الأستاذ غراند ميزون يأسف لتماطلها في إعادة الأرشيف للجزائر

تنديد برفض فرنسا الاعتراف بجرائمها الاستعمارية

تنديد برفض فرنسا الاعتراف بجرائمها الاستعمارية
الأستاذ غراند ميزون
  • 872

تأسف المختص في الشؤون السياسية والأستاذ الجامعي الفرنسي أوليفيي لوكور غراند ميزون أمس، الثلاثاء "لكثرة الوعود وقلة القرارات الملموسة" التي تتخذها فرنسا ردا على الطلبات الملحة للجزائر بخصوص استرجاع الأرشيف الخاص بالحقبة الاستعمارية، منددا برفض فرنسا الاعتراف بجرائمها الاستعمارية.

وفي حديث خص به جريدة الوطن الناطقة باللغة الفرنسية، أكد السيد غراند ميزون، وهو أحد المختصين المعروفين في القضايا المرتبطة بتاريخ الاستعمار الفرنسي في الجزائر يقول "هناك العديد من الوعود وبعض القرارات التمويهية اتخذها محترفون في الاتصال لكن في الواقع هناك القليل من القرارات الملموسة وهذا ما يلاحظه جميع الذين يأملون فعلا في الاطلاع على هذا الأرشيف بكل حرية".

وللتأكيد على تصريحاته، تطرق هذا المختص على وجه الخصوص إلى الأرشيف المتعلق بمجازر 8 ماي 1945 و17 أكتوبر 1961، مشيرا إلى أن "جزءا كبيرا منه يبقى مغلوقا وهذا في الوقت الذي يبقى فيه الولوج إلى الأرشيف الأكثر حساسية يخضع إلى مبدأ الاستثناءات وبالتالي إلى تحكيم بعض الهيئات على غرار الجيش والشرطة الحريصين على صورتهما والدفاع عن الدولة على حساب الحقيقية  التاريخية".

وأضاف مستخلصا بأن الأمر يتعلق بتغييرات تزيينية فقط وليست في مستوى ما يتم التطلع إليه كون نظام الاستثناءات يعد مخالفة جلية للحريات الأكاديمية وحرية البحث".

وعن سؤال حول إمكانية إلتحاق فرنسا بالمجموعة المصغرة للبلدان التي قدمت اعتذاراتها نظير الجرائم الاستعمارية المرتكبة بإفريقيا، تأسف السيد لوكور غراند ميزون بخصوص "الاحتقار المدهش والمخزي" للرؤساء والحكومات الفرنسية المتتالية تجاه من "استغلتهم واضطهدتهم فرنسا الاستعمارية بدون حياء وتجاه خلفهم الفرنسيين أو الأجانب".

كما أوضح يقول إن هؤلاء، إلى جانب جامعيين ومناضلين وجمعيات وبعض المنظمات السياسية "لم يتوقفوا عن المطالبة بالاعتراف بجرائم الدولة المرتكبة على الأراضي المستعمرة وخارجها"، مذكرا من جديد بمجازر 17 أكتوبر 1961.

في هذا الصدد، تطرق المتدخل إلى أمثلة لدول اعترفت بجرائمها الاستعمارية منها تصريح ملك بلجيكا بخصوص الكونغو (جمهورية الكونغو الديمقراطية) واصفا ذلك بالخطوة الهامة بعد عشريات من الصمت والإنكار" واعتراف ألمانيا بإبادة ناما وهيريرو (ناميبيا) وبريطانيا تجاه "الكينيين الذين تعرضوا للتعذيب وسوء المعاملة".

كما تطرق إلى حالات نيوزلندا وكندا وأستراليا والولايات المتحدة "التي اعترفت جميعها بمعاملاتها السيئة للسكان الأصليين على أراضيهم"، مضيفا أن "هذا الاعتراف الرسمي كان مرفوقا في العديد من الحالات بتعويضات مالية منحت للضحايا أو لخلفهم".

وأضاف ذات الأكاديمي لشرح رفض فرنسا إتباع هذه الأمثلة فإن الأمر يتعلق بغياب العزيمة لدى الدولة الفرنسية ولدى جميع الأحزاب الحكومية، سواء من اليمين أو اليسار.

والدليل، هو أنه لم يكن هناك تقدم كبير تحت رئاسة فرانسوا هولاند، على الرغم من بعض التصريحات السابقة، وذلك الخاص بتصريح إيمانويل ماكرون، الذي يثابر في طريقة التهرب".

وهو الموقف الذي ينسبه أيضًا إلى "التصريحات الفاضحة لبعض قادة اليمين واليمين المتطرف، أو لشخصيات إعلامية، مثل فنكيلكروت، وزمور وغيرهم من المؤرخين الكاذبين والأيديولوجيين الحقيقيين، الذين يعتقدون جميعًا أن للاستعمار آثارًا إيجابية وأن حافزها كان الإرادة في تمكين الشعوب المحتلة من الحضارة!".

وأضاف المختص السياسي "إنه لأمر مدهش للغاية أن نشهد إعادة تأهيل لمثل هذا الخطاب، الذي يميز الأساطير الوطنية - الجمهورية، للجمهورية الثالثة، والتي تميل إلى جعل الناس يعتقدون أن فرنسا بلد لا مثيل له وستظل دائمًا وفية لمثلُ الحرية والمساواة والأخوة.

كما أشار إلى أن الأمر يتعلق بإيديولوجية قديمة تعد عودتها، إشارة إلى انحلال سياسي يقترن بالاحتقار، الذي يزداد أهمية، لورثة الهجرة الاستعمارية وما بعد الاستعمار التي تشكل تهديدا وجوديا لفرنسا، كما تمثل دليلا على "عملية استبدال كبير".