فيما لم يتوان في فضح المتملّقين والطامعين في المكاسب

تبون يرفض التزلّف والتمجيد رئيسا ومترشّحا

تبون يرفض التزلّف والتمجيد رئيسا ومترشّحا
المترشح تبون عبد المجيد×
  • القراءات: 74
 مليكة. خ مليكة. خ

عادت مؤخرا مظاهر التزلّف نحو السيد عبد المجيد تبون رئيسا ومترشّحا للانتخابات الرئاسية المزمع تنظيمها يوم السابع من شهر سبتمبر القادم، ما يثير الكثير من التساؤلات حول خلفيات هذه السلوكات والتصرفات التي تكرّست خلال النظام البائد وفق ما يسمى بسياسة "الكادر" أي تمجيد صورة الرئيس في مختلف اللقاءات الرسمية وغير الرسمية .
فقد أثار فيديو متداول على وسائط التواصل الاجتماعي لأحد الشبان الذي انحنى وسجد تحت صورة معلقة للسيد تبون لغرض انتخابي بوسط العاصمة، حيث دعا للتصويت لصالح المترشح الحر، استغراب الجميع كون مثل هذه السلوكيات لا تمت بصلة لطبيعة المجتمع الجزائري الذي يرفض تأليه أي شخصية حتى ولو كانت أقرب المقربين.
وأصدرت مديرية الحملة الانتخابية للمترشح الحر عبد المجيد تبون استياءها لما قام به الشاب، مؤكدة أن "مثل هذا السلوك لا يمكن أن يقبل به المترشح الحر عبد المجيد تبون الذي لطالما حاربه ورفضه حتى وإن كان صادرا من أنصاره ومحبيه"، داعية إلى "إلى انتهاج السلوك القويم إذ لا يكون الركوع أو السجود إلا لله عزّ وجلّ".
وسبق للرئيس تبون خلال أدائه اليمين الدستورية أن أمر بالامتناع النهائي عن استعمال مصطلح "الفخامة" والاستعمال المبالغ فيه للعبارات السياسية النمطية التي تمجّد الشخصيات وتقدسّهم عبر أي وسيلة إعلامية توحي بأن كل نشاط حكومي، مهما كان نوعه، هو بتوجيه من السيد رئيس الجمهورية .
غير أن هناك من لم يعر أي اهتمام لأوامر رئيس الجمهورية، حيث نتذكر رفع أحد الأحزاب السياسية لـ«تيفو" عملاق يحمل صورته في إحدى التجمّعات السياسية، معلنة فيه دعم الرئيس عبد المجيد تبون للترشح لعهدة رئاسية ثانية. وهو ما مقته الرئيس تبون نفسه.
كما سبق لرئاسة الجمهورية أن ندّدت قبل فترة بتكريم إحدى الجامعات، للرئيس عبد المجيد تبون عبر لوحة فنية تحمل صورته، واصفة ما جرى بالتصرف السيء الذي يستحضر حقبة مشينة من تاريخ البلاد.
ويحرص رئيس الجمهورية على التمايز عن مثل هذه المظاهر التي تعمّقت خلال فترة النظام البائد، والتي توحي بشكل لافت إلى عبادة الشخصية وتمجيد صورة الرئيس، مؤكدا على ضرورة محاربة الممارسات القديمة التي تعود إلى حقبة زمنية سابقة.
وتنبع قناعة رئيس الجمهورية من كون مهمة المسؤولين تكمن "في وجوب الاحترام الصارم للمواطنين والشعور العام في كل خطوة أو معاملة، كون رضا الشعب هو المقياس الأوحد لحسن الأداء لبناء جزائر مهابة وقوية".
ورغم رفض الرئيس تبون لمثل هذه الممارسات، إلا أن هناك من يفضل سياسة التملق وتضخيمها غير مدرك بأن الشيء إذا زاد عن حده انقلب إلى ضده، وهو ما نستشفه من تصريح المترشّح الحرّ خلال تنشيطه لتجمّعه الأول بولاية قسنطينة عندما قال، إنه "من يسعى من خلال مساندته له للحصول على المكاسب والمناصب، فليعتبر مساندته لنا صدقة جارية".
وبذلك يكون المترشّح الحرّ عبر المجيد تبون قد كمّم أفواه المتملقين الذين يفترض أن يعودوا أدراجهم بعد أن تبرأ منهم ، خاصة وأنه سبق أن أكد في تصريحاته في الكثير من المناسبات، بأن الشعب الجزائري يرفض الذل وكل من يتسيّد عليه وهي ميزة ورثها منذ الفترة الاستعمارية، عندما ضحى بالنفس والنفيس من أجل أن يعيش حرا وسيدا على نفسه.
الواقع أن مثل هذه السلوكات الدخيلة التي لم يعتد عليها الشعب الجزائري، تذكرنا ببروتوكولات نظام المخزن الذي يجبر مواطنيه على تقبيل يد الملك والركوع والانحناء له، كتجسيد للولاء والطاعة العمياء للحاكم، ما يعني تأليهه في مقابل إذلال شعبه.
من هذا المنطلق يمكن القول إن التزلّف الزائد، أو ما نسميه بالعامية "الشيتة"، لن يضر بالشخص المحبوب بقدر ما يضر من يحرص على ممارسة هذا السلوك، كونه يفضح صاحبه ويفقده مصداقيته.