الرئيس السابق لخلية المساعدة لميثاق السّلم والمصالحة مروان عزي لـ” المساء”:
تزايد حالات ”التوبة” يوحي بعدم تورط المعنيين في الجرائم الكبرى
- 1129
اعتبر الرئيس السابق لخلية المساعدة القضائية لتطبيق ميثاق السّلم والمصالحة الوطنية، مروان عزي، في حوار مع «المساء» تنامي عدد الإرهابيين التائبين في الفترة الأخيرة سواء في الصحراء أو بالنسبة لعائلاتهم بشمال الوطن، يوحي بأن هؤلاء هم من الفئة التي لم تتورط في الأعمال الإجرامية المستثناة من تدابير السّلم والمصالحة الوطنية وهي المجازر والتفجيرات والاغتصاب، موضحا بأن الإدماج الاجتماعي لهؤلاء «يمر أولا عبر عملية تبييض وثيقة السوابق العدلية التي تستغرق عادة 10 سنوات، لأنهم مدانون بجناية وليس جنحة وذلك بعد النّظر في الأحكام القضائية الغيابية التي صدرت في حقهم.
المساء / ما تعليقكم من الناحية القانونية حول كثرة عمليات الاستسلام أو»التوبة» التي تقوم بها العناصر الإرهابية سواء بصفة متفرقة أو كمجموعات بالصحراء الجزائرية، وكذا بعض عائلات الإرهابيين التي سلّمت نفسها للسلطات في المناطق الشمالية للوطن؟
مروان عزي/ أولا هذا مؤشر ودليل على نجاعة تدابير ميثاق السّلم والمصالحة الوطنية، وتأكيد متجدد على أن الحلول التي جاء بها لا تزال تقدم الكثير للمغرر بهم ممن التحقوا بالجماعات الإرهابية.
إضافة إلى هذا، يوحي الإقبال على «التوبة» الذي يسجل اليوم باستمرار من الناحية الأمنية، بأن العناصر التي سلّمت أنفسها لم تتورط في الجرائم الكبرى المستثناة من الاستفادة من تدابير ميثاق السّلم والمصالحة الوطنية.
وحتى وإن كان العائدون اليوم من الصحراء يشكلون الأغلبية في تعداد التائبين، غير أن هناك من نزلوا من الجبال بالمناطق الشمالية وأغلبيتهم عائلات أي نساء وأطفال تشكلت لديهم قناعة بأن العمل الإرهابي لم يعد يجدي نفعا، والبقاء في الجبال لن يزيد سوى في تدهور الحالة الاجتماعية لديهم. ونجد ضمن هذه الفئة من التحقوا بالنشاط الإرهابي خلال سنوات التسعينيات وأغلبهم عائلات بأسرها.
❊ س / بحكم مرافقتكم القضائية للتائبين ما هي الإجراءات التي تسبق في العادة عملية الإدماج الاجتماعي لهؤلاء؟
❊❊ بعد تسليم ملفات هؤلاء التائبين إلى السلطات العسكرية، هناك إجراءات قانونية تسبق أية عملية إدماج اجتماعي تشمل الفحص الخاص بوضعيتهم ونشاطهم ضمن المجموعات الإرهابية، للتأكد بأنهم غير مستثنين من تدابير السّلم والمصالحة الوطنية، ويتعلق الأمر بثلاث فئات هم من شاركوا في المجازر الإرهابية ومن قاموا بالاغتصاب، وأخيرا من تورطوا في عملية التفجيرات الإرهابية.
بعد هذه المرحلة يأتي النّظر فيما إذ كان قد صدرت بحق المعنيين أحكام قضائية غيابية، وهنا يتم تقديمهم للجهات القضائية لتسوية الأحكام الغيابية التي تكون قد صدرت في حقهم حالة بحالة حسب ما ينص عليه قانون العقوبات.
❊ س/ كم تستغرق فترة رد الاعتبار للتائبين؟
❊❊ تبييض وثيقة السوابق العدلية للتائبين ورد الاعتبار لهم يخضع لقانون العقوبات وهو يختلف من جريمة إلى أخرى، الآن الإرهاب وكل ما تعلق به هو مصنّف في خانة الجنايات، ولا يمكن التعامل معه ببساطة وسهولة. وعلى العموم تصل الفترة الخاصة برد الاعتبار وتبييض صحيفة السوابق العدلية إلى 10 سنوات فما أكثر. فالانتماء إلى جماعة إرهابية قصد بث الرعب والتخريب ليس مثل جريمة تمويل الإرهاب أو الإسناد والدعم أو الإشادة به عبر مواقع الأنترنت وفي الفضاءات العامة، وعلى أساس هذه الخصوصيات تحدد الجناية و معها فترة رد الاعتبار.
❊ س / ما هو العدد الإجمالي للذين استفادوا من تدابير السّلم والمصالحة الوطنية؟
❊❊ منذ بداية تطبيق الميثاق السّلم والمصالحة الوطنية، وقبله قانون الوئام المدني الصادر سنة 1999، إلى غاية الشروع في تطبيق ميثاق السّلم الذي صدر سنة 2006، سجلت شخصيا بصفتي رئيسا للجنة 15 ألف حالة استفادت من تدابير ميثاق السّلم والمصالحة الوطنية حتى نهاية سنة 2015، وكانت الحالات التي تعاملنا معها قد سجلت توبتها في سنوات كان فيها الإرهاب يضرب بقوة، وقد تراجع العدد تدريجيا مع تراجع حدّة هذه الآفة عبر ربوع الوطن .
❊ س / ما هي الوظائف التي يتوجه إليها التائبون بصفة عامة في إطار الاندماج الاجتماعي؟
❊❊ هناك وظائف محظور على التائبين الانخراط فيها وهي التربية الوطنية، الإمامة والوظائف العمومية بالإدارات وبعض المصالح. والقليل منهم وبعد تبييض صحيفة سوابقهم العدلية يلتحقون بشركات ومؤسسات اقتصادية، لكن الأغلبية الساحقة يزاولون النشاط التجاري ويفتحون مشاريعهم في إطار البرامج الموجهة للشباب المقاول٠
❊ س / خلال عملكم باللجنة ما هي أكثر الحالات التي أثّرت فيكم؟
❊❊ الحالات التي تعاملت معها بكثرة خلال فترة رئاستي لخلية المساعدة القضائية لتطبيق ميثاق السّلم والمصالحة الوطنية، تخص ضحايا مجازر ولا سيما منهم ضحايا مجازر الرمكة وحد الشكالة بولاية غليزان، ولكن ما استنتجته خلال مرافقتي للضحايا بصفة عامة هو أن الأعمال الإرهابية لم تكن تتم في إطار «تصفية حسابات» وإنما كانت في مجملها من ضحايا المأساة الوطنية.
❊حوار : شريفة عابد