"المساء" تنفرد بنشر مشروع القانون التمهيدي لقطاع الصحة

تحيين الخدمة المدنية وإلغاء النشاط التكميلي بالعيادات الخاصة

تحيين الخدمة المدنية وإلغاء النشاط التكميلي بالعيادات الخاصة
  • 1101
حسينة/ل حسينة/ل
أفرجت وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات عن نص المشروع التمهيدي لقانون الصحة، الذي سيُرفع قريبا إلى الأمانة العامة للحكومة قبل أن يُعرض أمام نواب البرلمان للمناقشة مع نهاية السنة الجارية. وحسب الوزارة فإن القانون الجديد للصحة الذي يأتي بعد 20 سنة من الانتظار، سيكون جاهزا في 2015 بعد عرضه على البرلمان لمناقشته وإثرائه والمصادقة عليه في دورته الحالية. وأثار النص آراء أولية متباينة؛ حيث اعتبره البعض جيدا؛ كونه تبنّى، بنسبة كبيرة، توصيات الجلسات الوطنية للقطاع المنعقدة شهر ماي الماضي، فيما يرى البعض الآخر أنه تجاهل مطالب أساسية لطالما نادت بها أسرة المنظومة الصحية.
وركز نص المشروع المتضمن 402 مادة، على جملة من الأسس والقواعد المرجعية التي يقوم عليها قطاع الصحة في الجزائر؛ حيث جاء في بابه الأول المخصص للمبادئ والأحكام الأساسية، أن عمل الدولة ينبغي أن يُترجم في جميع المستويات، الأهمية التي تكتسيها كحق أساسي، وأن تتم حماية الصحة والحفاظ عليها وترقيتها من خلال تطبيق سياسة للوقاية الصحية.
ونصت مسودة المشروع التمهيدي الذي لاتزال الوزارة الوصية تتلقّى بشأنه آراء واقتراحات الشركاء الاجتماعيين للقطاع إلى غاية نهاية شهر سبتمبر الجاري، قبل أن تعكف على إعادة صياغة نص المسودة الثانية، على ضوء الاقتراحات الجديدة لتحال على الأمانة العامة للحكومة في الأيام القليلة المقبلة، نصت على محور الخدمة المدنية والعلاج المجاني وكذا العمل التكميلي للأخصائيين، فضلا عن تأطير وتنظيم نشاط القطاع الخاص. ففيما يخص الخدمة المدنية تم بمقتضى المسودة الاستغناء عن هذا الإجراء، كما هو عليه حاليا، ولكن مع إدخال ميكانزمات جديدة لتمكين المناطق المعزولة من الاستفادة من خدمات الأطباء الأخصائيين، الذين يبقون مطالَبين بالعمل لمدة ثلاث سنوات في بداية التوظيف في المناطق التي هي في حاجة إلى خدماتهم.
أما القطاع الخاص فسيكون مستقبلا، حسب المسودة، وفي حالة المصادقة على مضمونها الحالي، مجبَرا على إيجاد حلول لتوظيف دائم ومستمر لكافة المستخدمين الذين يحتاجهم؛ ما يعني منع لجوء الأخصائي والطبيب الممارس في المستشفيات العمومية، إلى العمل في العيادات الخاصة والتخلص من مخلفات الظاهرة، التي انعكست لسنوات سلبا على الخدمة الصحية والتكفل بالمريض في مؤسسات القطاع العمومي؛ بسبب تحويل المرضى والأدوية وحتى الأجهزة من قطاع الدولة إلى القطاع الخاص بطرق غير قانونية.       
كما نص المشروع على التكفل بالإطار الفني الذي يسمح بمواكبة التحولات العلمية في مجال أخلاقيات الصحة المرتبطة بنقل وزرع الأعضاء، وتلك المتعلقة بالتجارب السريرية، وبصفة عامة كل البحوث العلمية التي تمس بشخص الإنسان.
ويرى الشركاء الاجتماعيون أن نص المشروع ورغم اعترافهم بأن المسودة تضمنت توصيات هامة خرجت بها الجلسات الوطنية، أغفل العديد من النقاط، وتجاهل بعض المطالب التي تضمنتها التوصيات رغم حصول إجماع عليها، كإلغاء الخدمة المدنية بصفة نهائية وبدون أي شرط، وكذا إلغاء العمل التكميلي الذي رأوا أنه لايزال معتمَدا في المسودة ولكن ضمنيا عكس ما أكدته وزارة الصحة بأنه تم الاستغناء عنه في نص المسودة الحالية، بالإضافة إلى عدم تناول المشروع مسألة نشاط الطب البديل وغيرها من النقائص المسجلة حسب هؤلاء في النص الذي عُرض عليهم للإثراء والمناقشة إلى غاية نهاية الشهر الجاري، وهي المهلة التي اعتبرها البعض غير كافية، وطالبوا بتمديد المدة إلى غاية نهاية شهر أكتوبر المقبل. 
عصرنة ميكانيزمات العلاج المجاني
وأعاب هؤلاء على وزير القطاع عدم إدراج مطلب أغلبية أطراف الأسرة الصحية، المتمثل في إلغاء الخدمة المدنية والنشاط التكميلي بصفة نهائية، بدل تقنينه، مثلما نص عليه المشروع التمهيدي الجديد، مؤكدين أنه من خلال القراءة الأولية للنص، يتضح بأن نفس الاختلالات التي كانت وراء تقهقر المنظومة الصحية وتراجع نوعية العلاج، لازالت موجودة في المشروع رغم أن الوزير وعد بإدراج جميع المقترحات التي من شأنها معالجة هذه النقائص لبلوغ استقرار لم يعرفه القطاع منذ سنوات.
وانتقدت نقابات القطاع ما اعتبرته عدم إشراكها في صياغة المسودة الأولى للمشروع، وتجاهل المطالب المرفوعة، وعلى الخصوص مطلب الخدمة المدنية، الذي قالت إنه سيحرر الأطباء الأخصائيين، وأشارت إلى أن المشروع الجديد يتضمن إجراءات أكثر إجحافا في حق الأخصائيين؛ من خلال اشتراط عملهم لمدة ثلاث سنوات وتعميمها على جميع مناطق الوطن. كما انتقدت ذات النقابات ما جاء في النص بخصوص لا مركزية التوظيف وتسيير المناصب المالية.
من جهتها، أكدت وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات، على لسان مستشارها الإعلامي السيد سليم بلقسام، أن النص المطروح للنقاش أمام شركاء القطاع، ما هو إلا مشروع، وسيتم إثراؤه على ضوء الاقتراحات التي ستتلقاها قبل رفعه إلى الحكومة، موضحا أن مشروع القانون الذي سيعزَّز به القطاع، يهدف إلى تمكين المنظومة الصحية من الدخول في العصرنة، ومواكبة التغيرات الاجتماعية والاقتصادية التي عرفتها البلاد، والتكفل بعدد من الانشغالات المرتبطة بكل من تحيين الخريطة الصحية، وإعادة النظر في هيكلة المنظومة الوطنية للصحة، وتحيين وعصرنة ميكانيزمات تطبيق مبدأ مجانية العلاج، وضبط هذا الإجراء بدقة، والتكفل بالإطار القانوني الذي يسمح بمواكبة التحولات العلمية، لا سيما في مجال أخلاقيات الصحة المرتبطة بزرع ونقل الأعضاء، وتلك المتعلقة بالتجارب السريرية، وبصفة عامة كل البحوث العلمية التي تخص شخص الإنسان.