الدكتورة جميلة ندير مديرة فرعية بوزارة الصحة لـ"المساء":

تقييم مرتقب للمخطط الوطني لمكافحة الأمراض غير السارية

تقييم مرتقب للمخطط الوطني لمكافحة الأمراض غير السارية
  • القراءات: 749
حاورتها: حنان سالمي حاورتها: حنان سالمي

كشفت الدكتورة جميلة ندير، مديرة فرعية بوزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات مكلفة بالأمراض غير السارية، في حوار مع "المساء" عن تقييم مرتقب للمخطط الوطني لمكافحة الأمراض غير السارية، وذلك خلال الجلسات الوطنية للصحة المقرر تنظيمها نهاية الشهر الجاري، والتي ينتظر أن يطرح خلالها للنقاش كل النقائص المحتملة لهذا المخطط الذي انطلق في 2015، وتسببت جائحة كورونا في تعطيل تقييمه.

س / في مداخلة لكم خلال يوم دراسي حول السرطان بالمعهد الوطني للشبه الطبي ببومرداس، تحدثتم عن أهمية الهياكل الصحية الجوارية في التأسيس لثقافة الوقاية من الأمراض المزمنة، هل لكم أن تشرحون لنا هذه المقاربة؟

ج / نعم بالفعل، مؤسسات الصحة الجوارية مثلما يدل اسمها، هي هياكل قاعدية في النظام الصحي لها دور أساسي في الوقاية من كل الأمراض لاسيما الأمراض المزمنة، حيث أن العلاقة التي تربط المريض والطبيب المعالج بهذه الهياكل تكون قائمة على التواصل بالدرجة الأولى وعلى الثقة ما بين الطرفين.. لذلك فإن الطبيب يمكنه توجيه المرضى نحو التشخيص المبكر من الأمراض المزمنة مثل السكري، ارتفاع الضغط الشرياني وكذا بعض الأمراض المستعصية كالسرطان ومنه سرطان الثدي. إلى جانب الوقاية من السمنة والبدانة وكل ذلك يدخل في الوقاية التي هي الأساس. ولتبسيط الأمر نقول إنه أثناء استشارة طبية تخص التهاب اللوزتين مثلا، يمكن للطبيب المعالج توعية المريض بأهمية الفحص المبكر ضد سرطان الثدي أو توعية مريض أخر بالتشخيص السكري بعد ملاحظة وزنه الزائد وهكذا..

س / تطرحون هنا أهمية التأسيس لطبيب العائلة.. أليس كذلك؟

ج / نعم بالفعل، العلاقة بين طبيب العائلة والمرضى كثيرا ما تكون قائمة على عاملي التواصل والثقة القائمة، خاصة إذا كان الطبيب يعرف ما يسمى بالتاريخ المرضي للعائلة، وبالتالي يمكن له أن يلعب دورا كبيرا في تفادي الإصابة ببعض الأمراض المزمنة والمستعصية.. ونحن نتحدث هنا بالأساس على دور الطبيب بمؤسسات  الصحة الجوارية، حيث تعتبره المنظمة العالمية للصحة أساس العملية العلاجية. بمعنى خارج الإصابة بالأمراض المزمنة، فإن الطبيب بالهياكل الصحية القاعدية أو وحدات الطب الجواري هو الأساس. حيث يمكن مثلا، لطبيب عام معاينة مريض بالسكري ويقدم له نصائح ليتفادى تعقيدات الإصابة.

س / ما المطلوب هنا تحديدا من المواطن ومن الطبيب المعالج بالوحدات القاعدية؟

ج /  على الطبيب المعالج أن يغير نظرته للصحة وللتعامل مع المواطن في الإقليم الذي يعمل فيه، فلابد أن يتحلى برد فعل تلقائي، بالبحث عن العوامل التي قد تؤدي بالمريض للإصابة بأي مرض مزمن وتوجيهه نحو التشخيص المبكر، لبعض الأمراض كالسكري أو سرطان الثدي، أو حتى تقديم نصائح حول أهمية تبني نمط معيشي صحيح، قائم على الحركة والنظام الغذائي الصحيح. ونشير هنا إلى مخطط العمل متعدد القطاعات لمكافحة الأمراض غير السارية أطلقته وزارة الصحة في 2015، والذي يهدف إلى تغيير النمط المعيشي للمواطن، ونعتقد أن من أهم عوامل نجاحه هو الطبيب المعالج في الهياكل الصحية القاعدية، حيث يقوم بتوعية كل مريض يتردد عليه بأهمية النمط المعيشي الصحيح حفاظا على صحته.

س / على ماذا يقوم هذا المخطط وما هي أهدافه؟

ج / المخطط الوطني لمكافحة الأمراض غير السارية انطلق في 2015، ويقوم على عدة محاور مثل الثقافة الاستهلاكية الواعية حتى نحمي الصحة العمومية، وهناك محور يخص التربية العلاجية أو التثقيف الصحي بمشاركة المريض نفسه في الوحدات القاعدية. ويمكن أن نشير هنا إلى تجربة بعض البلدان التي أصبحت تفرض ضريبة غذائية عالية على الأطعمة المملحة والذهنية وعلى السكريات كذلك، والهدف من مضاعفة الثمن هو إنقاص الاستهلاك وبالتالي التقليل من عوامل الإصابة ببعض الأمراض المزمنة، مثل السمنة والسكري وارتفاع الضغط وغيرها. وهناك أيضا محور يهتم بدراسة التنظيم التقني لبعض البنود الخاصة في صناعة بعض المنتجات، بما يساهم في الحفاظ على الصحة العمومية، حيث أن بعض المنتجات لا تصنع وفق المعايير المعمول بها.. مثلا إنقاص مادتي السكر والملح والذهنيات في سلسلة التصنيع. وبالمناسبة أدعو المواطن إلى تبنّي نمط غذائي يقوم على إنقاص هذه المواد في تغذيته، فالمفارقة أن بعض هذه المنتجات تشترى في السوق بأثمان في المتناول ولكنها بالمقابل تسبب أمراضا مزمنة تكون عواقبها وخيمة.

س / بعض الدراسات تشير إلى أن معدل الاستشارة الطبية لا يتجاوز بضع دقائق فقط، ألا يؤثر ذلك على أهداف المخططات الصحية المعتمدة؟

ج / بالنظر إلى الهدف الأسمى في تغيير النمط المعيشي والحفاظ على الصحة العمومية، كل هذه الأمور لابد أن تتغير ومنها الوقت المخصص للاستشارة الطبية والعلاقة بين الطبيب ومريض وكيف لها أن تكون، وغيرها من العوامل التي سيتم مناقشتها ضمن تقييم المخطط المذكور في الجلسات الوطنية للصحة المزمع تنظيمها نهاية الشهر الجاري، وسيكون فيه نقاش بين عمال الصحة حول مختلف تلك النقاط وغيرها. وجدير بالإشارة في هذا الصدد إلى أن المخطط كان يفترض أن يتم تقييمه من قبل ولكن تفشي جائحة كورونا تسبب في تأجيله.