تظاهرات متنوعة واتفاقية توأمة في ذكرى استشهاده

باجي مختار يحيي التلاحم بين سكان المناطق الحدودية

باجي مختار يحيي التلاحم بين سكان المناطق الحدودية
  • القراءات: 1577 مرات
برج باجي مختار: محمد. ب برج باجي مختار: محمد. ب
استعادت جمعية "مشعل الشهيد"، مع سكان برج باجي مختار، أمس، الذكرى الـ60 لاستشهاد البطل باجي مختار في 19 نوفمبر 1954، وبادرت إلى الجمع بين بلدية مسقط رأس الشهيد (سوق اهراس) والبلدية التي تحمل اسمه اليوم من خلال اتفاقية توأمة تهدف إلى إعادة إحياء التلاحم والتكافل بين سكان البلديتين وترقية التعاون والتبادل الثقافي والرياضي بين هاتين المنطقتين الحدوديتين.
وانتظمت بمناسبة الذكرى ندوة تاريخية حول هذا الشهيد البطل الذي يعتبر، حسب الدكتور محمد لحسن زغيدي، أستاذ التاريخ بجامعة الجزائر، "أبو القاسم سعد الله"، من طلائع الثورة التحريرية المجيدة ومن شهدائها الأوائل، الذين سقطوا في ميدان الشرف بعد نضال طويل، خاضه مبكرا من أجل استقلال الجزائر.
وذكر الدكتور في محاضرة تاريخية ألقاها بمقر دائرة برج باجي مختار بحضور السلطات المحلية المدنية والعسكرية ومجاهدي المنطقة، بالتحاق الشهيد باجي مختار الذي ولد في 1927 ونشأ بالمنطقة الحدودية الشرقية بسوق أهراس، بالحركة الوطنية في 1943، حيث كان عضوا نشيطا في النضال السياسي، قبل أن تدفعه مجازر 8 ماي 1945 إلى اختيار طريق الكفاح المسلح وتبني فكرة تفجير الثورة التحريرية، رغم ما كلفه من مضايقات المستعمر، الذي أدخله السجن مرتين بسبب دوره في المنظمة السرية.
"واستطاع باجي مختار الفرار من السجن، والالتحاق بالنشاط التحضيري للثورة التحريرية، بإنشائه لمراكز تدريب وتكوين الثوار بالحدود الشرقية للوطن، بالرغم من أن تعليمات قادة الثورة حينها كانت توصي بترك الحدود كمناطق آمنة لعدم استدراج العدو الفرنسي وتأمين معابر الأسلحة عبر تلك المناطق"، حسبما أشار إليه الدكتور زغيدي الذي أكد بأن باجي مختار الذي كان له رفقة القادة الاوائل للثورة شرف تفجير الكفاح المسلح، كان له أيضا شرف الاستشهاد في أولى أيامها، مذكرا في هذا الصدد بأن "المعركة التي سقط فيها الشهيد باجي مختار في 19 نوفمبر 1954 بمنطقة سوق اهراس، سجلت سقوط أول شهيدة للثورة الجزائرية" وهي البنت "دزاير" التي كانت ترعى المجاهدين وتقدم لهم الماء والسكر حينما كانوا محاصرين من قبل قوات الجيش الاستعماري..".
وفي حين أكد بأن الشهيد البطل باجي مختار "يبقى له سجل ناصع من البطولات لا يرقى إليه إنسان من أقرانه"، أبرز أستاذ التاريخ الدور البطولي الذي لعبه سكان منطقة برج باجي مختار إبان الثورة التحريرية المجيدة، ودعمهم الكامل لقيادة جبهة الصحرء أو الجبهة الجنوبية التي قادها المجاهد عبد العزيز بوتفليقة الذي كان يعرف عند أهل المنطقة بـ"عبد القادر المالي"، مشيرا إلى أن سكان هذه المنطقة الحدودية وما جاورها كانوا هم البناء الذي تكونت به طلائع جبهة الصحراء، والتي مكنت الثورة من الدعم والتموين اللازمين من بلدان القارة الافريقية، وأعطت بالتالي الانتشار والبعد الافريقي لثورة نوفمبر الغراء.
