أقل من شهرين تفصلنا عن المحطة الفاصلة..
ثقل سياسي، قانوني وأمني لإنجاح الموعد الانتخابي
- 605
في وقت لم يعد يفصلنا فيه عن تاريخ تنظيم الانتخابات الرئاسية سوى 53 يوما، تشهد التحضيرات المؤطرة لهذا الاستحقاق ديناميكية متسارعة، موازاة مع الحركية التي تشهدها الساحة السياسية بين مؤيد لإجراء الانتخابات ومعارض لها، غير أن التوجه العام ينبئ بحتمية تنظيمها في ظل تواصل عملية سحب استمارات اكتتاب التوقيعات التي بلغ أصحابها إلى حد الآن 145 راغبا في الترشح، علاوة على الانتهاء من عملية تنصيب كل منسقي المندوبيات الولائية التابعة للسلطة الوطنية للانتخابات عبر 48 ولاية، والتي تزامنت وانتهاء عملية المراجعة الدورية للقوائم الانتخابية تحسبا لهذه الرئاسيات.
ورغم تباين المواقف بين داع لتنظيم الانتخابات ومطالب بتأجيلها، إلا أن كل المؤشرات توحي بأن هذا الاستحقاق من شأنه تكريس توجه جديد في الممارسة السياسية من منطلق أنه يتزامن والتحولات الجديدة التي تعرفها البلاد، بدليل أن النقاش الدائر بين التيارين المتباينين، يلتقي عند التأكيد على أن الانتخابات هي الحل الأنسب لإنهاء الأزمة أو بداية لحلها، بغض النظر عن الاختلاف حول موعد إجرائها في أقرب الآجال أو بعد توفير ظروف أحسن لتنظيمها، في وقت انتقلت فيه مطالب الحراك منذ تحديد موعد الانتخابات الرئاسية منتصف الشهر الماضي، من رفض الانتخابات إلى اشتراط "رحيل رموز النظام السابق لتنظيمها، مع رفض ترشح هذه الرموز".
غير أن العديد من المتتبعين للشأن السياسي يرون أن تبني مثل هذا الموقف من شأنه أن يكرس سياسة الإقصاء في وقت يعطي الدستور الحق لأي شخص تتوفر فيه الشروط القانونية للترشح لمنصب رئيس البلاد، معيبين على الحراك عدم تقديم مرشح له رغم مرور أشهر من انطلاقه بشكل عفوي بالملايين. وأثار البعض تساؤلات حول إمكانية أن يكون هذا الحراك مخترقا، بفعل محاولة توجيهه إلى مطالب معينة.
ويبرر مؤيدو تنظيم الاستحقاق الرئاسي موقفهم بالضمانات التي توفرها الهيئة المستقلة لتنظيم الانتخابات، فضلا عن اعتبارهم هذه الانتخابات فرصة ثمينة لدحر التزوير من خلال المشاركة المكثفة ومن ثم فرض رغبة التغيير عبر صناديق الاقتراع من خلال اختيار المترشح الأنسب، في حين يرى آخرون أن الخمس سنوات المقبلة ستكون بمثابة مرحلة انتقالية لإعادة بناء مؤسسات الدولة بعد انتخاب رئيس الجمهورية، تتبعها إصلاحات سياسية تؤسس لجمهورية جديدة مثلما يطالب الحراك.
وإلى غاية يوم الخميس الماضي، سحب 145 راغبا في الترشح للانتخابات استمارات اكتتاب التوقيعات، وهو اليوم الذي استكملت عدة محطات هامة في مسار العملية الانتخابية، على غرار الانتهاء من عملية تنصيب كل منسقي المندوبيات الولائية التابعة للسلطة الوطنية للانتخابات عبر 48 ولاية والشروع في عملية تكوينهم حول القواعد الجديدة للعملية الانتخابية، حتى يتمكنوا من القيام بمهامهم في الميدان.
كما انتهت في نفس اليوم عملية المراجعة الدورية للقوائم الانتخابية، وهي العملية التي انطلقت يوم 12 أكتوبر الجاري طبقا لأحكام القانون العضوي المتعلق بنظام الانتخابات، حيث كانت النتائج الأولية لعملية المراجعة الاستثنائية للقوائم الانتخابية قد كشفت عن تسجيل 128 ألف مسجل جديد في القوائم الانتخابية وشطب 40 ألف حالة وفاة سجلت على مستوى البلديات، بالإضافة إلى 75390 ملف خاص بتغيير الإقامة.
وفي ظل تواصل حركية التحضير للموعد الانتخابي، يواصل نائب وزير الدفاع الوطني، قائد أركان الجيش الوطني الشعبي الفريق قايد صالح طمأنة الشعب الجزائري في كل مرة بالتأكيد على توفير الضمانات الكافية وأحسن الظروف لتنظيم هذا الاستحقاق، فضلا عن تعهده بـ"عدم تزكية أي مرشح"، من منطلق أن "عهد صناعة الرؤساء قد ولى".
ففي خطابه الأخير، بحر الأسبوع الماضي، شدد الفريق على ضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية القادمة في موعدها المحدد واصفا إياها بـ"الموعد الحاسم".
وإذ حذر من أي محاولات لعرقلة هذه الرئاسيات، أعرب نائب وزير الدفاع الوطني عن يقينه بأن "قطار الجزائر قد وضع على سكة صحيحة وآمنة، وتم توجيهه نحو الوجهة الصائبة التي يرتضيها أخيار الوطن، بفضل التظافر المشهود والثقة العالية المتبادلة بين الشعب وجيشه الذي كان بمثابة الحامي له من العصابة وأذنابها".
ويتبين من تطورات المشهد السياسي خلال الأسبوع المنصرم، أن الاتجاه العام يقود إلى إنجاح محطة الرئاسيات والإقرار بتسجيل مشاركة معتبرة في هذا الاستحقاق بناء على تصريح نائب وزير الدفاع الوطني الذي نوّه في كلمته الأخيرة بالإقبال الكبير للشباب على التسجيل في القوائم الانتخابية في عدة ولايات، موازاة مع وضع الحكومة كل ثقلها السياسي والقانوني والأمني لإنجاح هذا العرس الانتخابي.