في ظل التوجه نحو رفع الحجر الصحي
تعزيز سياسة التضامن لمساعدة المتضررين
- 782
رسم اجتماع مجلس الوزراء الذي ترأسه، أول أمس، رئيس الجمهورية عبر تقنية التواصل المرئي عن بعد، ملامح مرحلة ما بعد الحجر الصحي الذي عاشته البلاد لأكثر من شهرين بسبب تداعيات الجائحة العالمية التي لم تسلم منها أي دولة في العالم، حيث حظي الشق الاجتماعي باهتمام كبير خلال اللقاء في ظل توجه الجزائر نحو رفع الحجر الصحي، على غرار أغلبية دول العالم التي أقرت الإجراء منذ أسابيع بصفة تدريجية بعد تسجيل تحسن في مواجهة "كوفيد 19 "موازاة مع فرض الإجراءات الاحترازية للوقاية من الوباء.
وبرز الاهتمام خلال اجتماع مجلس الوزراء بالفئة المتضررة من تداعيات الوباء، لاسيما صغار التجار والحرفيين، حيث أمر رئيس الجمهورية وزيري الصناعة والمناجم والتجارة بالتنسيق مع الغرفة الجزائرية للتجارة والصناعة والغرف الجهوية بإعداد دراسة مستعجلة لدراسة وضعيتهم واقتراح كيفية مساعدتهم بما في ذلك إعفائهم جزئيا من الضرائب، فضلا عن تمديد صرف منحة 10 آلأف دج لصالح المتضررين الذين تم إحصاؤهم إلى حين انتهاء الحجر المنزلي، كما أعطى تعليمات بالإبقاء على القائمة مفتوحة حتى يتمكن الذين تخلفوا من تسجيل أسمائهم بالقيام بذلك.
موازاة مع ذلك، منح القاضي الأول في البلاد الضوء الأخضر لبحث، بالتنسيق مع الشركاء الاجتماعيين، عن أفضل صيغة لرفع الحجر تدريجيا عن بعض المهن والنشاطات التجارية ذات المخاطر القليلة على انتشار الوباء وكذلك تلك النشاطات التي تؤثر مباشرة على حياة المواطن بعد طول توقفها.
وكانت الدولة قد حرصت على طمأنة هذه الشريحة بالوقوف إلى جانبها في مثل هذه الظروف الصعبة، من خلال استفادة المحتاجين الحقيقيين من الدعم عبر عملية إحصاء محددة، في سياق تكريس مبدا الإنصاف وسياسة التضامن التي دأبت الحكومة على الالتزام بها في الظروف الاستثنائية، كما يعكس إبقائها على القائمة مفتوحة حرصها على منح الفرص لكافة المواطنين المحتاجين للاستفادة من هذا الدعم دون إقصاء.
في هذا الصدد، أمر الرئيس تبون كذلك بإعداد قائمة بأسماء الجمعيات المدنية المؤهلة لهذه الصفة على أساس ما قدمته من خدمات للمجتمع عبر التراب الوطني، لاسيما تلك التي ظهرت خلال أزمة كوفيد 19 ولعبت دورا كبيرا في جمع التبرعات وتوزيعها على المتضررين وتعزيز التضامن والتراحم بين أبناء الشعب ومساعدة الدولة على التصدي لجائحة كورونا.
وبرز التركيز أيضا خلال الاجتماع على البعث التدريجي للنشاطات الحيوية، كأولوية لتدارك التأخر الذي أفرزته تداعيات كورونا في عدة مجالات، على غرار قطاع البناء والأشغال العمومية، في سياق استكمال مشاريع السكن بمختلف الصيغ ومن ثم تدارك أجال التأخر في الإنجاز، لاسيما بعد أن تقرر فتح موقع وكالة عدل خلال الشهر الجاري لتمكين دافعي الشطر الأول لاختيار مواقع سكناتهم، فضلا عن حصول عدد من المكتتبين على شهادات التخصيص. وكان الرئيس تبون قد قطع عهدا خلال أدائه اليمين الدستورية بتسوية ملف السكن نهائيا باعتباره حقا لكل مواطن، داعيا إلى التزام شركات البناء بآجال الإنجاز.
كما أسدى رئيس الجمهورية تعليمات للحكومة من أجل دفع عجلة قطاعات الصناعة والتجارة والفلاحة لاسيما في ظل جائحة كورونا، مشددا على ضرورة تطوير القطاع الصناعي من أجل التخلص نهائيا من الممارسات غير الأخلاقية المعروفة، في سياق تبني توجه يكرس الإقلاع الاقتصادي الحقيقي ويخفض فاتورة الواردات ويلبي احتياجات السوق.
وعليه، تم التركيز على إعداد مشروع قانون إطار للتوجيه الصناعي، علاوة على إحصاء الثروات المنجمية الوطنية بالتعاون مع الكفاءات الوطنية والأجنبية والإسراع في تطهير العقار الصناعي، بإنشاء الوكالات الملائمة لتسيير العقار في قطاعات الصناعة والفلاحة والعمران، موازاة مع الاهتمام أكثر بمناطق النشاطات البلدية لتشجيع خلق مناصب الشغل.
وبلاشك فإن هذه التعليمات جاءت على ضوء التحسن التدريجي المسجل في الحد من انتشار جائحة كورونا، مثلما أوضحه العرض المقدم من قبل وزير الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات والذي اكد على استقرار الوضعية الصحية في البلاد، مما سمح باستئناف النشاطات الصحية في المستشفيات بما فيها العمليات الجراحية غير المستعجلة. وظهور مؤشرات إيجابية بفضل تفعيل وتدعيم سلسلة التدابير الصحية، من بينها بروتوكول العلاج المعتمد منذ 23 مارس الماضي الذي أثبت فعاليته، إذ تماثل للشفاء 98,2 % من المصابين، من أصل أكثر من 16 ألف حالة معروضة للعلاج.
ووفق المعطيات الصحية، فقد سجلت زيادة في عدد مخابر التشخيص الفيرولوجي من 1 إلى 26 مختبرا معتمدا، فضلا عن توفر كواشف التشخيص بالكميات الكافية وتكثيف التحقيقات الوبائية الموجهة، مما ساهم في الكشف عن مزيد من الإصابات في الشهر الأخير، وفي هذا الصدد أكد الوزير أن المخزون الحالي لوسائل الحماية والوقاية والعلاج كاف، منوها في هذا الاطار بمساهمة الجيش الوطني الشعبي في مكافحة الجائحة من خلال تسخير كل وسائله لتلبية احتياجات قطاع الصحة عند الضرورة.
ورغم هذه النتائج الإيجابية إلا أن رئيس الجمهورية شدد على ضرورة احترام الإجراءات الوقائية لمنع انتقال العدوى، لا سيما باستعمال الكمامات الواقية واحترام مسافة التباعد الجسدي، حاثا ولاة الولايات التي رفع فيها الحجر كاملا، على متابعة الوضع عن كثب والسهر على احترام الإجراءات الوقائية كمنع التجمعات والحفلات والأعراس، في حين أشاد في هذا السياق بـ"تضحيات مستخدمي قطاع الصحة بكل أسلاكه.