كما شكلت منطقة برج باجي مختار البوابة الرسمية للثوار الأفارقة إلى الجزائر، وأصبحت بوابة الجزائر على إفريقيا، الامر الذي دفع بقادة الدولة بعد الاستقلال إلى إطلاق اسم هذه المنطقة على أحد أبرز القادة الذين فجروا الثورة، وربطوا ذلك برمزية تقارب الحدود فاختاروا البطل باجي مختار.. تجسيدا لمعاني الوحدة الوطنية، والتلاحم بين كافة أبناء الوطن والتضامن بين مناطقه الشاسعة. وتكريسا لهذا التضامن ونسج الترابط بين مناطق الجزائر ولا سيما منها الحدودية، وحرصا على رمزية الشهيد البطل باجي مختار، تم على هامش الندوة التاريخية حول الشهيد توقيع اتفاقية توأمة بين بلديتي سوق اهراس التي تعتبر مسقط رأس الشهيد وبلدية باجي مختار التي حملت اسمه، وتهدف هذه الاتفاقية التي وقعها كل من رئيس بلدية سوق أهراس بن عبيد جمال ورئيس بلدية برج باجي مختار بالنيابة، العربي أحمد، إلى تكثيف التعاون وتبادل الانشطة والخبرات بين البلديتين، ولا سيما من خلال تنظيم زيارات ودورات تكوين وتدريب في المجالات الثقافية والرياضية والفنية، فضلا عن زيارات سياحسة لفائدة أطفال المنطقة الجنوبية إلى منطقة الشمال.
كما تم بمناسبة الذكرى أيضا تنظيم سباق للجمال امتد على مسافة 4 كلم بمشاركة متسابقين من برج باجي مختار ومناطق مجاورة، لتختتم التظاهرة التي شهدت أيضا تنظيم عروض فلكلورية من التراث الترقي، بتكريم المشاركين في المسابقات وكذا بعض ممثلي سلطات دائرة برج باجي مختار المدنية منها والعسكرية، نظير الجهود الكبيرة المبذولة لتأمين هذه المنطقة الحدودية الحساسة من الوطن، وأشار السيد محمد عباد رئيس جمعية "مشعل الشهيد" بالمناسبة إلى أن هذه التظاهرات سيتم تكرارها مستقبلا عبر مختلف المناطق الحدودية للبلاد، وفاء لقوافل شهدائها وإخلاصا لرسالة الثورة المجيدة، ودعما لجهود التنمية التي تبذلها الدولة لفائدة سكان هذه المناطق.
ويجدر التذكير بأن إحياء الذكرى الـ60 لاستشهاد البطل باجي مختار تزامنت مع تنظيم الملتقى الوطني للمقاومة الوطنية والثورة التحريرية وبعدها الافريقي، الذي اختتمت أشغاله أمس بتمنراست، وأبرز خلاله المشاركون الدور الفعال لسكان الجنوب في تحرير الجزائر من قبضة المستعمر الفرنسي وإفشالهم لكل لمخططاته وأطماعه في الاستحواذ على الصحراء الجزائرية، كما أشادوا بالمناسبة بالدور الثوري الكبير للمجاهد الرئيس بوتفليقة الذي قاد جبهة الجنوب، بمساعدة المجاهدين أحمد دراية، محمد الشريف مساعدية، وعبد الله بلهوشات.
ولم يفوت وزير المجاهدين، الطيب زيتوني، الذي أشرف على افتتاح الملتقى فرصة تواجده بولاية تمنراست دون الترحم على أرواح شهداء المقاومة الوطنية، ومعاينة موقع سقوط 72 شهيدا من هؤلاء بمنطقة "تين ايسا" في معركة "واد أمسراد" في مطلع ماي 1902، كما عاين موقع مركز التدريب الذي أنشأته جبهة الجنوب إبان الثورة التحريرية بمنطقة "تهات" التي تعتبر أعلى منطقة بولاية تمنراست.