ضمن قضايا تصفية الاستعمار، موازاة مع تغلغل الكيان الصهيوني في المغرب الذي تحوّل إلى حاضنة للقوى الاستعمارية، لتقاسمه معها نفس الأفكار التوسعية التي باتت تهدّد أمن المنطقة ككل.
غير أن هذا "التحالف الاستعماري" لم يزد سوى في نفور المزيد من الدول الإفريقية، لتدحض بذلك الاعتقاد الفرنسي بأن المغرب سيكون لها بمثابة البوابة التي ستمكّنه من ولوج أسواق القارة، وتناست باريس بأن المخزن الذي كان لها لعقود من الزمن بمثابة الخادم الوفي في تحقيق أهدافها الاستعمارية، لم يعد محض ثقة الأفارقة الذين باتوا ينفرون من كل ما يذكرهم بالمستعمر القديم الذين عانوا منه الأمرين. المؤكد أن العقيدة الاستعمارية بثوبها القديم لم يعد لها موطئ قدم في إفريقيا، لأن شعوب القارة تتطلع لتحقيق رفاهية شعوبها وفق شراكات تعود لها بالنفع ولو بنسب معقولة، ما يعني أن هذه الرؤية لا تتوافق البتة مع الفكر الاستعماري للتحالف الفرنسي –المخزني والصهيوني.