بعثة الأفامي تشدد على تحسين مناخ الاستثمار والتحكم في النفقات العمومية

توقع نسبة نمو بـ4 بالمائة في 2014

توقع نسبة نمو بـ4 بالمائة في 2014
  • 739
حنان حيمر حنان حيمر
أكد رئيس بعثة صندوق النقد الدولي الى الجزائر، السيد زين زيدان، تحسن النشاط الاقتصادي في 2014، متوقعا نموا إجماليا للناتج الداخلي المحلي الحقيقي بـ4 بالمائة مقابل 2.8 بالمائة في 2013. وقال إن إنتاج المحروقات سيسجل هذه السنة ولأول مرة منذ 8 سنوات ارتفاعا طفيفا، فيما يظل الاقتصاد خارج المحروقات داعما للنمو خاصة في قطاعي البناء والخدمات، في وقت سجل فيه التضخم "تباطؤا حادا" بانخفاضه إلى أقل من 2 بالمائة.
تلك هي أهم المؤشرات التي ميزت الاقتصاد الكلي للجزائر الذي وصف بـ«المستقر"، حسب بعثة الافامي التي استكملت مثلما جرت عليه العادة مهمتها السنوية في الجزائر، والتي امتدت من 17 سبتمبر الى الفاتح أكتوبر. خلالها التقى فريق خبراء الصندوق بوزراء ومسؤولين في الحكومة وبنك الجزائر وممثلي القطاعات الاقتصادية والمالية والمجتمع المدني.
وفي ندوة صحفية عقدها أمس، بالجزائر العاصمة، لم يتردد ممثل صندوق النقد الدولي في القول بأن "الجزائر توجد حاليا في وضع تحسد عليه من حيث تراكم احتياطات صرف ضخمة"، كما تحدث عن "قطاع مالي يتسم بالصحة رغم افتقاره للتطور".
بالمقابل أبدى رئيس البعثة قلقه من تسجيل الجزائر ولأول مرة منذ 15 سنة عجزا في الحساب الجاري، بفعل تراجع صادرات المحروقات وانخفاض أسعارها وكثافة الاستهلاك المحلي، وكذا تواصل ارتفاع الواردات وارتفاع النفقات العمومية لاسيما الموجهة للاستثمار.
وضع لو استمر بهذه الوتيرة، فإن الجزائر ستسجل مؤشرات اقتصادية سلبية من الآن إلى 20 أو 30 سنة، لذا شدد على ضرورة تمتين الاستقرار الكلي الذي تشهده الجزائر حاليا باتخاذ جملة من الإجراءات التي أوصى بها فريق الافامي، وذلك باستغلال الوضع الاقتصادي المريح الناتج عن توفر احتياطات صرف هامة.
ومن أهم توصيات البعثة مراقبة نسبة التضخم عن كثب نظرا لاحتمال ظهور ضغوط تضخمية جديدة، لاسيما مع تواصل الارتفاع في النفقات العمومية. هذه الأخيرة يجب "التحكم فيها" والعمل على "تسقيف" العجز الميزاني في قانون المالية من أجل وضع حد له وتسييره بطرق أكثر فعالية مع الاشارة إلى أن العجز توسع إلى أكثر من 6 بالمائة.
في هذا السياق دعا صندوق النقد الدولي الجزائر إلى احتواء الانفاق لاسيما المتعلق بالأجور. وقال السيد زيدان، ردا على سؤال حول إلغاء المادة 87 مكرر من قانون العمل، إن كتلة الأجور الحالية لاسيما في الوظيف العمومي ضخمة جدا، مشيرا إلى ضرورة إحداث توازن بين مستوى الأجور ومستوى الإنتاجية من أجل جعل الجزائر بلدا تنافسيا من حيث جلب الاستثمارات.
كما تحدث السيد زيدان، عن أهمية تسريع وتيرة النمو الاقتصادي لخلق الشغل وذلك عبر إجراء إصلاحات لتحسين فرص الحصول على التمويل لاسيما بالنسبة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة والأسر. في السياق رحبت البعثة بما اتخذته السلطات العمومية من خطوات للبدء في تنفيذ التوصيات الصادرة عن بعثة "برنامج تقييم القطاع المالي" لعام 2013.
وشدد رئيس البعثة على مسألة تحسين مناخ الأعمال التي أفرد لها جزء هاما من الندوة الصحفية، إذ اعتبر أنه من المهم جدا توفير الظروف المناسبة للاستثمار سواء للجزائريين أو الأجانب، وذلك بتبسيط الإجراءات الإدارية بعيدا عن طريقة "الاستثناءات".
وردا على أسئلة الصحفيين، اعتبر أنه من الضروري إحداث قطاع خاص أكثر ديناميكية بعيدا عن سياسة "توزيع الريع"، إذ قال في هذا الشأن " هناك إجراءات دعم كثيرة للقطاع الخاص لكنها تشبه إلى حد بعيد توزيع الريع بدل مساعدته على أن يكون تنافسيا، لذا نطالب بنظام مبسط يطبق على الجميع".
نظام يقوم على "شبابيك موحدة حقيقية تعمل بصفة فعالة، تعطي أجوبة للمستثمرين، غير مركزية بل منتشرة في كافة الولايات والبلديات"، وعلى "نظام جبائي مبسط يطبق على الجميع بدل اللجوء إلى الجباية الاستثنائية". كما دعا إلى إصلاح الضريبة على النشاط المهني وتعويضها بضرائب أخرى.
أما بالنسبة للاستثمارات الأجنبية المباشرة، فقد طالب رئيس البعثة وبكل صراحة بالغاء قاعدة 51 / 49، مشيرا في رده على سؤال حول قانون الاستثمار الجديد -والذي قال إنه لم يطلع عليه- إلى أنه في حال عدم إلغائها فإنه من الضروري تحويل هذه القاعدة من الإطار التشريعي إلى الإطار التنظيمي بإدراجها في القانون الجديد وذلك لإضفاء مرونة عليها، مطالبا بتطبيقها فقط على القطاعات الاستراتيجية، حيث قال "نتفهم أن تطبق القاعدة على قطاع المحروقات أو في ميدان الاعلام، لكن لماذا تطبق في مجالات مثل الصناعة أو الفلاحة؟".
في نفس الإطار وإجابة على سؤال حول نتائج المناقصة الأخيرة للاستكشاف في مجال المحروقات والتي كانت متواضعة، أكد المتحدث على ضرورة تحسين مناخ الاستثمار في مجال المحروقات، مشيرا إلى أنه على السلطات عدم التأثر بهذه النتيجة، والإعلان بسرعة عن مناقصات أخرى مع تحسين ظروف العمل للمستثمرين الموجودين وكذا الاستمرار في المجهودات المبذولة في المجال الأمني.
وبخصوص سوق الشغل، سجل استقرارا في نسبة البطالة وأوصى بوضع سياسات نشطة وأكثر نجاعة لخلق العمل لاسيما لدى الشباب والنساء، وكذا بتقييم أجهزة التشغيل الموجودة لتحسين أدائها، كما تحدث عن ضرورة إصلاح التأمين على البطالة من أجل جعله "جهازا حقيقيا وليس إضافيا".
وبخصوص قانون العمل قال إنه "متصلب"، وقال إنه في ظله "من الصعب التوظيف والإقالة"، مطالبا بإضفاء ليونة أكبر عليه مع حماية العمال، وعبّر عن ترحيبه بالحوار الاجتماعي الذي أصبح دوريا ومنظما في إطار الثلاثية خلال السنوات الأخيرة، مؤكدا على أهميته في وضع قوانين يجمع عليها كل الشركاء.